"أجمل انتصار على هذه الحياة أن يبقى أصحاب الطفولة، إلى الآن أصحابك."

كل أصدقائي المقربين تعرفت عليهم بسنوات الدراسة, بعضهم بالمرحلة الأساسية والبعض الآخر بالمرحلة الجامعية.

أغلب صداقات الإنسان طويلة الأمد تتكون بسن الطفولة وسنوات الشباب الأولى, وكلما تقدمنا بالسن كلما استصعبنا تكوين صداقات جديدة.

إن أعز أصدقائي زميل لي سابق بالصف السادس ابتدائي, وقد فصلتنا بعدها سنوات من الدراسة بمؤسسات مختلفة لنعود ونلتقي مجددا بآخر سنة بالثانوية, وقد كنا نذكر بعضنا البعض بأحداث المرحلة الابتدائية, بعد ذلك فصلتنا مؤسسات أخرى بعد الثانوية وحدوث مشاحنات سخيفة فيما بيننا, لنلتقي مجددا بعد أن نضجنا وتصير صداقتنا أقوى من أي وقت مضى, ونحن الآن شركاء في العديد من الأعمال المهنية وغيرها.

أخبروني هل ما زال صديق الطفولة معكم؟

لا للأسف، فعلى ما أذكر من طفلتي، فقد كنتُ انطوائيًا أكثر من الآن بكثير، وهو الشيء الذي دفعني في معظم الأوقات إلى تغيير أصدقائي في العديد من الأحيان، بالإضافة إلى أنني لم أكن أتفق مع الكثير من أصدقاء الطفولة، خصوصًا مع مرور الوقت وبعد أن تغيّر كلٌّ منّا وسلك مساره في الحياة.

وما الذي تعتقدون أنه يميز الصداقة كعلاقة إنسانية عن غيرها من العلاقات؟

ما يميّز هذه العلاقة هو قدرتنا على الاختيار، فبالرغم من أننا جميعًا نقدّس العديد من العلاقات الإنسانية في حيواتنا، فإن هنالك مذاقًا خاصًا لعلاقة الصداقة له تأثيره الساحر على الدوام، ويتأتّى هذا التأثير من قدرتنا على اختيار الآخر، فهو ليس شقيقًا أو أبًا أو أمًّا أو ما شابه. إنه الشخص الذي شعرنا بالارتياح تجاهه، أو ربطنا به موقف طريف، فقررنا أن نقضي المزيد من الوقت المرح معه.

للأسف أغلبهم فصلت المؤسسات بيني وبينهم

أخبروني هل ما زال صديق الطفولة معكم؟

كانت لدي صديقة من المرحلة الثانوية تقريبًا الأول الثانوي، كانت من أفضل الصديقات لدي، استمرت في الجامعة ولكن بعد الانتهاء من الجامعة بسنة تقريبًا. افتقدت التواصل معها لظروف خارج عن ارادتنا. الان لا أعلم عنها أي شيء. هناك أصدقاء في العمل سابقًا. ولكن برأيي لا يمكن أن تكون هذه العلاقات ولو بشيء قليل من علاقتي مع صديقتي في مرحلة الدراسة.

وما الذي تعتقدون أنه يميز الصداقة كعلاقة إنسانية عن غيرها من العلاقات؟؟

نقاء العلاقة وتغيبب المصلحة الشخصية ، تشعر بأن هذا الشخص كأنه أخيك أو أختك التي لم تلده أمك، الوثوق به، أيضًا استمرارية الصداقة.

مازلت احتفظ بصداقت منذ ان كنت في سن المراهقة في اواخر الثمانينيات من القرن الماضي. وقد تطورت هذه الصداقة بين شد وجذب مع تطور شخصياتنا وتجاربنا طوال اكثر من 30 عام واستطيع القول انه تحدي كبير بالاحتفاظ باصدقاء الطفولة وان كانت ايجابية.

جميل جدا هذا المحتوى، بالفعل لدي صداقات مع اشخاص منذ الطفولة ومنذ الصفوف الدراسية الاولى، وتوزعنا في الحياة منا الوزير ومنا رئيس البلدية ومنا الطبيب والمهندس والصيدلي والمدرس والقاضي والمحامي .. افتخر بتلك الصداقة التي دامت الى اليوم، وأحفز ابنائي على اختيار الاصدقاء الجيدين لانهم يشكلون لهم ذكريات جميلة معهم وسوف يستفيدون من علاقتهم لاحقا.

ما يميز تلك الصداقات انها بنيت اولا على الفطرة وعلى المحبة ولم تتلوث بملوثات الحياة. ولعلني اتذكر الان مقولة لصديقي قالها لي بعد ان التقيته منذ غيابه 18 عام.

قال لي: " نغيب اجسادا ولا تغيب الارواح، نبتعد في معارك الحياة ونلتقي في محطات القطار وكأننا لم نبتعد أبد".

أخبروني هل ما زال صديق الطفولة معكم؟

للأسف لا بل إن صداقات الطفولة قد انتهت بشكل محزن، لكن لدي الآن صديقات قلوبهن أنقى من الماء .

وما الذي تعتقدون أنه يميز الصداقة كعلاقة إنسانية عن غيرها من العلاقات؟؟

أعتقد أن ما يميز الصداقة الحقيقية هو استمرار بلا شروط، ومشاعر بلا قيود، وصدق في كل التعاملات، وتفاهم وتقارب شخصيات، وحضور في أهم لحظات الحياة وفي أقلها أهمية، والعذر عند التقصير، والنصح عند الخطأ، والإيثار .

كلها صفات إن توفرت فهي تعني أنك أكثر شخص محظوظ في هذه الدنيا بحصولك على صديق لمدى الحياة .

وإنني أرى تداخل الصداقة مع مفاهيم أخرى لا تشبهها شوهتها في نظر الكثيرين وجعلتهم ينفرون منها، كالمصالح والإستغلالية وعدم الوفاء والإستبدال، فهناك من يستبدلون أصدقائهم ومن وثقوا بهم كما يستبدلون ملابسهم بأخرى.. بهذه السهولة !!

مرحباً زينة ..

لا خلاف على ما تقولين ، لكن أظن تبعاً لتجاربنا الشخصية قد تختلف نظرتنا لمفهوم الصداقة .

من موقعي و تجربتي أعدها مواسم ومراحل و مواقف ، فأصدقاء الطفولة غير المراهقة و غيرهم لفترة الجامعة و ما بعدها ، حتى و إن كنت أحمل بقلبي كل الود لأصدقاء الطفولة إلا أن تواصلنا محدود جداً و مقتصرة حالياً على القليل من أصدقاء الجامعة و العمل .

ذكرت سابقاً أنها مواقف ، فمن وجهة نظري ظروف الحياة تؤثر على مدى الترابط و التوافق في العلاقات بين الأصدقاء ، فلم أكد أصل يوماً لمرحلة أجد فيها صديق بمثابة فرد من العائلة إلا ووجدتني مخطئة و لا أحد يصل لهذه المرحلة دون رابطة دم .

مع ذلك أجد الحياة جافة جداً و بائسة و مفقرة بلا أصدقاء ، حتى و إن كنت أعلم أنهم مرحلة و سيختفون يوماً..

مع الاسف لا، الكثير منهم غيروا جدريا حياتهم، هناك من انتقل لمكان اخر للعيش فيه، وهناك من توفي،وهناك من اصبح لديه مسؤوليات عائلة.

والكثير منهم مازالت اتذكر ملامحهم في الصغر ولكن لو التقيت بهم لن استطيع التعرف عليهم.

لكن من الجميل ان يكون الشخص محتفظ بصديق من طفولته، اذا يعد هو اكثر انسان ينجح في التعرف على احزانه والامور التي تقلقه من ملامح وجه وتصرفاته غير طبيعية.