أحيانًا أفكر: إذا كنا نعلم أن كل شيء سينتهي يومًا ما، وأن حياتنا قصيرة مقارنة بعمر الكون، فلماذا نسعى بكل هذا الجهد لإيجاد معنى لما نفعله؟ هل هو غريزة طبيعية تجعلنا نبحث عن قيمة في تجاربنا اليومية أم أن المعنى شيء نصنعه بأنفسنا لنشعر بالراحة في مواجهة الفناء؟
ما الذي يمنح الحياة معنى في ظل الفناء الحتمي لكل شيء؟
لو سألتنا كمجتمع مسلم هذا السؤال فالإجابة بسيطة ومباشرة وهي لأننا نؤمن بأن الحياة ليست عبثية، وعبارة الفناء الحتمي نفسها ليست دقيقة. هناك جنة ونار، ثواب وعقاب، والدنيا اختبار مؤقت، إلخ. لهذا يمكننا دعينا نفسر بحث الملحدين مثلًا وغير المؤمنين عن المعنى لأنهم ليس لديهم هذا الجانب.
الفناء الحتمي يعني سنموت جميعا لن يخلد غحد، هذا هو المقصد، ففكرة أن الحياة مجرد مرحلة انتقالية للحياة الأبدية، يجعلنا لا نركز على السعي وراء المعنى أو القيمة في الأشياء نفسها
إذا كنا نعلم أن كل شيء سينتهي يومًا ما، وأن حياتنا قصيرة مقارنة بعمر الكون، فلماذا نسعى بكل هذا الجهد لإيجاد معنى لما نفعله؟
قصر الحياة وفناؤها هو ما يدفعنا للبحث عن معنى لها، بسرعة وتفان قبل فوات الأوان، وإلا أُصِبنا بالجنون وأحسسنا بعبثيتها، وأن لا قيمة لعيشها من الأساس.
حتى البعض الذي لايهمه إيجاد معنى كبير وذي قيمة عالية، يُخلِّده ويُفيد به البشرية، فهو يكتفي بعمله وتنشئة أبنائه تنشئة حسنة، يؤثث به حياته، ويشبع عنده سؤال "معنى الحياة"
التفكر في سؤال معنى الحياة، يزيد الضغط والوتر، وقد يلحق بالفرد أضرارا بليغة، ما لم يستطع إحداث توازن في حياته، وما لم يكن محصنا ثقافيا وعلميا ودينيا.
ومن قال أن الناس تبحث عن المعنى؟ راقبي صيرورة الحياة، أي كل ما يصير فيها، راقبي الناس وروتينهم، راقبي أسئلتهم ومشاغلهم ومشاريعهم، ستجدين أن قلة القلة فعلاً يبحثون عن المعنى، الباقي دائماً في أسئلة أخرى أنا اسميها أسئلة اللهو وتعبئة الفراغ، بحيث صممنا الحياة كلها مؤخراً لكي تخدم هذا النوع من الأسئلة، وبتنا نشجّع بعضنا على انتخابها وصرنا نزيّن الأمور أكثر وأكثر، حتى أن بعضنا تمادى وبات يسميها أسئلة معنى على أنها أسئلة معروفة بماذا هي مليئة.
قلة القلة من الباحثين عن المعنى برأيي هم هؤلاء الذين يعيشون فعلاً معنى بحياتهم أو يبحثون عن معنى وبالغالب ستكون هذه الشخصيات على قدر كبير عالي من الاحترام والذكاء والطهر.
سؤال عميق يا نور، حاول المفكرون إجابته منذ فجر التاريخ. تختلف الآراء والتوجهات، لكن ربما نتفق أن قلائل من ينشدون معنى عميقاً من وجودهم، بينما أغلبنا غارقون بمصفوفة (Matrix) مجتمعات تسرقنا من ذواتنا الأًصيلة، لنغدو نسخاً فارغة متشابهة.
التعليقات