في هذه الحياة نمر بمحطات . ويرافقنا عبرها اصدقاء نلتقي بهم في طريقنا . يشاركونا بعض اهتماماتنا. ويفهمون مانرمي به في حديثنا. نشعر بدفئ الود بالقرب منهم. لانك تكون معهم كما انت مع نفسك بدون شروط الأدوار . كدور الاب مع الابن او الزوج مع الزوجه. نتحدث مع الاصدقاء عن ما يجول بخواطرنا ومشاعرنا بلا شرط او قيد . وجود الاصدقاء امر مهم لصحة الانسان فقد توصل باحثون فى جامعة هارفارد الأمريكية إلى أن سر السعادة يكمن فى "الأصدقاء الجيدين"، وذلك من خلال دراسة أجروها عبر 80 عاما . ولكن قبل ان ابدا الحديث عن الصداقة اريد ان ابدأ بسؤال عن معنى الصداقة في هذا الزمن المتسارع . زمن ثورة الاتصالات والمواصلات . حيث تصبح في بلد وتمسي في بلد اخر . تلتقي بالعشرات او ربما بالمئات في اليوم الواحد . زمن يجعلك تستطيع التواصل مع من يبعد عنك بآلاف الاميال . هل غيرت هذه الثورات التكنلوجية من مفهوم الصداقة لدى البشر؟ هل لابد من الصداقه ان تصمد بصدق حتى النهاية. ام ان البشر يعبرون ويبتعدون عندما تبتعد محطاتهم ومصالحهم عنا . هل نستطيع ان نسمي علاقة المصلحة بالصداقه. فجميع العلاقات ترتبط بمصالح مشتركة . حتى علاقة الام مع ابنها . فالطفل الصغير يتعلق بأمه حتى ترعاه وعندما تكبر الام وتشيب يحين دور الابن برعاية أمه . نجد هنا انه يوجد مصلحه فطرية متبادلة . ولكنها عاطفيه . وهذا هو الفارق بين الصداقة الحقيقية و علاقة المصلحه . التي عندما تنقطع المنفعه تنقطع الصحبه . علاقة يغلفها الحب والاحترام ولكن عند الشدائد يتبين غير ذالك . عند الحاجة اليهم لا تجد لهم اثر . وكأنهم خلقو ليتواجدو فقط في المناسبات السعيده .

يعطيكَ من طرفِ اللسانِ حلاوةً

ويروغُ منك كما يروغُ الثعلبُ"

فأصحاب المصلحه يقيسون علاقتهم بالاخرين بمقياس الربح والخسارة. ويرون الصداقة على انها اجابة لسؤال ماذا استفدت منك؟ وهل لديك ما يبقيني على تواصل معك؟  

إِذَا المَـرْءُ لاَ يَـرْعَـاكَ إِلاَ تَكَلُّفـاً

فَـدَعْهُ وَلاَ تُكْثِـرَْ علَيْـهِ التَّأَسُّفَـا

اين نحن من صداقة ابو بكر الصديق عندما جاء للنبي بمذقه من لبن فناولها للرسول ، وقال له: اشرب يا رسول الله، يقول أبو بكر: فشرب النبي حتى ارتويت !!

هذا هو المعنى الحقيقي للصداقه . هذا هو مشهد الايثار الذي نفتقر إليه في هذا الزمن للاسف .

الصديق الحقيقي هو الذي تتوافر الشروط الثلاثه ان تعتمد عليه عند الحاجه و اللذي تستطيع ان تتحدث اليه بكل عمق و حريه و أمان ومن تستمتع بقضاء وقتك معه. يقول الاديب جبران خليل جبران ‏"لا تُطلق مسمى الصداقة على كُل عابر يمر بحياتك حتى لا تقول يوماً الأصدقاء يتغيرون".

وفي الختام استطيع ان أقول بأن الصداقة الحقيقيه كقمة الجبل الشاهق لا يستطيع ان يتسلقها ويصل اليها الا الاوفياء.

ممدوح بن محمد السهلي