بدأ إدراكي لذلك الأمر في سنٍ صغيرة، ربما في السنوات الأولى للمرحلة الإبتدائية، أذكر عندما كان الأستاذ يسأل تلميذاً سؤال ما ويُجيب إجابةً خاطئة، يعم الضجيج الفصل وتُرفع كل الأيادي طالبةً الإجابة عن ذلك السؤال، والبعض يستجدي الأستاذ ليختاره هو للإجابة عن ذلك السؤال الذي فشل زميله في الإجابة عنه.

في الحقيقة لا يمكن أن ننكر أن "حُبَّ التفوق" والظهور بمظهر المتفوقين شئٌ سئ، حتى لو كان ذلك على حساب فشل الآخرين، فلو لُمنا ذلك الموظف الذي استغل خطأ زميله وأظهر خبرته للمدير فإننا بذلك نظلمه، ونريد أن نغلق عليه طريق الترقية وزيادة الراتب وأشياء أخرى..رغم أني لا أطيق الإستغلال بأنواعه، ولكن واقعنا المادي الصارم يستدعي منا ذلك، فهو يفرض علينا أفكار مثل "انتهاز الفرص" و "استغلال أخطاء الآخرين لصالحنا"

قرأت في كتاب علم نفس منذ فترة ليست بالقريبة، أنه أفضل حيلةٍ لتحفيز الإنسان ليساعدك في عمل ما، أن تعمل ذلك العمل بنفسك بشكلٍ خاطئ ثم تقدمه له طالباً رأيك فيه، حينها بنسبة كبيرة سيساعدك في ذلك العمل، فهو في قرارة نفسه يريد أن يسعى للتفوق لاكتساب نظرة إعجاب منك على كفاءته أو ليكون في نظر نفسه متفوقاً عليك. وهذا في حالة أنه لم يكن يود مساعدتك لغرض المساعدة والدعم.

وكذلك فإنه على فيسبوك مثلاً تنتشر تلك الطريقة بين أصحاب المحتوى المقروء أو المسموع، ويتبعها الكثيرون من أولئك الذين يسعون إلى "الريتش" على وسائل التواصل الإجتماعي، فهم يتعمدون وضع رأيٍ مثير للجدل لتحفيز الناس على التعليق وبذلك يضمنون دعم خوارزمية فيسبوك على انتشار المنشور بصورة أكبر، أو ربما يضع معلومة خاطئة، فتتحفز أنت للسخرية منه في التعليقات والرد عليه بالمعلومة الصحيحة ومن ثم يستفيد هو.

استوقفني قبل فترة " قانون كانينجام "، لكن على ماذا ينص هذا القانون؟

"إن أردت أن تعرف شيئا ما لاتسأل، لكن أنشر الإجابة الخاطئة لأن الأشخاص على الإنترنت لايهتمون بمساعدتك بقدر مايهتمون بإظهار أخطائك و بأنهم أشخاص راقيون ويفهمون كل شيء ."

حسنًا...هذا هو نص قانون كانينجام والذي قرأته ورأيت أن الكثيرين يتبعونه حتى في الأوساط الثقافية، فمثلاً نجد أن كاتباً كبيراً في عصرنا الحالي يُقول عن أسلوب "الرافعي مثلاً" أنه سئ للغاية، أو يقول عن روايات ديستويفسكي أنها مملة ولا فائدة ترجى منها، أو نجد قارئاً قرأ رواية وأعجبته، فينشر مراجعة سلبية لها ليضمن الكثير من المتفاعلين المدافعين عن الرواية.

وسؤالي لك هنا عزيزي القارئ..وهو ينقسم لعدة أسئلة ستوضح لي الكثير من معالم شخصيتك؟

إلى أي مدى تعتبر "عدد المتفاعلين" على محتواك مهماً، وهل قد يؤثر قلة عدد المتفاعلين على استمرارك في الشئ الذي تقدمه؟ وهل قد يدفعك السعي نحو الإنتشار والشهرة إلى تطبيق "قانون كانينجام"، وما رأيك في هذا القانون؟