كم عدد الحوادث التي نسمع عنها في نشرات الأخبار يومياً؟!

لو سألت هذا السؤال نفسه منذ 10 أعوام، في الأغلب لكان بإمكانك تخمينها. الآن، أصبحنا في عصر كل يوم بحادثة جديدة، لدرجة اعتيادنا على الأمر. أدرك أن هذا الأمر موضع الكثير من الاستفهامات في عقولنا، مما يدفعنا لوضع مفارقات بين الماضي والحاضر. انعدام الآمان والعنف الأسري والاغتصاب والعدوان لم يأتوا هباءاً، وإنما من أُمية.

اعتدنا على سماع أمية القراءة، ورغم أن القراءة ليست شئ يهدد حياة الإنسان لكننا نشعر أن هذا الشخص بحاجة إلى أن يكون أفضل بتعلمه هذه (الإضافات). ماذا لو كنا مصابين بأُمية أكبر؟ أُمية المشاعر؟

ليس كل مُثقف ومتعلِم بمنأى عن الأمية الوجدانية، فنحن نعيش في مجتمعات تُحرِم وتحظِر المشاعر بالتعنيف والكبت، ووضعنا في إطارات ملزمين أن نشبهها، باسم العادات والدين _ ولا علاقة لها بالدين من الأساس _ من الطبيعي أن يتولد فيها القهر وانعدام التعاطف والأمراض السيكوماتية.

الأمية الوجدانية متأصلة في مجتمعاتنا، نتيجة لعدة أسباب:

- إهمال الأهل لمشاعر أطفالهم منذ الصغر.

- جهل الشخص بحقيقة مشاعره.

- صعوبة إدارة انفعالاته.

- ردود الأفعال السلبية غير المناسبة وتضخيم رد الفعل.

- عدم تقديرنا لمشاعرنا ومشاعر من حولنا، سواء برفضها وكبتها، أو مهاجمتها وكأنه من العار أن نشعر بهذه المشاعر.

- أحياناً خلل في عدم إدراك المشاعر. عندما سألوا أحد مجرمي الاغتصاب عن شعوره وهو يمارس العنف مع ضحاياه، قال أنه لا يشعر بمعاناة ضحاياه ولا بالقليل من التعاطف معهم، فكان من أهم طرق العلاج التي استُخدمت، وضع شريط فيديو لتكرار الموقف حتى يشعر الجاني بمعاناة الضحايا (العلاج بالصدمة).

- الأنانية التي تفشت بيننا وغياب مبدأ الإيثار، والعمل بحديث "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" جعلنا نريد كل شئ في صالحنا على حساب من نعيش معهم على أرضٍ واحدة، وغياب التعاون والمشاركة المجتمعية.

"إذا تعلمت منظومتك العاطفية شيئاً مرة واحدة، فلن يضيع أبداً" - جوزيف لو دو

الأمر ليس سهلاً، بل إن الأمية الوجدانية تُضعِف معدل التحصيل الدراسي؛ إذ إن الخلايا العصبية في المخ تنكمش وترفض أي استيعاب للمعلومات أو تخزينها، كما أن كفاءة العلاقات العاطفية والمجتمعية تنحدر، وتؤثر على الصحة النفسية؛ لذا نحن بحاجة ماسة لحياة انفعالية وجدانية إيجابية.

كيف أثرت عليكم أُمية المجتمع الوجدانية؟ وما الذي يمكننا فعله لمحوها؟