قيمة الصمت وأثره في الخلافات ينهي الخلاف أم يزيد الموقف سوء؟

مؤخرا أصبحت أفضل الصمت تماما في وقت الخلافات، فكثيرا ما كنت أرد ردودا عنيفة ومهينة للغاية في أوقات الخلافات وهو ما كنت أشعر بالذنب تجاهه بعد انتهاء النزاع، الأمر لم يكن سهلا في البداية لكن مع الوقت أصبحت أكثر تحكما في غضبي بحيث أنني بمجرد أن ينشب الخلاف مع شخص أصمت تماما إلى أن يهدأ كلانا ثم نناقش الخلاف بهدوء تام. كما أنني أتذكر أحد أقاربي الذي أخبرني من قبل أنه لتجنب قول أي شيء أندم عليه في أوقات الشجار يجب أن أحرص ألا أقول أي شيء قبل التفكير فيه لخمس ثوان على الأقل حتى أتأكد من أنه أمر يصح قوله في هذا الموقف

شخصيًا، لا أفضل الصمت كرد فعل في أوقات الخلافات والصراعات، بل إنه يستفزني بشدة ويجعل الأمور أكثر تعقيدًا بالنسبة لي، فقد يؤدي إلى زيادة حدة المشكلة ويدفعني أحيانًا لاتخاذ ردود أفعال قاسية، وبدلاً من ذلك أؤمن بأهمية النقاش البناء والعتاب الصادق كوسيلة للتعبير عن المشاعر وتوضيح وجهات النظر، وبرأيي تبادل الآراء والحوار الهادئ يساهم في تفادي سوء الفهم ويقود إلى حلول فعالة ترضي جميع الأطراف.

أحيانًا يحتاج الموقف وقت الخلافات إلى رد فعلٍ بالقول أو الفعل، ولكن الصمتُ في مثل تلك المواقف هو الأفضل والأسلم، وبعد أن تهدأ وتفكر في الأمر فقد ترى أن الأمر لم يكن يستحق الغضب من الأساس، ومن ناحية أخرى ستعطي الشخص الآخر فرصة ليهدأ وعندها سيأتي للاعتذار عما بدر منه.

وإذا لم يفعل فحينها سيكبر شأنك في نظره، بأنك لم تردّ عليه وقت غضبه ولم تهنه وآثرت الصمت.

الصمت ممدوح بالتأكيد، لكن ليس دائمًا. أرى أن كل موقف له ما يستلزمه من رد، سواء كان بالصمت أو بالكلام اللين أو بالكلام اللاذع، بالشدة أو بالرحمة، وهكذا.. فالموقف هو الذي يحدد الأسلوب الأفضل للرد.

دائمًا ألاحظ أننا نفكر في تلك الأمور وقت الحدث فقط، لماذا لا نكتشف طباع أنفسنا مسبقًا ونسعى في تعديلها وضبطها، حتى إذا وقفنا في موقف معين، تمكنا من إدارته بطريقة لائقة، وخرجنا منه بدون أو بأقل الخسائر الممكنة؟

بصراحة، الصمت له فوائد كبيرة وخصوصًا إذا كنت تعلم أنه إذا تكلمت قد تقول كلامًا تندم عليه.

ولكن ليس من الصحيح أن تلتزم الصمت في كل المواقف.

فالأفضل من التعبير بغضب أو من الصمت هو التحدث حتى وإن كنت غاضبًا مع القدرة على إخفاء ذلك وإظهار أنك هادئ. إذا وصلت إلى هذه المرحلة، فقد وصلت إلى أعلى درجات الرشد والحكمة. وقادر على السيطرة على مشاعرك

هذا أمر نسبي ففي كثير من الأحيان يكون الصمت فهمه هو نوع من التجاهل وعدم الاهتمام أو السخرية بأن المتحدث ليس ذو قيمة فيكون الصمت حينها سبب في زيادة الخلافات والانشقاق ، واحياناً يكون العكس حيث يكون الصمت هو امتصاص للغضب وتهدئة الأجواء ، وهذه التقنية يعود تقييمها للشخصين الواقع الخلاف بينهم في تقدير ما إذا كان الصمت هو لامتصاص غضب أو لزيادته ، ولكن في الشائع الكلام في حالة الغضب يفسد الكثير من الود مثل الحالة التي وقعت بها ، فهناك كلمات قد تتسلل للسان تفسد الكثير من العلاقات دون أن تشعر حتى بأنك قد تكون نطقت بها.

الصمت والهدوء يحل مشاكل كثيرة ولكن ليس دائما ، بعض الاحيان يعتبر الصمت نوع من انواع التجاهل ويتسبب بمشاكل أكبر خاصة اذا كان هناك وضوح وعشم بين الاطراف ، التوازن مطلوب في كل شيء بحسب المواقف ، فهناك مواقف يجب ان تكون حاسما وتتكلم وتقطع الشك باليقين خاصة المشكلات الادارية في العمل فهذا ليس خطأ ، وهناك مشاكل يفضل فيها الصمت بين الاقارب والاصدقاء المقربين لأن السكوت هنا يحفظ الود هذا ما اعتقد والله أعلم.