لماذا نبالغ في قيمة ما نملكه أكثر من قيمته الحقيقية؟

لماذا يعتقد المالك أن قيمة ما يمتلكه أكبر مما لدى المالك المحتمل؟ أو بمعنى آخر لماذا نقدر قيمة ما نمتلكه أكثر من الآخرين؟

أعتقد أن الأمر يتم التفكير فيه من ناحية تجارية بشكل كبير ، فالكل عندما يسعى لبيع أي منتج يحاول أن يحصل على أكبر مبلغ أو عائد من خلال بيعه ، أيضًا يكون هنالك اعتقاد لدى المالك أن المشتري يسعى للحصول على المنتج بأرخص قيمة ممكنة ، فعندما يقدر قيمة ما يملكه بسعر أعلى يكون التفاوض من أجل النزول إلى سعر أقل يكون فيه منفعة للمشتري كذلك .

لماذا نقدر قيمة ما نمتلكه أكثر من الآخرين؟

ربما بسبب الشعور بالانتماء لما نملكه مما يرفع من قيمته تجاهنا ، هناك الكثير من الأشخاص يكون لديهم ذلك الشعور للأماكن التي يعيشون فيها والملابس التي يرتدونها والأدوات التي يستخدمونها .

لماذا نبالغ في قيمة ما نملكه أكثر من قيمته الحقيقية؟

أعتقد أن تأثير الهبة هذا يا هدى من أهم المواضيع الأساسية في علم النفس السلوكي، وله علاقة بالجانب الإقتصادي كذلك، يطلق عليه كذكل بتأثير الإمتلاك ويمثل الإنحياز الذي يجعلنا نقدّر قيمة ما نمتلكه أكثر من قيمته الحقيقية، من بين الأسباب التي أراها:

• الإرتباط العاطفي والذكريات التي نصنعها مع ما نمتلكه، والتي تزيد من قيمته في نظرنا.
• الخوف من الخسارة أو التغيير، والذي يجعلنا نفضّل الحفاظ على ما لدينا على المجازفة بالحصول على شيء جديد أو مختلف.
• التّحامل على آرائنا وافتراضاتنا، والذي يجعلنا نظن أن ما نمتلكه هو الأفضل أو الأجود، وأن الآخرين سيشاركوننا هذه التقديرات.

هو أننا نقع في حب ما لدينا وهذا بسبب الذكريات التي صنعناها 

أتفق مع هذه النقطة حتى أنها كانت أول ما فكرت به وأنا أقرأ التساؤلات في المساهمة، فبالتأكيد ستختلف نظرة من قضى وقتاً كافياً في استخدام شيء ما عمّن لم يستخدمه ولا حتى مرة واحدة. ولكن من هذا المنطلق أليس الأصوب هنا أن المالك المستخدم للشيء هو الشخص الذي يعرف قيمته الحقيقية بينما المشتري تقييمه للشيء قاصر ومبني على أساس يراعي حدود ميزانيته لا أكثر ولا أقل ؟ ألا يمكن أن يكون المشتري هو المخطئ وهو الذي قلل من قيمة الشيء بشكل غير مبرر؟

سؤالي هنا، هل يمكننا أن نتحكم في المبالغة في قيمة ما نملكه؟ وكيف ذلك؟

أعتقد هنا أنه ينبغي أن نردّ الشيء إلى مثله في السوق، مثلاً سيارة مستعملة لمدة 4 سنوات يمكننا البحث عن سيارات شبيهة بنفس المواصفات ونرى بكم بيعت وكيف تم تقييمها ونبني على هذا الأساس، دون الحاجة إلى المبالغة والزيادات العالية.

في الواقع، عندما أحتاج بيع شئ ما وأحب معرفة قيمته الحقيقية أسأل مجموعة من الأشخاص الذين أعلم عنهم الصدق وعدم الانحياز والذي لم تربطهم أي صلة أو عاطفة سواء بالإيجاب أو بالسلب مع الشئ الذي أريد معرفة قيمته؛ وذلك لأنهم سينظروا للشئ بنظرة مجردة خالية من الانحياز العاطفي تماما، وبالتالي سيعطو الشئ قيمته الحقيقية من وجهة نظر المشتري المحتمل

لا أتفق مع هذا التناول يا هدى، فالعملية لا تعتمد هنا على فكرة الرابط العاطفي على الإطلاق، وإنما تعتمد على الحس التجاري الخاص بالعرض والطلب، ناهيك عن مختلف وجهات النظر التجارية التي تصب في قدرة صاحب الشيء على المفاوضة. إنه ببساطة يضع حدًّا للمفاوضة من قِبَل المشتري، فهو يعمل على تحسين سقف المبلغ المدفوع حتّى يستطيع أن يتفاوض على مبلغ مرضٍ. أمّا فكرة الرابط العاطفي فلا أرى أن لها مكان فيما يتعلّق بالبيع والشراء. وإنما محلّها الطبيعي في رأيي يطون لدى الأشخاص الذين يتمسكون بالشيء ويرفضون فكرة بيعه من الأساس.

إنه موضوع شائع بالفعل. إعتقاد المالك بتقييم المنتج المالي أكثر من واقعية القيمة. و لكن كيف يمكننا أن نتحكم في المبالغة في قيمة ما نملكه:

أولا: تحييد العاطفة و المشاعر

ثانيا: وضع نفسي مكان المشتري

ثالثا: البحث عن سعر و قيمة المنتجات المتشابهة و المماثلة

رابعا: وضع القيمة الحقيقة بتجرد كامل عن مشاعرنا و طبقا للبحث السابق.

أعتقد أنّ التحكّم بهذا الأمر بشكل كلّي قد يكون صعبا إذ أنّنا نحدّد قيمة الأشياء في الجزء اللاواعي من ذاتنا. ولكن إذا أردنا تحديد القيمة بشكل عقلاني فإنّ الأمر ينطلق من التفكير بالقيمة الفعلية (العينية) لهذا الشيء من خلال سعره في السوق. من ثمّ علينا ان نتذكر أنّ السعر المبالغ الذي نطرحه هو مرتفع لأنّنا نحدد قيمته من خلال ذكرياتنا وتجربتنا مع هذا الشيء. ويلي ذلك أن لا ننس أنّنا كبشر أكثر ما نجيده هو صناعة ارتباط عاطفي مع أي أمر وبناء سيل هائل من الذكريات. ولذلك عندما نأخذ هذه الأمور بعين الاعتبار يصبح الاستغناء أسهل .

للاسف كثيراً من الناس لا يقدرون على التحكم في المبالغة في قيمة ما يمتلك لانه عندما يكون لدينا شيء نمتلكه، فإننا غالبًا ما نميل لتقديره بشكل أكبر مما يفعله الآخرون. هذا النمط العاطفي الطبيعي يعتمد على عدة عوامل نفسية واجتماعية موجودة كثيراً في أغلب الناس مع أختلاف طباعهم وجنسياتهم

ومع ذلك، فيمكننا التحكم في هذا السلوك العاطفي إلى حدٍ ما عن طريق توجيه الانتباه إلى الأمور الحقيقية والموضوعية المتعلقة بالقيمة المادية للممتلكات. قد يكون من المفيد أن نسأل أنفسنا أسئلة مثل

"ما هي الفوائد الحقيقية التي سأحصل عليها من بيع هذا الشيء؟"

و"هل يستحق التضحية بالذكريات العاطفية للحصول على قيمة مادية أعلى؟"

بالتفكير بشكل موضوعي وتحليلي، يمكننا أن نقترب من تقدير قيمة ممتلكاتنا بشكل أكثر عقلانية.

أعتقد أننا يمكننا تجاوز هذه الظاهرة بالتحليل الذاتي والتفكير النقدي. يمكننا أن نسأل أنفسنا ما إذا كانت تلك القيمة المبالغ فيها تعكس الحقيقة أم أنها مجرد تأثير للعوامل النفسية والاجتماعية.

ولكن بشكل عام يجب أن نتذكر أن قيمة الأشياء ليست فقط في الماديات وإنما في الفوائد والسعادة التي تقدمها لنا. يمكننا التحكم في التقدير المبالغ فيه لما نمتلكه من خلال التوازن بين العواطف والمنطق والنظر إلى الأمور بشكل أكثر واقعية وموضوعية.