دائماً ما تكون الكواليس هي السر الكامن خلف النجاحات العظيمة، وبعض كواليس القصص تكون أكثر إثارة من القصة نفسها، فكم مرة سمعت عن كاتب دخل في حالة نفسية بسبب الرواية التي يكتبها؟ وكم مرة سمعت بروائي أعجب بشخصية صنعها وتعلَّق بها تعلقاً شديداً وحقيقياً تماماً وكأنها شخصية حقيقية يعرفها وتعرفه؟..

فعندما تحدث مثلاً أيمن العتوم عن كواليس كتابة رواياته، يقول أنه يصاب بشئ يشبه الجنون، يكلم نفسه..يصاب بأرقٍ شديد وقلة في النوم..يمشي وحيداً في الطرقات وهو يهذي..يصنع محادثات خيالية مع أبطال روايته وكأنهم حقيقيون تماماً، هذا بالإضافة للعزلة الشديدة التي تمتد لتشمل أيام كاملة وهو قابعٌ في مكتبته يلتهم الكتب ويدون الملاحظات ويحتسي أطنان من القهوة!

بل يتعصب لأتفه الأسباب من فرط الضغط الذي يعانيه!

وهذا بعض مما عرفته من كواليس أيمن العتوم ، وأذكر كذلك حين تحدث الروائي المصري محمد طارق عن روايته "ديڤالو" قال أنه دخل في عزلة شديدة طوال أيام كتابة تلك الرواية، حتى يحافظ على الحالة النفسية له في تلك الفترة.

وهذا الضغط الغريب ليس فقط للكتاب ولكنه كذلك يأتي للممثلين الذين ملأهم الشغف وفاضت بهم نواحب الإبداع.

فهذا هو "هيث ليدجر" الممثل العالمي الذي عمل دور "الچوكر" ليعتاد شخصية الجوكر أحضر كل القصص المصورة التي لها علاقة ب "باتمان" وهو عدوه في الفيلم، ودرسها ودقق في كل تفصيلة فيها حتى يحيط بخفايا الشخصية التي سيقدمها وطبيعة علاقته بباتمان والتي سيراها الجمهور، حتى أنه قال في لقاء قبل وفاته بأنه حبس نفسه في غرفة في فندق من فنادق لندن ليتدرب على الشخصية، ووصل به تقمص الشخصية إلى أنه بدا للمخرج وزملائه مضطرباً حقيقياً لدرجة أنهم كانوا يخافون منه، كما صرح المخرج فيما بعد!

هذه الجدية المفرطة والتعامل الشديد مع النفس في سبيل إنتاج شئ فني جعلني أفكر لبعض الوقت في مدى أهمية هذا الأمر، هل هو ضروري فعلاً ؟ هل يستحق ان تأذي نفسك لتبدع؟ توقفت عن التفكير لأنه لم يتبدى لي رؤية اميل إليها، فكلا الرأيين له منطقيته الخاصة، لذا وددت مشاركة هذا الأمر معكم.

برأيك، لماذا يسعى الفنان للإبداع بأي طريقة حتى لو كان عن طريق إيذاء نفسه؟ وهل توافق على هذه الطريقة؟