من هم السلبيون؟

هم الذين يحتسون قهوتهم في الصباح بهدف التخطيط لإفساد حياة الناجحين في المساء. هم الذين يرَون الأشواكَ على الأشجار متجاهلين الثمار. هم الذين صَبغوا حياتهم بالسواد فأحبوا أن يعمَّ السوادُ على من حولهم، باختصار هم العدو فاحذرهم. 

إنّ السلبيين مكائنٌ لقتل الفرح ونشر التلوث الاجتماعي هنا وهناك. إنهم عاجزون عن العطاء، تقتلهم الغيرةُ و تحرقهم نجاحاتُ الآخرين. إنْ كانت هذه طبائعهم فلا تثريبَ عليهم، إنما التثريبُ على الذين يتأثرون بهم فتتوقف مشاريعُهم وإنجازاتُهم وتتعرقلُ مسيرتُهم لالتفاتِهم عن المُهمات العظيمة وإنصاتِهم لكل ناعق.

أنا هنا لأتكلم عن طريقة أصحاب الهمم في التعامل مع السلبيين. 

الناس أصنافٌ وأشكالٌ وألوان

هناك صنفان من الناس؛ مُؤثر ومُتأثِّر ولكلٍّ صفاتُه النفسية وطريقتُه في التعاطي مع الأحداث. فأمّا المؤثّر فقد حباه اللهُ سبحانه وتعالى هدايا يستخدمها عند الضرورة، مقويات يستعين بها في طريقه وفئوس يُزيل بها العوائق التي تواجه قافلته أثناء المسير. نفسُه تأبى الالتفات يمنةً ويسرةً ونظرُه يركّز على الأفق البعيد. إنه يعرف إلى أين يسير، واضح الأهداف، متعدد المزايا يستعين على مطباتِ الحياة بلا حول ولا قوة إلا بالله. ثقته في نفسه مستمدة من ثقته بالله تعالى، شخصيةٌ كتلك لا يمكن أن يؤثر بها السلبيّون، بل إنهم ينظرون إلى السلبيين نظرة شفقة على ما آل إليه حالُهم وما ينتظرُ مآلَهم إن لم يصححوا مسارَهم. 

وأما المُتأثّر هو الذي يبكي في زاويةٍ ما على فقدان راحلته وكأنّ ضياعها نهاية العالم. هو من يجعل كلام السلبيين محورَ اهتمامه وأساسَ قضيته. هو المسكينُ الذي ضيّع الكثيرَ من الفرصِ والعديد من الإنجازات إرضاءً لهم. هو من رضي أن يحركَه السلبيّون كريشة في مهب الريح ويشكلونَه كعجينة صلصال وقعت في يد طفل. إنه المرتع لتكاثرهم والطريق لسعادتهم. إنهم يجدون أنفسهم معه. 

كيف ذلك ونحن الذين نؤمن أن الانتقادات هي مصدر قوة لتطوير الذات؟ 

نعم هي كذلك. لكننا نقصد الانتقادات الإيجابية من الإيجابيين الذين ينصحون بصدق وتفانٍ. الذين يحرصون على تأدية دورهم بحكمة، فليس كلُّ ناصحٍ أمين. هم أولئك الذين تشعر في طيّات كلامهم بحبهم لك ورغبتهم في تطويرك. هم الذين يتابعون نجاحاتِك بصمت. يفرحون لفرحك ويحزنون لحزنك. هم الذين يُقوِّمون اعوجاجَك. هم المخلصون وقليلٌ ما هُم. 

كيف أكتشفهم؟ 

إن السلبيين وباءُ المجتمعات ومرضُها المستفحل. ينتشرون في كل مكان، من السهل اكتشافهم. ما عليك سوى أن تنجحَ، وهم سيخرجون من جُحورهم وسيطلُّون عليك برؤوسهم ويجعلونك حديثَ مجالسهم. إن وددتَ التعرفَ عليهم فانشر نجاحاتِك في كل مكان وانتظر ظهورَهم وسترى منهم العجب العجاب! 

متعة التعامل مع السلبيين 

علينا أن نستمتعَ بكل شيء من حولنا، بكل شيء تقع عليه أعيُنُنا. علينا أن نحوّل وجودَ السلبيين في حياتنا إلى متعة وننظر إليهم ونحن نبتسم فلقد أصبحنا خبراءَ بهم، نعلم خططهم وخطواتهم اللاحقة. 

علينا أن ننجح في كل وقت وفي كل حين، هم من يحفزوننا ويدفعون بنا إلى الإنجاز، فأنت تعلم أن هناك من ينتظر نجاحاتِك لإحباطك ولكنك اتخذت من سلبيتهم سُلماً لصعودك فلكل غيمةٍ سوداء بطانةٌ فضية. لقد حكموا على أنفسهم بالبقاء في القاع واكتفاء النظر إليك وأنت تصعد. فترتفع أنت بكل ثقة فهناك من ينظر إليك. 

أما إن جعلوك حديثَ مجالسهم فهي إعلانات مجانية عنك وعن إنجازاتك ونجاحاتك تُنشر من غير مجهود منك. إنها المتعة بعينها. 

وجودهم في حياتك هو مؤشر لتميزك، وقد يلتفون حولك ويقتربون منك لوضعِ أيديهم على نقاطِ ضعفك فلا تفتح لهم بابَ خصوصيتك فأنت لست ساذجاً. 

لا يمكن أن تكون واحداً منهم، إنك تستهجن صنيعَهم وتنكر تصرفاتِهم. تتعرف على أساليبهم لتتجنبها ولا تقع في فخها. بعض أنواع السلبية غير مقصودة فهي كاللص الخفي إن لم ينتبه صاحبُها ويهذبها فستسرق لحظاته الجميلة مع الآخرين. لحظات الفرح والمشاركة، لحظات السعادة وحب الخير للجميع. 

إلى كل إنسان سلبي في تصوراته ورؤيته لمن حوله. إلى كل من يقطر لسانُه إفساداً لنجاحات من يعتبرهم أصدقاءً له تذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: (لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه) ، رواه البخاري ومسلم .