دعوني أعزائي القراء أعود بكم الى احدى نوستالجيا الجميلة، وهو مشاهدة ابي يشاهد برنامج الاتجاه المعاكس الذي يقدمه فيصل القاسم لسنوات طويلة، لقد كانت العائلة تجتمع كل جمعة او اثنين لكي تستمع بتناحر ضيفين يحاول كل طرف منهما ان يبيد الآخر، كل واحد منهما يعتقد أنه هو صاحب الحقيقة، وأن الأخر لا يعلم شيء عنها، وقتها بدأت بدأ الطفلة التي بداخلي تسأل ببراءة، ماهي الحقيقة؟ وهل يجب ان تكون الحقيقية عند واحد منهما فقط دون الاخر؟ لكن عندما كبرت وتعلمت، صرت أسأل هل توجد الحقيقة؟
فلسفيا الحقيقة حائق وليست حقيقة واحدة، اذ توجد الحقيقة الصورية التي هي الأفكار التي لا تناقض العقل، والحقيقة المادية وهي اتفاق الفكر مع الواقع المادي كالحقائق النفسية والفزيائية وكل ما تتناوله العلوم التجريبة، والحقيقة الواقعية، وهي التي تتفق مع العالم الخارجي الواقعي، والحقيقة العليا او الأبدية eternal وهي الميتافيزيقيات والغيبيات ، والحقيقة الموضوعية objective وهي المعرفة الإنسانية الموضوعية، الحقيقة الدينية وهي المعارف البرهانية الايمانية ذات علاقة بالالهة..الخ.
اتفق الجميع على ان يختلفوا حول الحقيقة في اصلها ونوعها رغم اتفاقهم على أنها الجوهر والأصل في كل شيء لكن بقيت بقيت طريقة النظر إليها تختلف من شخص لأخر، إذ يعتبر المتدينون أن الحقيقة في الوصايا والأحكام الدينية، بينما يرى الماديون أن الحقيقة في المادة، والتجريبون يعتقدون أم الحقيقة هي ما تنتجها التجربة، والبراغماتيون يعتبرون أن الحقيقي هو ما يحقق أكبر قدر من النفع، والعقلانيون يعتقدون أن كل ما يمكن الوصول اليه بالعقل فهو الحقيقة، بينما هناك من يعتقد ان الحقيقة غير موجودة أصلا وهي مجرد وهم وضعه البشر ليريحوا به أنفسهم... هذا الاعتقاد والتحيز لنتصور معين للحقيقة جعل الجميع يتمسك بصورته المثلى عن الحقيقة ويرفض البقية.
في رأيك لماذا نرى الحقيقة بمناظير مختلفة؟ وكيف للحقيقة أن تصنع الخلاف والعنف؟ هل توجد حقيقة فعلا؟ هل توجد حقيقة في كل شيء بالضرورة ام أن هناك أشياء لا تحتاج ان نمعن في حقيقتها بالأساس؟
التعليقات