تشير إحصائية بلومبرج إلى أن 80% من الأسر تنفق ثلثي دخلها على التعليم، كما يعتبره الكثيرون أولوية قصوى لدرجة أنه تحول إلى سلعة أساسية وهوس ينساقون ورائه، وهذا يجعلنا نتسائل عن العبء المالي المتزايد على الأسر، ودور الحكومات والقطاع الخاص في توفير تعليم جيد وبأسعار معقولة. شاركونا هل تؤيدون أن يكون التعليم هو الهدف الأساسي في حياة كل فرد، أم أن هناك أهدافًا أخرى ذات أهمية مماثلة يجب التركيز عليها؟
80 % من الأسر، تنفق ثلثي دخلها على التعليم
التعليم هو حجر الأساس في تطور الشخص بلا شك، فأنظري اليوم كم من الناس في الوطن العربي رغم حصولهم على تعليم ولكنهم يجهلون أي لغات أخرى رغم أنهم تعلموها ولكن بشكل بسيط وليس بشكل مكثف يمكن أن نقيس هذا على باقي فروع التعلم والمواد فكلما كانت جودة التعليم متدنية يكون المجتمع في حالة ليست جيدة وبالتالي يكون دخل الفرد ومستوى معيشته وأيضا فهمه للعالم المحيط به قليلا جدا، فبنظري يجب الاهتمام بالتعليم كحجر أساس جنبا إلى جنب مع الثقافة العامة للفرد بحيث لو لم يوفق في حياته العملية بما درس يمكن أن يوفق في مجال عملي أخر لديه ثقافة ومعرفه فيه.
فبنظري يجب الاهتمام بالتعليم كحجر أساس جنبا إلى جنب مع الثقافة العامة
صحيح لكن المشكلة الحقيقة تكمن في أن بعض الأسر لديها هوس بهذا الأمر، فقد يقومون على سبيل المثال بإهدار المال عن طريق إعطاء أبنائهم دروس خاصة ودورات إضافية لنفس المادة مع أكثر من معلم، وذلك على اعتقاد منهم أن هذا الأمر ينمي مهاراتهم، ولكنه للأسف يؤدي إلى التشتت وعدم استيعاب المعلومة في النهاية.
لكن ليس بهذا القدر، ثلثي الدخل هذه نسبة كبيرة، فكيف لأسرة أن تنفق على العائلة بأكملها بكل احتياجاها أساسية وترفيهية بثلث الراتب فقط؟
بجانب ان هناك عائلات تتداين من أجل الدخول لمدارس انترناشونال، ويقعون في فخ بيزنس التعليم، هناك مدرسة بالامارات اسمها GEMS academy مالكها هندي، مصاريفها ٣٣ ألف دولار، ولأقف عند الرقم واسأل، ما الذي تقدمه المدرسة كعملية تعليمية ليأخذوا هذا الرقم؟
أنا معك ضد الإفراط المبالغ فيه، ولكننا في عصر يقدمون خدمات ما بعد الدراسة مثل ترشيح الطالب لكليات مرموقة أيضا، وبالتالي يفتح لهم مجال عمل في أماكن أفضل، فقط لأنهم درسوا في مدرسة معينة وهذا يحدث منذ زمن طويل ولكن يظل المبلغ مبالغ فيه، ولكن هذا يحدث، حتى على مستوى الجامعات وترتيبها، فلو شخص خريج نفس الكلية ولكن من جامعة ترتيبها متدني فسيكون فرص حصوله على الوظيف أقل ممن حصل على نفس الدرجات ولكن من كلية ترتيبها مرتفع وهكذا.
الترشيحات تكون من جانب مدارس عريقة ومعروفة او لها سمعة بهذا الشأن، لكن أصبح الأمر مبالغًا فيه بشكل كبير من ناحية التكلفة حتي لو كانت المنشآت جديدة، وليس غير أنها تصنع وضعًا اجتماعيًا او تقدم تسهيلات ترفيهية لرادها بعيدًا عن القيمة التعليمية الحقيقية، ومن يتخرجون من المدارس الخاصة يذهبون لجامعات خاصة ولديهم مشاريعهم الخاصة، لا حاجة للاجتهاد هنا فالمستقبل مضمون.
هناك مدرسة بالامارات اسمها GEMS academy مالكها هندي، مصاريفها ٣٣ ألف دولار، ولأقف عند الرقم واسأل، ما الذي تقدمه المدرسة كعملية تعليمية ليأخذوا هذا الرقم؟
أعتقد أن هذا النوع من المدارس يعتمد على معايير أخرى في تحديد مصاريفه، على سبيل المثال سمعة المدرسة العالية تحدد مصاريفها بشكل كبير، وكذلك مكان وجودها إذا كانت في منطقة حيوية وراقية، وهناك بعض الأشخاص الذين يتمتعون بحالة مادية ممتازة يختارون المدارس الشبيهة بهذه المدرسة بغرض التباهي وبالتالي يكثر الطلب عليها وتزداد مصاريفها أكثر بسبب ذلك.
لا يمكن تعميم الأهداف على جميع الأسر، فهناك أسرة ترى أن التعليم أولويه وأنه يجب أن يحصل على شهادة جامعية عليا للعمل في أفضل الوظائب وجني المال لتحسين المعيشة، وهناك أسرة أخرى ترى أن التعليم لا فائدة منه وإن اولويتها العمل بشكل مستقل كالحرفي لجني المال السريع دون شهادة.
لذا التعميم هنا لن يكون دقيق فلكل أسرة تبحث عن أولويتها وفق طموحلتها وأهدافها التي تطمح له، بالإضافة إلى مستوى المعيشة التي تعيش فيه.
هل حقاً نلوم على الأسر هنا! ثم نبحث عن كينونة التعليم أهو أولوية أم لا ؟ العيب كل العيب على المنظومة والقطاع الخاص الذي حول التعليم الذي هو أبسط الحقوق إلى صورة استثمارية ومصدر ربح له، وبالتالي بدأت المؤسسات التعليمية الخاصة تسيطر أكثر فأكثر وبدأت تستحوذ على أصحاب الخبرة العلمية بالتدريج، وأصبحت المدارس المجانية من الجيد أن نجد بها مقعد للطالب ومدرس وفقه الله وجعله قادر على أن يقرأ بصوت واضح ومسموع أما الشرح فيمكن أن نحصل عليه في مقر دروس خاصة لمن أراد أن يفهم واستطاع إلى ذلك سبيلاً.
لماذا تم وضع التعليم في قفص الاتهام؟ أليس من الأجدر توجيه ذلك التوبيخ لمن جعلوا منه "Business" يتربحون منه أضعاف ما يستحقون؟
هل تؤيدون أن يكون التعليم هو الهدف الأساسي في حياة كل فرد؟
ليس شرطًا أن يكون الهدف الأساسي، لكنه ركيزة أساسية ضمن مجموعة أهداف بدونها سيفقد الإنسان قدرًا كبيرًا من مفهوم الحياة. من وجهة نظري أن التعليم في السنوات الأخيرة أُسيىء استخدامه، "وهو الضحية وليس الجاني".
المشكلة ان التعليم بالفعل أساسي للوصول لأي هدف في الحياة فربما لهذا نبالغ في الاهتمام بالتعليم ونضغط على الأولاد ليستمروا بنهج معين ولعل تدهور الأوضاع الاقتصادية هو ما أدى لارتفاع تكلفة التعليم.
لكن هناك عبء يقع على أولياء الأمور في عدم إرهاق انفسهم وأولادهم أكثر مما هو مطلوب بالفعل، يجب ان نركز على التعليم الدراسي كمسار أساسي للتعلم لكنه ليس الوحيد، فنحتاج لتطوير مهارات الأبناء لتتناسب مع سوق العمل أكثر من العلم النظري.
لكن ثلثي الدخل على التعليم!! أراه مبالغًا قليلًا
المشكلة ان التعليم بالفعل أساسي للوصول لأي هدف في الحياة
التعليم مهم ولكنني أراه فقط يضع الفرد على بداية طريق الهدف، وللوصول إلى الهدف نفسه أعتقد أننا بحاجة إلى التفكير بشكل مختلف وبذل المزيد من الجهد بجانب التعليم، لذلك فهو ليس الأساس لأي هدف، فمثلًا نجد أحيانًا أشخاص أذكياء بدرجة كبيرة ولكن لا يصلون إلى أهدافهم في النهاية، أي يمكننا القول أنه لا بد من الجمع ما بين التعليم والحياة العملية والقدرات الخاصة وعدم الاقتصار فقط على الشهادات والدورات تدريبية فقط.
أرى أن التعليم ضرورة لا مَحيدَ عنها، على الأقل حتى يبلغ المتمدرس الإعدادية، يعني من تسع إلى عشر سنوات من الدراسة الأساسية، هكذا نكون قد تصدينا للأمية في مهدها، وبعد ذلك لكل واحد أن يسلك الخيار الذي يناسبه، بحسب ميوله ورغباته وقدراته.
ولكننا نصطدم بقصور التعليم في جميع جوانبه المنهجية والمنهاجية، علاوة على غياب الإرادة الحقيقية لإصلاح فعلي شامل وناجع.
أما عن الأسر التي تنفق ثلثي دخلها على التعليم، فهي مكرهة على ذلك، بالنظر لتفويت الدولة قطاع التعليم للخواص، يتاجرون به وفيه على حساب الشعوب والمصيبة العظمى أن الجودة الممنوحة من طرف المؤسسات الخاصة، لا تستحق هذه المصاريف المهولة.
هل التعليم شيء ثانوي و قليل الأهمية ؟ أليست كل الاختراعات القديمة و الحديثة قائمة في جذرها على علوم و مسائل فكرية و حسابية ؟ كيف سيواكب الإنسان المخترعات الحديثة بدون تعليم ؟ و هل تدرك الآنسة الفاضلة أن الدول المتطورة اقتصاديا و عسكريا تنفق مبالغ ضخمة على البحث العلمي و تشجع العلماء على تقديم أفضل ما لديهم ؟
لا أعتقد أن مصاريف التعليم تعتبر خسارة أو عبء بل بالعكس هي استثمار ناجح و يؤتي نتائجه ..
أعتقد أن مصاريف التعليم تعتبر خسارة أو عبء بل بالعكس هي استثمار ناجح و يؤتي نتائجه ..
بالتأكيد لم أقصد أنها عبء بالمعنى الحرفي، ولكن كل شيء يزداد عن حده ينقلب إلى ضده، هناك بعض الأسر التي تصرف ببذخ على تعليم أطفالها وقد تدفع المال لعدد كبير من المعلمين والدورات التدريبية مع إهمال دور الأسرة تمامًا وعدم الالتفات للأطفال والتأكد أنهم بالفعل يفهمون تلك الدروس والدورات، وشخصيًا لدي قريبة تصرف أسرتها على الدروس الخصوصية نصف الراتب تقريبًا لدرجة أنها تأخذ درس خصوصي مع معلمين مختلفين لنفس المادة الدراسية، ولكن في النهاية لم تتمكن من الحصول على مجموع عالي بسبب ذلك التشتت وبسبب تجاهلها قدراتها ومهاراتها الشخصية في التعلم، كانت مجرد مستمعة للدروس فقط دون رد فعل، لهذا السبب لا يجب إهمال الجانب الآخر من الأمر وإلا لن يفيد صرف المال.
التعليم فيه المجاني و فيه المدفوع .. و كلما كانت جودة التعليم عالية كلما زادت قيمته و ارتفع سعره .. فالمعلومات النافعة و ذات القيمة الحقيقية و المتعوب عليها و التي تبنى على ضوئها اختراعات تجلب أموال طائلة هي علوم ثمينة جدا لأن الاختراع الذي تقدمه ثمين جدا ( سأعطيك مثالا : العلوم التي تقف وراء صناعة الكمبيوتر هي علوم معقدة و تبسيطها للطفل يستهلك وقتا و جهدا نفسيا كبيرا .. فضلا على أنها علوم تفسر و تفضي إلى صناعة الكثير من المخترعات التي تتشابه في عملها مع الحاسب .. هي نفس المبادئ العلمية و لكن بإمكانك صناعة الكثير من الأشياء المفيدة على أساسها .. أما المعلم المحترف فإنه سيضمن لك تمكن طفلك من المادة بنسبة كبيرة .. و لكن إذا كان الطفل غير مستعد نفسيا للتعلم أو ربما فقد حماسته ناحية المادة فلا لوم على المعلم .. و لذلك صار من الضروري على المعلمين الخصوصيين فحص استعداد التلميذ نفسيا .. فإذا كان غير مؤهل بعد فلابد من اخبار والديه بذلك و عدم أخذ المال منهم
هذه قضية معقدة تستحق التفكير العميق. من وجهة نظري، لا ينبغي أن يكون التعليم الهدف الوحيد أو الأساسي في حياة كل فرد، رغم أهميته الكبيرة. هناك عدة اعتبارات:
1. أهمية التعليم:
- يفتح آفاقاً للتطور المهني والشخصي
- يساهم في تنمية المجتمع وتقدمه
- يعزز القدرة على التفكير النقدي وحل المشكلات
2. أهداف أخرى ذات قيمة:
- الصحة الجسدية والنفسية
- العلاقات الأسرية والاجتماعية
- الاكتشاف الذاتي وتطوير المواهب
- المساهمة المجتمعية والعمل التطوعي
- الاستقرار المالي والأمان الوظيفي
3. التوازن:
الحياة المتوازنة تتطلب الاهتمام بجوانب متعددة، وليس التركيز على جانب واحد فقط.
4. الفروق الفردية:
لكل شخص ظروفه وتطلعاته الخاصة، وما يناسب فرداً قد لا يناسب آخر.
5. تعريف التعليم:
يجب توسيع مفهوم التعليم ليشمل التعلم مدى الحياة وليس فقط الشهادات الأكاديمية.
6. دور المؤسسات:
على الحكومات والقطاع الخاص العمل على توفير فرص تعليمية متنوعة وبتكلفة معقولة.
في النهاية، أرى أن التعليم يجب أن يكون أحد الأهداف المهمة، ولكن ضمن إطار متوازن يشمل أهدافاً أخرى تساهم في تحقيق حياة مُرضية وذات معنى.
أتذكر في الماضي القريب، وأسمع من أجدادي وأقاربي قصصًا عن كيف كانوا يبيعون أراضيهم أو المواشي التي كانوا يعيلون منها من أجل تعليم أبنائهم. كانوا يتخذون هذه الخطوات الصعبة من أجل ضمان حصول أبنائهم على التعليم الذي يرون أنه ضروري.
لا شك أن التعليم هو الهدف الأساسي لكل إنسان على وجه الأرض لتحقيق الإعمار المطلوب منا كبشرية.
أرى أن الأشخاص الذين باعوا أراضيهم أو مواشيهم من أجل تعليم أبنائهم لا يندمون على تلك القرارات، بل يشعرون بالرضا بسبب وضعهم المالي الجيد الذي تحقق بفضل وظائف أبنائهم الذين أكملوا دراستهم.
التعليقات