من القصص التي قرأتها مؤخرًا وأثرت فيّ بشدة، قصة طفل كانت والدته متوفاة ووالده يسيء معاملته ويعاقبه بطرق قاسية تفوق احتماله. مرة، رأت عائلة جده جسده مليئًا بالكدمات، وعرفت أن والده يعتدي عليه، فقررت أن تأخذه منه. كان بإمكانهم الفوز بالقضية قانونيا، لكن المفاجأة أن الطفل نفسه رفض.. وقال أنه يريد البقاء مع أبيه، وأنه يُعاقَب لأنه يستحق!

في كتاب "الجسد لا ينسى"، يشرح د. بيسل كولك أن الطفل، حين يتعرض للإساءة من والديه أو من هو مسؤول عن رعايته، لا يقابل ذلك بالكره دائما كما قد نتوقع.. بل قد يزداد تعلقه بهم، لأنهم في نظره مصدر الأمان الوحيد.

ولكي يحافظ على هذا المصدر، يطور عقله آليات دفاعية: ينكر ما حدث، أو يبرره، أو يلوم نفسه. لكن الثمن باهظ، يكبر وهو يشعر أنه أقل قيمة، أو أن الحب مشروط دومًا برضا الطرف الآخر، وقد يعيد إنتاج النمط نفسه في علاقاته لاحقا.. فيرتبط بمن يؤذيه، لأنه في لاوعيه، ربط الأذى بالحب منذ طفولته.

إذا كنا نحن الكبار نجد صعوبة في قطع علاقة مؤذية، فكيف بطفل يرى أن مصدر الأذى.. هو نفسه مصدر الحب والأمان الوحيد الذي يعرفه؟!