وسادة ناعمة وديعة، مخلوقة لأُريح الرؤوس، لا لأحمل الأوزان. وفي يوم لا يشبه سابقه، وُضِعت على كرسيٍّ خشبيٍّ متين، جامد القسمات، صلب الحضور. يجلس عليه من هبَّ ودبَّ بلا تردّد، كونه صُنع لذاك الغرض.
في لحظة من لحظات السكينة، همستُ له بأنِّي أتمنى لو أستطيع أن أشاركك الحمل، ولو قليلاً. نظر إليّ بدهشة. وردَّ علي بارتباك عن أيِّ حمل أتحدث عنه أنا كوني وُلدتِ فقط للراحة. أصررت عليه مبررة رغبتي في أن أكون مفيدة مثله... وأن يثق بي. سكتَ، لربما أعجبته الفكرة. وربما أراد أن يُظهر لي احترامه.
تلك الكلمات كانت سببا في أنَّ الأشياء، بدت تُوضع فوقي، تبعًا لما رآه هو من تشجيع. قد تعتقدون أنِّي أقحمت نفسي في أمر لست أطيقه، بداية كنت أجيب بأني أُحبّ المساعدة. لم أرفض، لم أشتكِ، لكني بدأت أختنق بصمت، وابتسامتي الحقيقية تحولت إلى ابتسامة مجاملة شيئًا فشيئًا. كنت أتهالك من الداخل، أُنزع من طبيعة مهمتي، فقط لأبدو طيّبة. ومسألة أني أقحمت نفسي في أمر لست أطيقه فأنتم محقون.
وبعد فترة من الزمن، بدأت تظهر علي بعض التغيرات، إلى أن لاحظ الكرسي أنِّي أصبحتَ مسطحة، بلا حياة. رأيته يحدّق بي وعليه بعض الندم على قبول مساعدتي. حيث قال أنَّه لم يطلب منِّي أن أتحمّل كل هذا. لأجيبه بغباء أنني ظننتُ أنه سيُقدّر لُطفي. فأجابني إجابة الحكيم، بأنَي لم أكون لطيفة… بل كنتِ فقط تائهة. لم يكن يقصد إيذائي، ولم أكن أريد التظاهر. لكن مجاملتي قتلَتني... بل وقتلت صدق العلاقة التي بيننا.
فهل أكرهه؟ لا. ولا ألوم نفسي كليًّا. لكني أدركت أن اللطف حين يُغالي في الخروج من دوره، يتحوّل إلى عبء. والنيات الطيبة، إن لم يُضبط مسارها، قد تُربك الطرف الآخر، وتكسر التوازن. ليست كل مشاركة تعني تضحية، وليست كل مجاملة تُقرأ كما أردنا لها أن تُقرأ.
التعليقات