أحب دائماً استخلاص العملي من الأقوال والخبرات الحكيمة، هذه العبارة "أفضل قائد هو الذي لا يعرف أتباعه بوجوده" رأيت أن الكثيرين يرددونها ويتبنّونها ولكن لا أعرف كيف يطبقونها عملياً!
كمدير شركة، إلى أي مدى أستطيع تطبيق الحكمة وكيف؟
يطبق مدير المستشفى التي أعمل بها هذا المبدأ، فلو نظرت لفريقنا لن تعرف المدير من المستجد من المسئول، هو يعمل معنا وينفذ رأينا وربما يعوض تقصير فرد منا في العمل، لا أوامر حادة ولا برستيج بحكم منصبه ولا مزايا أعلى من تلك الممنوحة لنا، نتبعه بحب لا بخوف، وبصراحة فعله مؤثر وناجح للغاية، ولكن أعتقد أن هذا التصرف قد لا ينجح في بيئة عمل أخرى فما رأيك بذلك ؟
بالعكس شجّعتنا! بما أنه نجح في بيئة متوترة جادة ومهمة وحساسة جداً كمشفى هذا يعني أنه يمكن تطبيق هذا الأمر في كل زوايا الأعمال والمجالات ولن نجد صعوبة كبيرة، ولكن صار عندي اعتقاد أن الأمر متعلق إذاً بالمهارات الشخصية كالتواصل والقيادة أكثر منها أكور لها علاقة بالكفاءة بالعمل والقدرة على توزيع المهمات واختصار الوقت وزيادة الكفاءة.
تجربة تأسيس الطاوية التي خاضها لاو تزو أعتقد أنه لو حصل على ربح من أي مؤسسة طبقتها لامتلك الرجل أموال لا حصر لها، وانظر على سبيل المثال إلى ألفريد سلون الذي كان مدير تنفيذي لشركة جنرال موتورز في العصر الذهبي لها، الرجل طبق كل مبدأ تركه لاو، أسس نطاقات إدارة فرعية ووضع قواعد ومعايير توجيه لها، ثم درب بعض الخبراء عليها، وبعد وقت قصير كانت الشركة تدير نفسها وهو خلف الستار يراقب ويحصد النجاح فقط، فكر في ما تفعله مع الموظفين وتعودهم عليه لدرجة أنك لو مت لن يلاحظ أحد في العمل ذلك، اجعلهم يتصرفون بما قد تتصرف به أنت بنفس الأمر.
أعتقد أن الوصول لهذه الحالة وتمثّل هذا المدير يعني أننا لن نستطيع القيام بأي شيء آخر لفترة طويلة، يعني انغماسنا مع الموظفين والعمل على تطوير اعتماديتهم على أنفسهم واختصار اعتماديتهم وتكييفها بنجاح دون ضرر، وهذا يحتاج إلى أوقات طويلة جداً لتطويرها
يمكن تطبيق مضمون العبارة كما يفعل كثير من المديرين, وهو ألا يشعر فريق العمل أنه دوماً متربص بأفعالهم (حتى الخاطئة) بالرغم من أنه يلاحظ كل تفاصيل العمل, حيث حتى لو كان موجوداً فهو دائماً يعمل بنفسه وبيده بين فريق العمل ويعتبر نفسه وسيلة فقط لتوزيع المهام وتقييم الفريق ولكن لا يكون دوماً وسيلة للتحقيق والتربص بالأفعال البادرة من الموظفين وبذلك عند تطبيق قانون ما أو جزاء أو مكافأة أو عقوبة يكون هذا مفاجئ للجميع
بالفعل التربص بالأخطاء هو أكثر ما قد يجعل الموظفين يشعرون بوجود مديرهم ويشعرون بانزعاج منه أصلاً، التوتر الذي يخلقه هذا الفعل غير طبيعي ولا أعرف لماذا يصر عليه مديرين إلى هذه اللحظة، يعني من الواضح أن هذا يخفّض الانتماء للشركة وللعمل ويقلل الانتاجية ومع ذلك يمارسونه، أنا مرة تركت وظيفة لي ككاتب محتوى بسبب مدير يقوم بهذه العادة ويعتقد نفسه ذكي ومحترف بهذا السلوك!.
يمكن تجسيد المقولة هذه باختصار في تفويض المهام والسلطة، يعني لا يختاجني فريقي بكل صغيرة وكبيرة، ولا يتمكنون من اتخاذ أي قرار بسيط دون الرجوع لي، وهذا النوع من القيادة فاشل وغير فعال، لذا مهم جدا مع فريق العمل التمكين ثم التفويض، يعني أوفر منهجية للعمل واضحة بكل التفاصيل وأدرب ثم إتقان المهام يليها التفويض، إن وصلت لهذه المرحلة بنجاح فقد لا يعرف الفريق بوجودك من عدمه، لأنهم يسيرون بشكل لا يحتاجونك بكل وقت
أنت رأيتها من ناحية "التفويض" وأنا رأيتها في ناحية أخرى تمامًا حيث فسّرتها على أنه يقصد "الاندماج" مع الفريق ومشاركته أعماله وأن تكون يدك كقائد في كل التفاصيل (تتسلم مهام معينة تقوم بها بنفسك مثلًا) لدرجة أن يحسبك كل قسم أنك جزء منه ولست مديرًا يشرف ويوجه فحسب.
أتفق مع مسألة التمكين وأعتقد أن هذا شرط أساسي يجب أن يقبله كل قائد واعي فعلاً بحياته إلى تأثير هذا الأمر وطول مدة تراكمه، يعني التمكين لا يأتي بليلة وضحاها ولا علاقة له أحياناً بالمهارات بقدر ما له علاقة بجو العمل والمناخ وتعريف الموظف على طريقة العمل والشغل عليه وبعد ما يصير بالنسبة لهذا الموظف كل شيء "ممكن" هذا يعني أن تمكينه صار بحالة ممتازة.
التعليقات