"الجمالُ ليسَ خاصيّة في ذات الأشياء، بل في العقل الذي يتأملها"..!
هذا ما توصل إليه ديڤيد هيوم في بحثه حول طبيعة الحكم الجمالي، فلطالما اهتمت الفلسفة بشكل عام، وعلم الجمال بشكل خاص ـ بعد خروجه من عبائتهاـ إهتمّا بالبحث في طبيعة التجربة والحكم الجماليين؛ ولهذا دارت العديد من النقاشات والدراسات عبر التاريخ، واُنتجت العديد من النظريات الجمالية، وكان الهدف الرئيسي لمعظمها هو الإجابة على تساؤل.. هل الجمال صفة أصيلة موجودة بالشيء في ذاته، أم أنه انطباع ذاتي يتكوّن لدى الذات المدرِكة لذلك الشيء؟... وللإجابة على ذلك السؤال انقسمت الآراء لإتجاهين رئيسيين: ـ
ـ الاتجاه الأول: يُرجع الجمال إلى "سمات موضوعية" توجد في الظاهرة الطبيعية أو في العمل الفني ذاته، وبشكل مستقل عن تجربة الناظر أو المتأمِل!.. ويعتبر أفلاطون وأرسطو، من أبرز رواد ذلك الإتجاه..
- أما الاتجاه الثاني: فيرى أن الجمال ينبع كليا من تجربة الإنسان الجمالية، فهو شيء ما يحدث في ذهن الفرد المدرِك للجمال؛ وبالتالي يُعتبر الجمال أمرا ذاتيا بحتًا، ولا علاقة له بطبيعة الشيء الجميل نفسه!.. ومن أبرز رواد ذلك الاتجاه، ديڤيد هيوم، وإيمانويل كانط..
كذلك قام العديد من المفكرين بمحاولات كثيرة للتوفيق ما بين الاتجاهين، أو إنتاج اتجاهات أخرى، مثل كل من سانتيانا، ودينيس دوتون...
حسنا، فلنكتفي بهذا القدر من النظريات المتضاربة، ولنحاول تكوين رأينا الخاص في هذا الأمر.. فلنفترض أننا جلسنا مثلا، نتأمل منظر الغروب أو البحر، أو أننا استمعنا لمقطوعة موسيقية أعجبتنا ووصفناها بالجميلة..
فبرأيكم من أين يأتينا ذلك الشعور بالجمال؟.. أهو إنعكاس لجمال موضوعي داخل تلك الأشياء في ذاتها أم أنه انطباع ذاتي تكون لدينا عنها؟.. أم أن لديكم تفسير آخر؟!
التعليقات