حسنا ماذا أفعل في هذا المجتمع؟ لا أعرف ما المجتمع المناسب لكن لا يهم. كتبت هذه الكلمات عندما كان عمري 14 عاما و صححها لي أستاذي في اللغة العربية، أحببت أن أشاركها معكم لأخذ أرائكم عن الأسلوب و ما شابه :))

الكتب، لا يراها البعض إلا أوراقا رثة مترعة بكلمات و جمل لا تزيد عن طلاسم مبهمة. و يراها من فهم عمقها و حقيقتها سر الحياة أجمعُ و سلاح الامرئ أقواهُ، يراها الصديق المخلص و الجليس المؤنس. فيصبح لأسطرها عاشقا متيما و بين صفحاتها رحالة متنقلا و لعبقها العتيق مدمنا متلهفا؛ فالكتب كنزه الأبقى و ثروته الكبرى.

و على أحر من الجمر، تبصره ينتظر تلك اللحظة التي يفتح فيها كتابه، فينغمس حتى أذنيه في قراءته، متخيلا غلافه جناحي صقر بديع سيحملانه في رحلة ليس في الوجود أحب له منها.

و بين سراديب تلك الأوراق المصفرة، و دهاليز تلك الأسطر العميقة، يدخل عالمه الجديد رفقة أنيسه. لتستقبله سماء العلم بشأبيب من الثقافة تغذي عقله الجائع، و بمفردات جديدة تثري قاموسه اللغوي. و رغم ذلك، فطمعه عظيم و مستضيفه كريم، لا يبخل عليه قط بزيادة نسبة ذكائه و عبقريته و سرعة بديهته و فطنته، أو بفضخ شخصيته و إعانته على فهم شخصيات الآخرين.

و من بعيد، يلمح طيور المعرفة بشتى أشكالها، فذلك شحرور اجتماعي، و ذاك عندليب اقتصادي، و الآخر كروان علمي أما الآخر فطاوس حضري، و هناك فلامينجو سياسي أما هناك فبلبل ديني، و غيرهم كثير. كلها تزقزق و تشقشق مشرئبة لاستقبال هذا الزائر الوفي بتغريدها الفاتن المرهف.

أما الصدمة المفجعة بحق له، هي حين يعود إليه الصقر مكروبا ولهانا ينبئ بنهاية الرحلة ليرجعه إلى عالمه الواقعي. هناك حيث يستثمر ما تعلم و يستغل ما تلقن. لكن تعود إليه بهجته حين يدرك أن كتب العالم لن تنتهي و رحلاته مستمرة في الزمان و المكان.

هذا هو سحر الكتاب و لذة القراءة لمن عرفها حق المعرفة.