بالسنوات الأخيرة لاحظت هناك تغير سلوكي واضح تجاه تقبلنا للنصيحة، وهناك مساهمات كثيرة ناقشت فكرة النصيحة، وما كنت ألاحظه من الردود أن البعض يراها تدخل طالما لم يطلب صاحب المشكلة النصيحة، والبعض يراها تدخل بالخصوصية ولا يراعي قيمة النصيحة نفسها، طبعًا ناهيك عن النقض الزائد الموجه للأسلوب والطريقة، وكأنه من المفترض من يقول نصيحة يسير على السطر لا يخرج عنه، فالآن غالبًا حين يبادر أحدهم بنصيحة، نميل إلى الدفاع لا إلى الفهم. نعتبرها تدخلًا، أو تقليلًا منا، ونبني حول أنفسنا جدارًا من الردود الجاهزة: "أنا أعرف"، "مش لازم تنصحني"، "سيبني أتعلم بطريقتي".

أصبحنا في زمن يقدس الفردانية، أصبحت النصيحة تُستقبل كاتهام بالقصور، وليس كاهتمام حقيقي. صرنا نعامل كل محاولة للنُصح وكأنها محاولة للهيمنة، أو استعراض خبرة لا نحتاجها.

أصبحنا نترك جوهر النصيحة وننظر لكيف قيلت، في حين أنها قد تكون كلمة صادقة من شخص خَبِر شيئًا قبلنا، يخاف على مصلحتنا قد تُوفر علينا سنوات من التيه والتكرار.

الأصعب أن هذا الصد للنصح بدأ من مراحل مبكرة. الطفل الذي يرفض نصيحة معلّمه لأنه أطلع على عكسها على السوشيال ميديا، والمراهق الذي يرفض الحوار لأن "الجيل القديم لا يفهم"، والشاب الذي يرى في كل رأي خارجي تهديدًا لذكائه أو استقلاليته.

نُغلق باب النصيحة مبكرًا، ثم نتساءل لماذا نكرر أخطاء من سبقونا. ربما حان الوقت لإعادة تعريف النصيحة: أنها ليست أمرًا، وليست وصاية، وليست انتقاصًا…بل احتمال أن يرى الآخر ما لا نراه نحن. أريد أن أطرح السؤال الموجود بالعنوان عليكم هنا كون المجتمع به الفئات العمرية المتنوعة التي قد تجعلنا نرى الأسباب من وجهات نظر مختلفة، لماذا لم نعد نعطي مساحة لنصائح الآخرين؟