هكذا قال علي بن أبي طالب: ليس هناك بلد أحق بك من بلد , خير البلاد ما حملك. لا اعلم متى قيلت هذه العبارة وفي أي سياق وفي أي مناسبة تحديدًا، لكن معناها مثمر جدًا بالنسبة إلي كشخص، لأنها تعني أن لدي الكثير من الاحتمالات للعيش، والكثير من الأماكن، أرض الله في منتهى الوسع وفي منتهى الترحاب.

المثير للتفكر بالنسبة إلي هي أن هذه العبارة مخالفة لما تربينا عليه جملة وتفصيلًا، فلقد تربينا على حب بلاد معينة بالاسم، وحب شعوب بالاسم، والشعور بإننا ننتمي لمكان مخصص حتى إذا ما اضطربت أحوالها اضطربنا، وإذا ما سعد سعدنا. لدرجة أنني أرى بعض الناس يبررونن أغلاطًا تقوم بها دولهم فقط بدافع الحس والوطني والانتماء، وربما يدافعون عن مظالم تقوم بها فرق كروية أو اجتماعية أو سياسية بدافع أن هذا داخل بلادهم ومن الوطنية هو تدعيم البلاد، مهما كان ما يفعله أهلها.

هذه الجملة تخالف ما تربينا عليه من الانتماء لمكان معين أو بلدة معينة ومحاولة الكفاح فيها للحد الذي يجعلك ميت وأنت حي، وتجعلك قادرًا على تخطي فكرة التغني ببلد أو حي معين. كما أنها تشبه أيضَا البيت الشعري الذي قاله أحمد مطر في قصيدته :

نموت نموت ويحيا الوطن ... من بعدنا يبقى التراب والعفن نحن الوطن ! من بعدنا تبقى الدواب والدمن نحن الوطن !

يبدو أن أحمد مطر قد ثار أيضَا على مفهوم أننا كلنا فداء للوطن ورأى ان الإنسان أغلى بكثير من قيمة التراب الذي يعيش عليه.

أنتم ما رأيكم؟ الإنسان أم تراب الوطن؟