يطلق مصطلح الأوبريت على المسرحية الخفيفة التي تجمع بين الحوار العادي بين الشخصيات والمقاطع الغنائية والموسيقية التي تعالج موضوع الحوار بأسلوب موسيقي مرح، وقد ظهر الأوبريت نتيجة للملل الذي أصاب الجمهور من القوالب الأرستقراطية الجامدة للأوبرا الجادة، ففي بداية القرن الثامن عشر قام مؤلفوا الأوبرا بإدخال ما يسمى "أنترميتزو" أو الفواصل الموسيقية بين فصول الأوبرا التقليدية، لتخفيف حدة الأحداث المأسوية والألحان الحزينة لدى المتفرجين، حتى يستطيعوا إستكمال العرض، وبالتدريج تحولت هذه الفواصل الموسيقية إلى نوع فني مستقل بذاته، وكانت البداية عندما كتب "بيرجوليزى" أوبريت "عندما تقوم الخادمة بدور السيدة" عام 1733، وتم تقديمه كفاصل مرح بين فصول الأوبرا الجادة، وبسبب جاذبية هذا النوع من المسرح الموسيقي، كتب له جان جاك روسو أوبريت "كاهن القرية" عام 1753.

إستطاع الأوبريت التأثير في الأوبرا الكوميدية والرومانسية وأيضاً الكوميديا الموسيقية التي تعتبر إمتداد للأوبرا الكوميدية، لدرجة أنه أصبح من الصعب على النقاد التفريق بين الأوبريت والكوميديا الموسيقية، إلى أن إتفقوا على أن الكوميديا الموسيقية أكثر مرحاً وخفة ودعابة من الأوبريت، وقد استمر الأوبريت بشكله التقليدي حتى عشرينات القرن الماضي، قبل أن تطغو عليه الكوميديا الموسيقية وتحل محله.

أما الكوميديا الموسيقية فكانت تكتب في بدايتها للممثلين الذين يجيدون الغناء بشكلٍ عام، والغناء الأوبرالي بشكل خاص، مثل "حسناء نيويورك" في أمريكا، و"سكان أركاديا" في إنجلترا. أما بعد الحرب العالمية الأولى فسيطرت البساطة والخفة والحركة السريعة من خلال الرقصات الساخنة على الكوميديا الموسيقية أكثر من ذي قبل، مع التركيز على العنصر الكوميدي أكثر من الرومانسي، وإستمر هذا الحال إلى أن ظهر عرض "قارب الإستعراض" الذي كتب كلماته "أوسكار هامر ستاين"، ووضع موسيقاه "جيروم كيرن" وتم عرضه عام 1928، أسس هذا العرض لنوع جديد من الأوبرا الفولكلورية الخفيفة، وأكد على قدرة الأوبريت أو الكوميديا الموسيقية على إستيعاب المضامين الدرامية الجادة، بشكل يجمع بين الجدية والتسلية في آنٍ واحد، حيث أصبحت الأغاني تشكل جزءاً عضوياً في البناء الدرامي، فلم تعد مقحمة بين حوار الشخصيات كما كان من قبل.

إزدهر هذا النوع الجديد بعد الحرب العالمية الثانية، وتغير ميول الجمهور جراء الحرب، وأصبح يطلق عليه عمل موسيقي musical فقط بدون كلمة كوميديا، ومن أشهر أعمال هذه المرحلة "أوكلاهوما" لهامر ستاين عام 1943، و"قصة الحي الغربي" عام 1957.

ولكن هذا التغيير لم يستمر طويلاً، إذ عادت الموسيقي الكوميدية لسالف عهدها وأكثر، إعتمد صناعها على الإثارة المفتعلة، كمشاهد العري والجنس المكشوف، وكانت بدايتها عرض "سيدتي الجميلة" 1956، ثم تجلت في عروض مثل "هير" و"أوكلكتا" وغيرها طوال فترة السبعينات من القرن الماضي، ومن أكثر البلدان التي شاع بها هذا النوع، الولايات المتحدة الأمريكية.

وللأسف حاول القائمين على المسرح المصري تمصير تلك الأعمال الكوميدية الموسيقية الأمريكية، فعرضت المسارح المصرية "سيدتي الجميلة، قصة الحي الغربي، كاباريه، صوت الموسيقي" وغيرها من المسرحيات الموسيقية التي لا تمت للتراث المصري بصلة، بالرغم من الأمجاد التي حققها عمالقة المسرح الغنائي في مصر، من أمثال سيد درويش، وسلامة حجازي، وداود حسني، وكامل الخلعي.

ومن أشهر الأوبريتات المصرية "قولوا له، فشر، العشرة الطيبة، البربري في الجيش، راحت عليك، أم أربعة وأربعين" وغيرها لسيد درويش. و"الليالي الملاح، الشاطر حسن، أيام العز، البرنسيس، الفلوس" وغيرها لداود حسني وأخرين من رواد المسرح الغنائي أو الأوبريت في مصر.

هل شاهدتم أوبريت من قبل؟ وأي نوعٍ تفضلون... تعريب الأعمال الأجنبية أم إبتكار أعمال عربية خالصة؟

جزء من أوبريت العشرة الطيبة لسيد درويش