في نقاشاتي مع شخصيات مختلفة، وحتى استماعي إلى نقاشات عديدة، لاحظت تأثير "المعرفة" الفعلية على أصحابها، والمقصود بالمعرفة هنا هي التي تأتي من طريقين، إما تجارِب عملية وخبرات واقعية، وإما قراءات نقدية كثيرة جدًا، وبرؤية واعية ورغبة في الفَهم، وليس للتصنّع أو محاولة التباهي على الآخرين..
هذا كان لافت جدًا في نقاشاتي مع من هم ذو خبرات واسعة، أجدهم موضوعيين لدرجة تلغي أحيانًا تحيزاتهم الطبيعية في بعض المواقف، يميلون إلى التعامل مع كل موقف بمعطياته فقط، يضعون في الخلفية كل الاحتمالات بالتأكيد، ولكن لا أجدهم يتسرعون في الحكم أو النقد، عكس قليلي الخبرة، أو من يتعمدون البعد عن سُبل المعرفة، هؤلاء أجد عندهم نبرة استحقاقية أو فوقية في كلامهم غريبة!! ولو حاولت التحدث إليهم بشيء من المنطق، تجدهم يلجؤون فورًا إلى التحيّزات والدفاعات، كأنهم يتعرضون إلى هجوم شخصي.
بصراحة، لم أجد شخصًا ذو علم ينفع، إلا وكان له من التواضع نصيبًا كبيرًا، ومقصدي بالتواضع، هو الفضول الحقيقي لنقاش كل الموضوعات دون أي محاولة إثبات وجهات نظر، بل العكس، لديهم استعداد كبير لتقبّل خطئًا في وجهات نظرهم، واحتمالية الصواب لدى الآخر، وهذا برأيي ما تفعله المعرفة بوعينا، نفهم إنه مهما "تعلمنا" فنحن لا نعرف سوى القشور.. فهل تعاملتم مع نماذج من الاثنين سابقًا؟ وكيف كانت آرائكم في النقاش معهم؟
التعليقات