التسامح قيمة أخلاقية نبيلة

أعتقد أنّ المشكلة تأتي هنا في هذه الموضوعة من الطرفين، فالقسم الأوّل الذي يكون متسامح عادةً يقوم متسامح أي يغفر كل الزلّات ويسمح بالتعدّي عليه لإنّه غير قادر على الرد أو لا يريد المشكلة مع الشخص الآخر، أنا برأي التسامح لا يمكن أن يكون بين قوي وأقل قوة، بل يجب أن تكون حصراً بين قوي وضعيف، القوي يسامح الضعيف فيحصل التسامح بالمعنى التالي: أنا قادر على أن أقتصّ منك بأسوأ طريقة ممكنة ولكنني فضّلت أن أتركك بدون عقاب مع مقدرتي، مشكلات التسامح الحالي هي النديّة، أي شخص مساوي تقريباً أو يقل بقليل من حيث القوة والمكانة، هنا لا يجب أن نفعّل قوة التسامح، بل يجب أن يكون هناك طلب للعدل سواء بالقانون أو بقوة المجتمع المحترمة سواء أتت دينية أو عرفية.

وطبعاً ما يزيد الطين بلّة هو أنّ الناس فعلاً باتت تعبد مظاهر القوة السيئة ولذلك بات من الصعب عليها تصديق قوّة الشخص إن امتزج الأمر مع تسامحه.

أهم شيء هو ان تسامح وانت قادر علي الإنتقام ممن ظلمك، ولا تسامح في وضع ضعف او ان الشخص الآخر يظنك ضعيف وغير قادر على رد الصاع صاعين، فالتسامح في وضع ضعف جبن، والعفو عند المقدرة شهامة ومن أخلاق الكرام وسادة الناس.

أعتقد أن إتخاذ موقف التسامح يستند إلى معايير لازمة حتى لا تقع في خانة الضعف والذل، وهذا ينبني على تقييم المواقف ودراسة الوضع العام، فالتسامح فضيلة لا نقاش في ذلك لكنه لمن يستحق وفي وضع يسمح لي بالتسامح بغية رضى الله وغاية في نفسي، فالرسول صلى الله عليه وسلم سامح أهل قريش بعد الفتح في مرحلة بعد أن أصبح في وضع قوة تسمح له بالاقتصاص منهم لكنه فضل التسامح لرضى الله ولغاية نشر الدين ورفقا بالضعفاء ممن يخفون اسلامهم.

فلا يمكننا مسامحة الظالمين المعتدين بعد أن وقعوا في وضع الاقتصاص كالمحكمة مثلا لاننا نتصف بخلق التسامح!!! هذا ذل وهوان وتقويض عدل الله في خلقه.

يعتبرون بعض الناس ان من يتسامح لديه شخصية ضعيفة، يتنازل على حقوقه من أجل

من يعتبر هذا الإعتبار ذو شخصية دنيئة ولا يعلم في الأخلاق شيئاً. ولذا، من الصحيح ان لا نضع تلك الصفات النبيلة في غير موضعها ومع الأشخاص الذين ليسوا أهلاً لها. هناك بيت شعر يقول:

وإذا بُليت بظالمٍ كن ظالماً ..... وإذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل

وبيت آخر لأبي الطيب المتنبي:

إذا قيل رفقا قال للحلم موضع ** وحلم الفتى في غير موضعه جهل