أحياناً أسأل نفسي: لماذا أنا هكذا؟

لماذا لا أملك القدرة السحرية على أن أُفهَم من أول كلمة، مثل بعض الناس الذين يتكلمون تفاهات، ومع ذلك يصفّق لهم الجميع؟

لماذا حين أتكلم بصدق، يبدو الأمر وكأنني أكتب رواية معقّدة لا يفهمها أحد؟

لماذا رحل من رحل عن حياتي؟ لماذا تُغلق الأبواب في وجهي بسهولة، بينما أظل أنا واقفاً مثل الحارس الأمين أمام أبواب الآخرين؟

ولماذا الناس يتحدثون كثيراً، وكأنّ ألسنتهم تعمل بالطاقة الشمسية، بينما عقولهم في إجازة مفتوحة؟

أنا لا أفهم… لماذا لا يفكّر أحد قبل أن يرمي كلماته نحوي؟ كأنني جدار للتجربة الصوتية. ثم، لماذا أظلّ أفكّر في كلمة واحدة قيلت لي قبل خمس سنوات، بينما قائلها ربما الآن لا يتذكّر حتى ما تناول على العشاء البارحة؟

ولماذا، بالمناسبة، لا أملك زراً لإيقاف عقلي عن الأسئلة؟ أحياناً أشعر أن دماغي مصنع صغير للأسئلة الوجودية، يعمل 24 ساعة بلا إذن، بلا عطلة، بلا حتى قهوة.

لماذا أضحك على نفسي أحياناً وسط هذه الفوضى؟ ربما لأن الكوميديا هي الدرع الوحيد الذي أملكه أمام هذا العالم. أبتسم وكأنني فهمت، بينما في داخلي لا أزال أصرخ: "لماذا؟".

لكن… لعلّي أحتاج هذا السؤال أكثر مما أظن. لأنه يحميني من أن أصبح شخصاً خاملاً. لأنه يجعلني أبحث، أفتّش، أكتب، وأضحك من غرابتي.

ربما "لماذا" ليست عدوّي… بل صديقي المزعج، الذي يجرّني دائماً إلى مواجهة نفسي،

حتى لو كنت أهرب.