بعد أيام مضنية من الصيام خرج أغلب الناس من رمضان غير راضين عن  جمال أجسادهم، فإما أنه زادوا سمنة أو زادوا نحافة، وسيرى الجميع تقريبا أنهم زادوا قبحا بالضرورة أو على الأقل فقدوا شيء من جمالهم، وسيأجج هذا القلق من فقدان الجمال يوميا وسائل التواصل وسباق المشاهير والمأثرين لعمليات التجميل التي أصبحت من بديهيات هذا العصر.

في كل تاريخ الفلسفة كان الجمال هو واحد من أعمدة القيم البشرية الثلاثة ( الحق والخير والجمال) وهي أساس للحكم على معظم الأشياء التي نعيها، لكن كان دائما السؤال ماهو الجميل أصلا؟ وماهي صفات الجميل التي اذا توفرت فيه اعتبرها الجميع جميلا؟

الجميل في المعيار الاجتماعي هو صاحب صفة جسمانية معينة، كبروز أجزاء من الجسم أو كبرها كالعين أو الصدر والحوض للنساء والأكتاف والعضلات للرجال...الخ، والجميل في رأي أرسطو هو الوسط في كل شيء، أي أن الجمال هي مجموعة صفات في الشيء عندما تظهر بطريقة ما تصبح جمالا، لكن المشكلة هي ما الذي يجعل هذه الصفات جميلة؟

يقول كانط في نقد ملكة الحكم بأن الانسان هو مصدر الجمال، وليس الشيء نفسه هو الجميل، فطريقة نظرة الشخص للشيء هي التي تجعله قبحا او جميلا، والجمال لا يدرك بالعقل، بل بالذوق ولهذا تختلف نظرتنا الجمالية من شخص لأخر، فما يراه شخص جميلا، يراه الآخر قبيحا والعكس.

في الاستطيقا، الجمال هو التناسق والتناغم، مالذي يجعل مونيكا بيلوتشي أجمل نساء الأرض رغم أنها لا تملك مقومات الجمال الغربي مثلا(شعر أشقر+عين ملونة) في نظر علم الجمال هي تملك كل مقومات الاتساق والتناغم مع ذاتها، لذلك الجمال ليس واحدا أو له صورة معينة، فالجمال في قصة بائعة الكبريت هي قسوة البرد وبؤس الحال، والجمال في قصة هاملت هي طريقة الانتقام للوالد المقتول، والجمال في الحرير هو نعومته، والنعومة في جسد الرجل بالنسبة للمرأة العربية مقلا قبح فيه..الخ، فالجمال هو يتسق الشيء مع ذاته وتتسق القصة مع ذاتها مع منطلقاتها ونتائجها، وفي القبح جمال أيضا إن تذوقته بجمالية، فالمرأة السوداء فائقة الجمال لمن يتمعن بذوقه فيها، عارضة الأزياء ويني هارلو المصابقة بالبهاق تعتبر اليوم قامة جمالية، والموناليزا نفسها التي وصفها بعض النقاد أنها تشبه الروح الشريرة التي تتعنا بعينيها هي اجمل اللوحات الفنية.

في رأيك ماهو الشيء الذي تعتبره جميلا، وما معيارك في الحكم على الشيء بأنه جميل أم لا؟ وهل يوجد الجمال أصلا في الواقع أم هو في عقولنا فقط؟