تعلم قول لا


التعليقات

قد يلجأ الناس للإفراط بقول نعم من أجل إلتزامات أخلاقية معينة وأنها مرتبطة بحبل الحياء. وأعتقد أن التنشئة الشرقية التي تعتمد على طاعة ولي الأمر هي ما ألغت فكرة ماذا أريد؟ وأصبح معظم الناس ينفذون أمور لا تتوافق مع رغباتهم فقط لأن من يطلبها منهم أشخاصًا ذوي سلطة عليهم. في الأسرة مثلاً ستجد أن الكلمة العليا للأب ثم تليه الأم وطالما أن هذه الامور تطلب على هيئة أوامر مع عدم إمكانية النقاش في ذلك فهذا ما كانه له أثره المعقد على الكثير من الناس بحيث يتخلص من السلطة الأبوية فيقع ضحية سلطة معلميه في المدرسة ويصبح هذا الديدن السائد. لذا تجد أن أصحاب الشخصيات القيادة والذين يستطيعون قول( لا ) في موضعها هم أشخاص تربوا في بيئات ديمقراطية بعض الشيء وكان بإمكانهم التعبير عن رغباتهم و باستطاعتهم رفض أي أمر..

وصحيح أن قول( لا )مهم ولكن علينا أن نكون محددين وتعرف ماذا نريد ومتى نستخدمها وليس مجرد الاعتراض من أجل الاعتراض فهذا بحد ذاته أسوء من قول نعم .

الأمر ليس قاعدة، رغم اقتناعي أنه لا يجب على الانسان أن يرهق نفسه في العطاء لأن سيأتي وقت ويشعر بالضغط والاستنزاف، لكن هناك أشخاص يجدون سعادتهم فعليا بهذا العطاء ودون مقابل، وعادة هؤلاء الأشخاص يغلب الجانب العاطفي لديهم، المشكلة بالنسبة لهم أن الصدمة تكون كبيرة عندما يتم عكس الوضع ويكن هو من بحاجة الغير، وهنا قد يخذله الكثير على عكس توقعه لأن بعض الأفراد تتعامل مع العطاء غير المحسوب وكأنه حق مكتسب.

لكي تنجح في قول لا للآخرين بدون أن تجرحهم عليك أن تُظهِر بعض التعاطف معهم وتظهر لهم بأنك تتفهم الأمر ولكن ما بيدك حيلة فأنت لا يمكنك أن تساعدهم في الوقت الراهن ولا تنس بأن تخبرهم بأنك ستكون سعيداً بتقديم المساعدة لهم في المرة القادمة.

قول لا بدون جرح مشاعر الطرف الأخر يتطلب مهارة عليك أن تكتسبها

استمعت مرة لفيلم أجنبي يتحدث عن نفس هذه الفكرة، كان البطل يقول نعم لكل شيء، ولا يتمكن من قول لا، والنتيجة أنه كان يفعل أمورًا كثيرة كمشاهدة فيلم ما، الذهاب لمكان ما، ارتداء زي معين، تناول طعام لا يحبه ... الخ فقط لأن أشخاصًا طلبوا منه هذا وهو لا يتمكن من قول لا. اثر هذا على حياته الشخصية بالطبع، وعلاقته العاطفية وجعله غير سعيد من داخله.

ان قول لا مهارة يجب أن تكتسب، في البداية يكون قول لا صعب، وخاصة على من يشعر بتأنيب الضمير، وخصة في القلب إن اظهر من حصل على الرفض بعض الحزن بسبب هذه الـ (لا) ولكن مع الوقت يعتاد المرء، بعدما يدرك حجم النعيم الذي توفره هذه الكلمة له.

أنا من الأشخاص الذين يخشون الرفض من جهة، ولا يتمكنوا من قول لا من جهة اخرى.

فعلت امورًا كثيرة لا لشيء سوى انها طلبت مني، التصدق على الشحاذين الذين ندرك جميعًا عدم حقيقة وضعهم، شراء منتج لا يناسبني لا لشيء سوى أن شخصًا ما استجداني لشرائه، الاثناء على نوع طعام ما فأجبر على تناوله في كل مرة اقابل فيها نفس الشخص لا لشيء سوى اني لا اتمكن من قول لا اريد تناوله. شراء طقم ما لان صديقتي اخبرتني انه جميل ويجب عليا شراءه

انا الآن اقول لا لما لا يُناسبني، والنتيجة أن لا أحد تعجب من قولي لا، وتمكنت من فعل ما احب فقط، وما انا قادرة عليه وفقط.

بالطبع لا اقول لا دائمًا إن كان في مقدرتي فعل الشيء دون شعور بغصة أو غضب، افعل.

سأعلق بهذه الأبيات

مـن سَـيِّءِ الـحظِّ أنَّ الناسَ حَظُّهُمُ

مِـنكَ الـعَطاءُ، ومِـنهمْ حَـظُّكَ العَدَمُ

جَــرَّبْـتُ أكـثـرَهمْ دِيْـنًـا وأكـفـرَهمْ

ولـم أجـد غـيرَ شـيء اسـمُهُ الـنَّدمُ

نَمْ يا (ديوجين) إن الشمعَ قد نفَقتْ

ومـا عـلى الأرض يـومًا دَبَّ مُحترمُ

لا شـيءَ مـن مذبحِ الغاباتِ أطلقَهمْ

مُـسْـتَذْئبونِ بـنـو الأوحـالِ أو غـنمُ

والـذئـب لا يـتـعدّى وهـو مـمتليءٌ

أمّـا الـتُّرابيْ ولـو فـي بطنِهِ (نُقُمُ)*

دمُ الـخـطيئةِ يـجري فـي عـروقِهمُ

ومـا جـرتْ غـيرَ فـوق الألسنِ القِيَمُ

مـا قَـدَّسوا غـير سَـفَّاحٍ ومـا رَفعوا

إلا الــوَضـيـعَ لأنَّ الــقـاعَ أصـلُـهـمُ

ولـــم تُـغِـثْ نـمـلةً أيــديْ أئـمَّـتِهم

لـكـنْ عـليها بـطونُ الأرضِ تـزدَحم

مُــبَركَــنونَ، وأتــقـاهـمْ بــداخِـلـهِ

أضـعافُ مـا أشـعلَ النُّمرودُ تضطرمُ

وغـارقون إلـى الـهامات فـي خُـلِقٍ

يـصيب مَـن خـطرتْ في بالِهِ السَّقَمُ

لــمْ يَـقْوَ طـوفانُ نـوحٍ أن يـطهرَهمْ

فـكيف يَـطمعُ فـي تطهيرِهمْ قلمُ؟!

إنــي إلـى قـفصِ الـشيطانِ مُـتَّجِهٌ

فـكـمْ بــريءٍ لـديـهمْ وهْــوَ مُـتَّـهَمُ!

#حامد_جوينة

في بعض الأحيان يجب علينا قول لا، إذا كان في قول نعم ظلما بينا للنفس.

جهدك، تعبك، تضحيتك يستحقونها؟ هل سيردون لك الجميل؟ هل يقدرون تعبك من أجلهم

مثل هذه التساؤلات تشير إلى ان من يفعل الخير للآخرين هو في الحقيقة أناني ولا يقوم بذلك لأجل الخير مجردا.

فالذي يصنع الخير للإنسانية لا ينتظر مقابلا، وإنما يصنعه ثم ينساه.

إذا فعلت الخير لأجل مقابل فهذه ليست إنسانية، وإنما هو دين. ولا عيب أن تطلب من المدين تسديد دينك، لكن لا تقل أنك تفعل خيرا، بل قل إنني أصنع جميلا بفعل الخير.

الأهم من قول "لا" لمجرد تعميمها على أي شئ لا يناسبنا هو "القدرة على قول "لا"..هل يبدو الأمر متشابه؟ لا ليس متشابه يا أستاذ وائل

قد تستطيع أن ترفض بعض الطلبات التي يطلبها منك غيرك من الناس، سواء كانت طلب مساعدة أو قضاء مصلحة معينة، وقد تأخذ تلك قاعدة في حياتك، أنك تقول "لا" إن لم يكن مزاجك يريد فعل ذلك الشئ أو ربما لأسباب أخرى مثل الإنشغال وأن مثل ذلك قد يضيع وقتك الذي قد تستغله في شئ أهم، ولكن إن غيرنا تلك القاعدة وجعلناها أكثر مرونة ووافقنا على عمل بعض الأشياء التي تعطلنا مقابل قضاء مصلحة لقريب أو صديق او أي شخص لجأ إلينا، ليس حياءاً من الرفض أو خوفاً منه، بل لأنك تريد مساعدته ولو جئت على نفسك قليلاً مع أنك

"تستطيع أن تقول لا دون حرج"

فأنت بذلك ستكون أكثر مرونة وانسانية وتعاوناً.

أرى أنه من الواجب عليك حين يطلب منك بعض الناس عملاً او مصلحة ما، لا بد وأن تقبل ذلك منهم، وهذا لأنهم قصدوك أنت دوناً عن غيرك فليس من اللطيف أن تخذلهم. وهذا لا علاقة له بالقيود التي تحدثت عنها وأنها تكبلك.

والسبب الثاني أنك قد تكون على بابهم غداً تطلب منهم مصلحة مثلما كانوا هم على بابك بالأمس، والأيام دول.

كما أن هناك نوعية من الناس كذلك لا يحبذ أن تعطل مصالحك لتقضي لهم مصلحة وهم أصحاب المصالح، الذين يستغلونك إن وجدو فيك حياءاً من قول "لا" وقد يكونوا عالمين بأنك تضر نفسك من أجلهم وبالرغم من ذلك لا يريدون سوى تحقيق مصلحتهم ولتذهب انت إلى الجحيم.

فتعلم ان تقول لا لكل "مستغل".

فثقافة قول "لا" تحتاج للتقدير الدقيق لنوعية الأشخاص الذين تتعامل معهم، فمنهم المستغل ومنهم من لجأ إليك لثقته أنك تستطيع مساعدته.

وأكرر.

العبرة ليست بقول "لا" وفقط. بل أن يكون لديك القدرة على قولها إن ارتأيت أن ذلك هو الأنسب. أي أن إدارة حكمك ومن ثم قبولك أو رفضك للأشياء من حولك، أهم وأفضل من أن تتبنى حكماً بعينه وتتعامل به دون مرونة في استخدامه.

رداً على ردك الأول :

أنت في نفس سني تقريباً يا وائل، على أي.. تستحق لقب أستاذ يا صديقي طالما أنت هنا ولك اهتمامات راقية. أكمل فأنت في الطريق الصحيح.

أما بالنسبة لردك الثاني حول كيفية التفريق بين المستغل ومن هو متأملٌ فيك خيراً ويطلب مساعدتك.

أنك ستجد المستغل يطلب فقط، دائماً ما ستجده يتودد لك لتكمل له مصلحته دون أن ينظر لأي اعتبارات أخرى مثل انشغالك، أو تعبك في الأمر، أو أن ذلك الأمر سيتطلب وقتاً، وتعرف المستغل كذلك من كرهه لك إن حصلت معك ظروف حالت بينك وبين إتمام مصلحته، فهذا لا يهمه أمرك ولا انشغالك وتعبك بل يهمه مصلحته وفقط، دون النظر لأي اعتباراتٍ أخرى.

وهذا عليك أن تقصيه عنك لأنه في كلتا الحالتين سيضرك، فلو أتممت له مصلحته، ستجده واقفاً عندك كلما يريد شيئاً تكاسلاً منه ربما أو ربما وجدك مغفلاً وتحقق له ما شاء دون مناقشة، فأولئك الأشخاص لديهم تفكير ومنطق خاص بهم.

وإذا لم تتم مصلحته سيذكرك بالشر وسينسى صنيعك السابق له وإن كان ألف خدمة.

أما الذي يتأمل خيرك، فستجده يطلب على استحياء، يراعي ظروفك، ويسألك أولاً هل أنت منشغل ام لا، وسيتقبل إعتذارك إن لم تكن مستعداً لمساعدته، ولن ينسى معروفك إن ساعدته.

فالفرق بين النوعين على عِظمه فإنه في البداية لا يظهر جلياً ولكنه يتضح بالمعاملة. فكن حذراً من أن تتورط مع مستغل.


فلسفة

مجتمع لمناقشة واستكشاف الأفكار الفلسفية. ناقش المفاهيم، النظريات، وأعمال الفلاسفة. شارك بأسئلتك، تحليلاتك، ونصائحك، وتواصل مع محبي الفلسفة لفهم أعمق للحياة والمعرفة.

7.7 ألف متابع