نحكم بموضوعية شديدة على المواضيع التي تخص الآخرين، لكن هل يمكننا أن نتعامل بنفس هذه الموضوعية وبنسبة مائة بالمائة في شيء يخصنا؟
أعتقد أن الأمر في غاية الصعوبة، ونحن نحكم على الآخرين في المواضيع التي تخصهم، أو نعطي رأينا على موضوع ما متعلق بالآخر، لا نفكر إلا بعقولنا، نكون خارج الموضوع وبالتالي نكون أشخاص حيادية، فيبدو الأمر في منتهى العقلانية والهدوء.
أما في المواضيع التي تخصنا فإن العقل وحده لا يحكم، غالبًا ما تتدخل العواطف في الأمر، فيحدث خليط بين الجانبين، فيكون هناك بعض الحكم غير الموضوعي وغير العقلاني.
وتوضح الكثير من المواقف الحياتية التي تمر علينا هذا الفرق، تذكري معي كم مرة طلبت منك صديقتك أن تقولي رأيك في علاقتها مع خطيبها أو زوجها في مشكلة حدثت بينهم، كيف أنكِ أعطيتي لها رأيًا عقلانيًا بحتًا، وحتى لو لم تستطيعي تقديم هذا الرأي لها، سيكون دار في عقلك على الأقل، ستستنكري كثيرًا لماذا لم تأخذ رد فعل قوي على هذه المشكلة، وكيف تسمح بهذه الإهانة.
وفي المقابل تذكري إذا وقعتي أنتِ في مشكلة مشابهة كيف تصرفتي حيالها؟ هل قمتي بنفس رد الفعل القوي والصارم الذي كنتي تتعجبين من عدم قيام صديقتك به؟ أشك في ذلك، ستأخذي بالطبع رد فعل لكنه لن يكون مجردًا تمامًا من المشاعر، ولن يكون بنفس القوة التي ظنني وأنتِ خارج الموضوع أنه يمكن أن تقومي به.
لذا يكون من غير العادل أن نحكم على الآخرين في أي شيء يخصهم طالما نحن لسنا طرفًا فيه، وكما يقول المثل الشعبي الشهير "اللي على البر شاطر"، بمعنى أن الشخص الذي يقف على الشاطئ لا يكون عليه أي عبء وتجده يقول لمن في منتصف البحر لماذا لا تفعل كذا وكذا.
هل تعرضت من قبل لمثل هذا الموقف، هل مر من حولك بتجربة وجدت نفسك تقول فيها إذا كنت في نفس وضعه سأقوم بكذا، ولما أصبحت في نفس موقفه لم تستطع أن تقوم بما كنت تقول؟
التعليقات