نتعرض أحيانًا في الحياة إلى ظلم بيّن من الآخرين، أحيانًا يتم اتهامنا بالتقصير رغم أن السبب كان خارجًا عن إرادتنا، وأحيانًا يظنوا بنا السوء رغم أننا لم نقصد ما حدث.
هل ندافع عن أنفسنا ونبرر ونجادل أم نلتزم الصمت؟
هل ندافع عن أنفسنا ونبرر ونجادل أم نلتزم الصمت؟
أحياناً لا ينفع الجدال والتبرير، بل قد يزيد الوضع سوءًا، بالنسبة لي حالياً أفضل الصمت وإثبات كل شيء بأفعالي حيث وجدت أن كثرة الكلام والتبرير بالأخص لأشخاص متمسكين بوجهة نظرهم لا يفيد في شيء بل أخرج منها بخسائر فادحة في الوقت والجهد.
ولكنني في الوقت نفسه لا أدعو إلى ذلك، فللشخص حرية اختيار الطريقة المناسبة للدفاع عن نفسه إما بالصمت والأفعال، أم بالحديث والتبرير إذا وجد فيهم فائدة، لا أدعو للسكوت عن حقك ولكنني في الوقت نفسه أفضّل التعامل مع الأمر بحكمة أكثر حتى لا نضع أنفسنا في موقف الضعف، لذلك فالأمر يعتمد على مدى معرفتك بالطرف الآخر وتقييمك للوضع والمشكلة.
إن تعرضنا لسوء الظن أمر وارد في حياتنا، حتى تجد أقرب الأشخاص لك، يفسرون أفعالك أو أقوالك بطريقة خاطئة!
هناك بعض الحالات من الأفضل لنا أن نلتزم الصمت، وخاصة في تلك الحالات التي تكون فيها المواقف لا تؤثر على حياتنا سلباً، فمثلاً إذا كان هناك موقف بسيط بينك وبين عائلتك أو أصدقائك، ليس له تبعات أخرى، علينا أن نلتزم الصمت، ولكن في الوقت نفسه، علينا أن نفاجئهم بأفعالنا، ونثبت لأنفسنا قبل أي أحد ، من نحن فعلا!
ولكن إذا كان هناك تأثير على حياتنا، وقام مثلا أحد الزملاء في العمل باتهامنا بالتقصير، وجب الدفاع عن أنفسنا بكل ثقة وصدق ،حتى لا يتأثر تقييمنا في العمل أو ما شابه ذلك.
موضوع التبرير أو الصمت، هو موضوع نسبي، وكما يقولون أيضاً: "لكل مقام مقال"
فهناك بعض المواقف يجب علينا التزام الصمت، ومواقف أخرى تجبرنا على الدفاع عن أنفسنا.
يعود الأمر للشخص الذي يعيش الموقف، ونظرته للأمر!
فهناك بعض المواقف يجب علينا التزام الصمت، ومواقف أخرى تجبرنا على الدفاع عن أنفسنا.
بالفعل قد يكون الصمت هو الخيار الأفضل في بعض الحالات، مثل الوقت الذي يتطلب فيه الأمر تفكيرًا أو دراسة قبل اتخاذ قرار، أو في حالات عدم الاستجابة لمحاولات التحريض أو الإثارة.
ولكن أرى بأن توجد الكثير من مواقف أخرى تجبرنا على الدفاع عن أنفسنا ومواقفنا، ويجب علينا الإفصاح عن رأينا والدفاع عن حقوقنا بكل حزم. في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الرد الصريح والواضح هو الأفضل، خاصة في حالات التحرش أو الإساءة أو الظلم الواضح.
على حسب الموقف، وعلى حسب ما سوف نجنيه منه. على سبيل المثال، لا يحب أبدًا أن نضع أنفسنا عرضةً للنقاشات أو الجدالات التي تقع أمام أعيننا يوميًّا على منصّات التواصل الاجتماعي مثلًا، والتي تمثّل الكثير من الأزمات النفسيّة لدى عناصر المجتمع. يجب أن نتجنّب المعارك التي لا تكبّدنا سوى مشاعر الغضب والعنف ضد المجتمع من حولنا، في حين أنها عديمة القيمة ولا تظهر سوى معادن أشخاص لا نعرفهم.
عندما يتعلق الأمر بالمواقف التي نشعر فيها بالهجوم أو التحدي ، فمن الطبيعي أن نشعر بالحاجة إلى الدفاع عن أنفسنا والرد.
ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن يكون اختيار البقاء صامتًا أداة قوية أيضًا. باختيار عدم الانخراط في نقاش ، يمكننا منع الموقف من التصعيد ويمكننا أيضًا أن نمنح أنفسنا الفرصة للتفكير في أفكارنا ومشاعرنا قبل الرد. يمكن أن يكون هذا مفيدًا بشكل خاص في المواقف التي قد نشعر فيها بالعاطفة أو التحفيز بشكل خاص، حيث أن التراجع وإعطاء أنفسنا مساحة يمكن أن يساعدنا على الاستجابة بهدوء أكبر وتفكير.
لذلك يعتمد خيار التحدث أو الصمت على الموقف وقيمنا وأولوياتنا الشخصية. قد يكون من المفيد قضاء بعض الوقت في التفكير فيما هو الأكثر أهمية بالنسبة لنا، والنظر في العواقب المحتملة لكل خيار قبل اتخاذ القرار.
هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه بشكل عام، فهو يعتمد على الحالة والموقف والشخص. فقد يكون الدفاع عن النفس والتبرير والجدال مفيدين في بعض الحالات، وقد يكون الصمت والتجاهل مفيدين في بعض الحالات الأخرى.
وبشكل عام، أنا أفضل أن أتبع هذه المبادئ:
فإذا كان الظلم يأتي من شخص مهم بالنسبة لي، مثل صديق أو قريب أو زميل، فأحاول التواصل معه بشكل هادئ وصريح، وأوضح له رأيي ومشاعري، وأستمع لرأيه ومشاعره. أحاول أن أفهم سبب تصرفه، وأن أصل إلى حل مقبول للطرفين.
أما إذا كان الظلم يأتي من شخص غير مهم بالنسبة لي، مثل غريب أو عابر، فلا أضيع وقتي أو طاقتي في الدفاع عن نفسي أو التبرير أو الجدال. فقد يكون هذا شكل من أشكال إطعام السلبية والكراهية. بدلاً من ذلك، أحافظ على هدوئي وأحترامي، وأتجاهل تصرفه، وأستمر في حياتي.
ولكن إذا كان الظلم يؤثر على حقوقي أو سمعتي أو مصالحي، فأحاول استخدام الطرق القانونية أو المهنية لإثبات حقي وإزالة الظلم. فقد يكون هذا شكل من أشكال المطالبة بالعدالة والحفاظ على كرامتي.
هل ندافع عن أنفسنا ونبرر ونجادل أم نلتزم الصمت؟
التعامل مع الظلم والاتهامات الباطلة يعتمد على الوضع والظروف والعلاقة مع الشخص الذي يقوم بتوجيه هذه الاتهامات. يمكننا التعامل مع مواقف هكذا :
قبل أن تقرر إذا ما كنت ستدافع عن نفسك أو تلتزم الصمت، حاول تقييم الوضع بعناية. اسأل نفسك إن كان هناك حاجة حقيقية للرد وإثبات صوابك، أم أن الوضع قد يستدعي الصمت لعدم تصعيب الأمور.
قد يكون الصمت أحيانًا أفضل استراتيجية لتجنب تصعيب الأوضاع أو تفاقم المشكلة. قد تكون بعض الاتهامات غير قابلة للتفنيد أو الاستجابة لها، وهنا قد تكون الصمت خيارًا مناسبًا.
إذا قررت الرد، حاول أن تكون حكيمًا في اختيار كلماتك وطريقة تعاملك. تجنب الاندفاع والعصبية وحاول أن توضح وجهة نظرك بصورة هادئة ومعقولة.
في بعض الحالات، يمكن أن يكون الاتصال المباشر مع الشخص المعني هو أفضل طريقة لتوضيح الأمور وحل الاحتكام. إذا كنت قادرًا على التحدث مع الشخص بشكل مباشر وهادئ، فقد يكون ذلك أكثر فعالية من المجادلات العلنية.
في أي رد فعل تختاره، حاول أن تبقى صادقًا وموضوعيًا. لا تلجأ للتزييف أو الكذب في محاولة لتبرير نفسك، بل قدم الحقائق والحقيقة بصدق.
الأمر يختلف مع كل موقف ومع كل شخص؛ فانظر مثلًا لشخص مهما تكلمت معه لن يفيدك، أرجح حينها عدم الجدال والابتعاد تمامًا عن التعامل مع الشخص؛ فهو سيسبب لك الأذى فقط.
وهناك أحدهم منهار من شيء وتحدث معكي هكذا بسبب انهياره؛ وهذا ليس مبرر ولكنه يتطلب منك تحمله في هذا الوقت والتحدث معه لاحقًا بعدما يهدأ.
وهذا موقف بينك كموظف وبينه كقائدك؛ فيجب ألا تلتزم الصمت لكن الحوار تعتمد فيه على الـsoft skills حتى لا تخسر عملك.
وهكذا تتعدد المواقف والحلول؛ ففكر في كل الظروف قبل التصرف، وأمهل نفسك الوقت الكافي للتصرف الصحيح.
التعليقات