من أكثر الصفات إزعاجًا فيَّ، هي أنّي أرتدي رداء الناصح في أغلب المحادثات.

الأمر طبيعي عندما أكتب في المدوّنة، فأنا وحدي الذي يكتب، لكنّه يُصبح سيئًا عندما تكون المحادثة بين طرفين.

عندما أتحسّس مشكلة ما، يهبّ وحش النصح الذي في داخلي، ليسقي المقابل حلًا يظنّ صاحبه أنّه الحل الوحيد الذي ينجي به المقابل.

ربما للأمر دوافع منها أنّي أشعر بشعور جيد عندما أساعد الناس، ربما يُبديني هذا أكثر ذكاءً، أو يساعدني على السيطرة على المحادثة وملئها بحديث بدلًا من الفراغ، لكنّ لهذا ثمن أيضًا، فيبديك متعاليًا، أو يحثّك على أن تعطي حلًا سريعًا وأنت لم تفهم الصورة الكاملة.

سيكون شعورًا جيدًا لو بقيت أحادث الناس بدون أجندات!

وجدتُ لهذه المشكلة حلّين، الأوّل أن تبحث عن الأماكن والأوقات التي يظهر فيها وحش النصح هذا، بالنسبة لي، هناك عدد من الأصدقاء الذين أودُّ عندما أراهم أن أُبدلَ سلامي بهم نصحًا، معرفة هذا سيجعلني أكثر وعيًا عندما أكون معهم، وأكثر ضبطًا لإحساس النصح.

أما الثاني، فهو أن أحث المقابل أن يجد الحل بنفسه (إن كنت مهتمًا به لهذه الدرجة، أو ابتلاني الله بجلسة طويلة مع شخص لا أستطيع أن أتهرَّب منه) وهذا يكون بأن أسأل الأسئلة، هناك عدد من الأسئلة "المفتوحة" التي لا تُضع المقابل في زاوية ضيّقة، وتساعده في أن يفكّر بالمشكلة مع نفسه.

لماذا هذا الموضوع مزعج؟

لماذا ايجاد الحل صعب؟

ماذا تريد انت؟

ما يهمّك أنت؟

وإذا لم أستطع إلًا نصحًا، فأحاول تقديم النصيحة بشكل متواضع، أشير أنّها حل واحد، وهناك حلول غيرها كثر، وأطرحها كمن يتكلم مع نفسه بصوت عال.