تعلّم مهارة التبسيط من "القوى الخارقة" في جعبة الكاتب الماهر. عندما تُبسِّط، تستطيع أن تجذب أكبر عدد ممكن من القرّاء.

مع قدرة على التبسيط، تستطيع فهم المواضيع المعقّدة، ثمَّ تقدِّمها على طبق مهضوم للقارئ. ستكون لك قدرة على كتابة مواضيع أكثر عددًا وتفصيلًا وجودة.

إذن كيف نتعلَّم التبسيط؟ هناك نصائح عديدة، منها بداية الجمل بفعل وفاعل ببساطة، لا تحاول أن تعقّد الأمر على القارئ وتكتب الكلمات مبنيةً للمجهول (1)

لكن من النصائح الفريدة في مجالها، هي نصيحة روبرت تشالديني في كتابه Pre-Suasion وهو رجل يقتاتُ على إقناع قرّاءه ومتابعيه، وهو من الذين استخدمهم باراك أوباما في حملته الانتخابية الثانية لاقناع المصوّتين.

خلال عملية كتابة الكتاب الأول لتشالديني، كان يتنقّل بين الكتابة في مكتب في الجامعة التي يعمل فيها، وبين شقّة يسكن فيها، ولاحظ بعد شهر أنَّ الكتابة التي تكون في الشقّة هي أفضل بكثير من مكتب الجامعة.

ما الذي حدث؟ ما الذي جعل الكاتب نفسه يقوم بكتابة نصّين يختلفان بالجودة؟ يعزو روبرت تشالديني هذا إلى البيئة المحيطة به، ويسمّيها "التأثير الجغرافي"

عندما كان في مكتبه في الجامعة، كانت النافذة تطلُّ على بعض المباني الجامعية، تلك التي يربطها العقل بالأكاديميا، وعلى المكتب هناك كتب وأبحاث متناثرة. هناك إشارات مستمرة لعل الكاتب لأن يدوِّن بطريقة فكرية مقعّدة أكثر.

الناتج النهائي كان شيء يعسرُ فهمه على عامة الناس -وهم الذين كان الكتاب مُوجهًا لهم- ولم يكن يفهمه إلّا روّاد تلك الجامعة أو من يشابهونه في الخلفية الفكرية.

لكنّه حينما كان في شقته المُستأجرة، كانت النافذة تطلُّ على المارة وبسطاء الناس، كانت الجرائد والمجلّات على الطاولة بدلًا من الكتب والمصادر. كانت الإشارات لعقل تشالديني أن يكتب شيء يُشابه البيئة الموجود فيها.

عاد الكاتب إلى شقّته وراجع كل الذي كتبه في الجامعة، ثمَّ عدّله إلى طريقة أبسط، تلائم الجمهور الذي كتب الكتاب لأجله.

هذه الخدعة الجغرافية تتعدّى ميدان الكتابة، ويُمكن الاستفادة من ترتيب البيئة الجغرافية للتسويق والإقناع، عن طريق تخيِّر وتنقية المحفّزات والإشارات والروابط، واستغلالها لما يخدم العمل المطلوب.