أباحت لي إحدي الفتيات في الكرسي المقابل لي.

وقد أمنتي سرها ، من الممكن لأننا تقابلنا بقطار يصعد ، ويترجل من علي متنه المرء كل الدقيقة والأخري:

جُبِلَ فؤادي علي الغياب ، وكأنه ابتلي بغياب الأحباب ،فمنذ أن أبصرت الحياة بلحظاتي الأولي وأبي حاضرًا غائبًا ، وكم ليت تلفظها فؤادي قبل فمي بأن أكون إحدي فتيات أخاه لأحظي بتلك اللحظات ، والكلمات، والأحضان ، والهمسات ، وأيضًا التحيات ، ولكن ليت للتمني.

فربيت بكنف أخي ، ولم أعرف أب سواه ، ولكنه غاب أيضًا بعدما أشتد عودي ورجح عقلي ، ولازال فؤادي صغير يغار ، ويتألم من الغياب .

وحبيب الروح بات هو الآخر غائب عني بالحب ، والعين ، والمكان.

لذا لا أبالغ حينما أقول أن فؤادي جُبِلَ علي الغياب ، وأبتلي تحديدًا بغياب الأحباب.

حتي أنتِ ستغيبين ، وتفرقنا الوجهات بعدما أرتاح لكِ الفؤاد.