وأنا أشاهد حلقة من حلقات برنامج المسامح كريم، كنت في صراع نفسي شديد. كنت أترقب رد فعل تلك الفتاة العشرينية القاهرية على ما تعده خيانة ذلك الشاب الصعيدي. كان منكسراً وقد جاء يطلب عفوها ويترضاها ويعوضها عن كل ما مرت به من ألم نفسي جزاء خيانته. ولكن، هل ما قام به الشاب خيانة؟ ومتى كان الوفاء للعادات والتقاليد خيانة؟!!  بعضنا يراها هكذا وآخرين يعدًونها وفاءاً بمتطلبات العادات والتقاليد المرعيًة لاسيًما في مجتمع محافظ كصعيد مصر.

لما توفي أخو الشاب كان عليه أن يتزوج زوجة أخيه الأرملة. وإلا فمن للأطفال اليتامى ولحمه وعِرض الأخ المتوفي؟ فللأرملة حق في الزواج ولكن من يسترها ويأوي إليه أطفال أخيه لحمه ودمه غير الأخ الأعزب؟ هو أولى بهما وهم أولى به من الغريبة!!  هكذا قضت العادات والنخوة الصعيدية فرضخ الشاب. لما وضعت امرأة أخيه حملها من أخيه المتوفى، دار صراع نفسي رهيب داخله بين وفاءه لحبيبته مخطوبته السابقة وبين التزامه بالعرف القائم. وكوني عشت فترة هناك فأنا أعيً صرامة التقاليد ومدى قسوتها.

في الأخير، انتصر حبه الأول على العادات وراح يطلب رضى مخطوبته التي عدًت ما فعله خيانة لا تُغتفر. غير أنيً صدمت قبل أن ينصدم المسكين!! تباً لتلك الفتاة القاسية!! لم ترحم كبرياؤه المنكسرة أمام ملايين الناس وقالت له بلسان الحال والمقال: عد من حيث أتيت ولتنفعك التقاليد. كان قد تركها سنة، فهل برأيكم سنة كفيلة بأن تمحي حب سنين وخطبة؟ هذه الحكاية ذكرتني بقصة روميو وجولييت غير أن الأخيرة رقت لمحبوبها.

 جالت بخاطري أسئلة كثيرة أهمها: من الظالم ومن المظلوم: الشاب ام الفتاة؟ هل ظلمته العادات والتقاليد أم ظلم نفسه بخضوعه لها ابتداء؟ أم ظلمته خطيبته برفض الرجوع إليه؟ شاركوني بآرائكم فتلك القصة تتكرر كثيراً