زيادة عدد السكان أمر قد يكون مخيفًا لموارد هذه الأرض، لكنَّ خالقهم تكفَّل بهم وبرزقهم، وتعالى سبحانه أن يضعنا في أرض ليس فيها ما يكفينا من ضروريات العيش.

لكنّ زيادة السكان في عصر الانترنت والسرعة له خطورة أكبر من هذه بكثير، خطورة يُسميّها الكاتب والمُفكِّر سيف البصري بـ "حجم الجموع الهستيرية على سطح هذا الكوكب وتبعات ردود أفعال هذه المليارات."

قبل مئة عام لم نكن نتجاوز الملياري نسمة. اليوم نحن على مشارف الـ ٨ مليار إنسان، أغلبنا يمتلك هاتفًا رقميًا ويرغب باستهلاك المتاح والسفر والتعبير عن مزاجه. ٨ مليار نسمة على بعد ثواني وصور بسيطة من الهسترة والتحشيد العاطفي والتنافس على الانتباه.. وهذا ما يخفيني أكثر! تذكّر أن أكبر حروب القرن العشرين وثوراته قد نشبت بفضل تحشيد عواطف الجماهير تحت أكثر الشعارات هبلًا. - سيف البصري.

الخطورة تنبع من سهولة وصول هذه الجموع التي لم تشهدها البشرية للانترنت، وبالتالي سهولة نشرهم للمعلومات. وكما تعرف أنَّ الجموع يؤثِّر عليها التحشيد العاطفي كثيرًا، هذا التحشيد كان وصفة لكثير من الحروب في الماضي.

المشكلة الأكبر أنَّ الحشود تتنافس فيما بينها على رصد الخبر ونقله، هذا التنافس يجعل السرعة في نقل معلومة ما أهم بأضعاف من دقتها ومصداقيتها.

لينقل الناس المعلومات الخاطئة، ما الضير؟ ألن نعرف الصواب أخيرًا؟ المختصر: كلّا.

في عصر الانترنت والأخبار العاجلة، من يُريد أن يُهيمن على الرأي العام عليه أن يسبق الجميع، السرعة كما يُعبِّر سيف "هي دولار البورصة الرقمية"

لذلك فمن يُريد السيطرة على السوق الرقمي للأخبار عليه أن ينشر سريعًا، أيَّ شيء، المهم أن يكون بسرعة. وعندما يُهمين الناشر السريع، تكون عنده أفضلية فرض الرأي.

وبينما تحاول التحقق من حقيقة ما، تتجاوزك فوضى المعلومات بمئات المعلومات الجديدة حتى تشظّي انتباهك ليخدر ويستسلم لأي فرضية متاحة. ففي النهاية، واجباتك الروتينية وحياتك في عجلة الهامستر لا تنتظر.