كنت أحاول أن أكتب عن نفسي.

أمسكت القلم كأنني أمد يدي نحو مجهول أعرفه منذ وُلدت، لكني لم ألمسه يومًا.

وما إن وضعت أول حرف، حتى رنّ إشعار في هاتفي:

"تحليل شخصيتك بناءً على سلوكك الرقمي جاهز!"

للحظة، شعرت أنني تأخرت.

كيف تجرّأت الآلة أن تعرفني قبلي؟

كيف تنبأت باهتمامي، وخوفي، وترددي، وأنا لم أجرؤ بعد على مواجهة نفسي في المرآة؟

هل أنا حقًا "أنا"؟

أم أنني فقط نسخة رقمية، تَكوّنت في سيرفر بعيد، يعرفني أكثر مما أعرفني؟

لماذا نربط واقعنا دائمًا بالمخرجات النفسية؟

كنا قديمًا نحاول أن نُرضي الناس لنصنع لأنفسنا صورة محترمة راقية، أما الآن، فالوضع اختلف تمامًا.

أصبح اهتمامنا ينحصر في خلق صورة تُعجب "الخوارزميات"، تعرفها السوشيال ميديا وتُصدّرها للناس.

فهل ما نراه عن أنفسنا هو حقًا نحن؟ أم مجرد صورة مصنوعة لأجل القبول؟لماذا لا أستطيع التحدث مع والدي، وأستطيع الحديث مع شات جي بي تي؟

إلى هذه الدرجة وصلنا في البعد عن أنفسنا والذين من حولنا؟

لماذا عندما نحتاج إلى دعم نفسي، نبحث في آراء الغرباء على الإنترنت؟

هل نحن فعلًا بهذا التعقيد، أم أن العالم هو من صار لا يفهمنا؟

هل الأمور فعلًا بسيطة ونحن من نُعقّدها؟ربما آن الأوان لأسأل نفسي:

من أنتِ؟

ما الذي تبقّى منكِ تحت كل هذه الأقنعة، تحت كل هذه الصيغ؟

هل تعرفين لماذا خُلقتِ؟ أم تهتِ في زحام المقارنات ومقاطع الريلز؟

هل ما زال لكِ صوت؟ أم أضعتيه حين حاولتِ أن تُشبهي الآخرين؟

يبدو أننا أهملنا ما خُلقنا لأجله.

سلسة مقالات سأكتبها قريباً في مدونتي وأتطلع بشغف لسماع ارأئكم