تخيل معي صديقك المقرب في لحظة غضب أهانك وجرحك وتكلم عنك كلام سيء، ثم عاد معتذراً وأنه لم يكن يقصد ما يقوله!! صحيح أنه يمكن أن يكون موقفًا صعبًا للغاية، حيث تشعر لحظتها بالغضب والخيبة، وفي الوقت نفسه هو صديقه المقرب وعشرة سنين ولكن هل هذا يعني أن الأمر سينسى بسهولة؟ كيف ستكون ردت فعلك حينها، وما القرار الذي سوف تتخذه هل تسامحه ام تعتبره قال ما كان يخفيه بداخله ؟
صديقك المقرب في لحظة غضب أهانك وجرحك وتكلم عنك كلام سيء، هل تسامحه ام تعتبره قال ما كان يخفيه بداخله ؟
أعتقد أنه من الطبيعي أن أشعر بالغضب والجرح عندما يهينني صديقي المقرب ويتكلم عني كلامًا سيئًا. فهذا يمثل خيانة للثقة والمودة التي بيننا. ولكن في نفس الوقت، أعتقد أنه من الحكمة أن لا أرد بالمثل، أو أن أحكم على صديقي بسرعة، أو أن أقطع علاقتي به. فربما كان صديقي في حالة من الضغط أو الانفعال، ولم يكن يقصد ما قاله. فالإنسان خطاء، ولا يخلو من الزلات والتقصير.
لذلك أعتقد أنه من الأفضل أن أتحدث مع صديقي بصراحة وهدوء، وأن أسمع منه تفسيرًا واعتذارًا لسلوكه. فالحوار هو الطريقة الأمثل لحل المشاكل وتفهم الآخرين. فربما يكون لصديقي سبب مقنع أو مبرر لغضبه، أو ربما يكون نادمًا على كلامه، ويريد إصلاح الأمور بيننا. فالصديق الحق هو من يعترف بخطئه، ويسعى إلى التصالح.
لذا إذا كان صديقي مخلصًا وصادقًا في اعتذاره، وإذا كان كلامه لم يؤثر على سمعتي أو حقوقي، فأنا مستعد لسامحه وأن أبقى صديقًا له. فالصداقة هي رابطة قوية وثمينة، لا تُفسد بسبب خلاف واحد. والسماح هو فضيلة عظيمة، تزيل الحقد والضغينة من القلب. فالصديق الحق هو من يغفر لصديقه، ولا يحمل ضده أي ضغينه.
لذلك أعتقد أنه من الأفضل أن أتحدث مع صديقي بصراحة وهدوء، وأن أسمع منه تفسيرًا واعتذارًا لسلوكه
لكن ليس بطلب ذلك منه أثناء غضبه. من أسوأ الأمور التي قد تفعلها في حق أحدهم هي أن تطلب منه ان يهدأ ويكف عن التعبير عن مشاعره حين يكون في لحظة غضب لأن هذا سيزيد الأمور سوءًا بشكل محقق. الأفضل من ذلك هو أن نترك له المساحة للتعبير ثم نطلب التفاهم معه حين يهدأ وحده، وحينها نسأله إذا كان يعي ما قاله حقًا أم أنها كانت لحظة "شيطان" كما يقولون.
عني شخصيا لا اعترف حاليا بوجود أصدقاء مقربين بل رفقاء مصالح لا غير .. واستنتجت في عدة مواقف أن المرء عند الشدائد يجد نفسه وحيدا في مواجهة أخطار الحياة و إذا كان حظه جيد قليلا سيجد أمه و أبوه و بعضا من عائلته .. إذا كانوا صالحين و ليسوا نرجسيين يتصنعون الود .. ستنكشف الأقنعة عند الشدائد و ينفض الجميع من حولنا تاركيننا في منتصف الخطر .. و حين تنبسط لنا الحياة و تعطينا من سعتها و رزقها سيتجمعون حولنا و تظهر لنا قيمة مصطنعة عند الطامعين و نبدأ في سماع كلمات مدح و ثناء مزيفة تعني في جوهرها ( صداقتكم لا تعنينينا بقدر ما تعنينا جيوبكم ) !
بالنسبة لغضب الصديق أنا أقرأ الجميع قبل أن يقولوا أي شيء و التجريح شيء لن يكون صادما و مفاجئا لي لأنني مدرك مسبقا أنه سيأتي موقف كهذا لكي أبتعد فيه عنه و أرتاح من صداقته المزيفة ..
( صداقتكم لا تعنينينا بقدر ما تعنينا جيوبكم ) !
قد أختلف معك في هذه المسألة يا فتحي، ليس كل الأصدقاء أصحاب مصالح، صحيح أن الصاحب أحيانا ساحب، ولكن هناك من الرفقة المصلحة على الخير والمرشدة لطريق الصائب، ربما نعيش في عالم مزدحم قد لا يكفينا يومنا نحن لاتمام مهامنا، لذلك لابد أن نكون أيضا متفهمين إذا كانت هناك تواصل قليل بيننا، المهم أن تبقى تلك الصلة الجيدة تجمعنا معهم.
مسامحة الشخص على الأذية أو التعدي لا تعني أبداً التهاون في وضع حدود صحية بشكل مرن، إحدى المشكلات التي كنت أعاني منها هي أنني كنت أعتقد أن المسامحة تعني السكوت وتقبل جوهر موضوع التعدي ولكنها طبقا لمثل هذه المواقف ليست إلا لين وعدم إتخاذ رد فعل عدائي بشكل سلبي.
حدث لي هذا الموقف من صديق قديم، قال بحقي الكثير خلف ظهري، ولم يؤلمني كلامه عني بقدر طعنه في شخصيتي ولأن الكلام كان سئ في اعتباري الشخصي فلم أعرف كيف أحكم عليه بدون أن أظلمه، ولكنني انتهيت الى اعتبار أن كل أقواله عبارة عن حقيقة تصوره بشأني ثم عاملته بناءًا على هذه الحقائق
نعم! حققت له أمنياته بخصوص تصوراته عني، ولا أدري ان كنت مخطئا في حقه أم لا! إلا أنني متأكد أنني بخير وأمان
ولكنني انتهيت الى اعتبار أن كل أقواله عبارة عن حقيقة تصوره بشأني ثم عاملته بناءًا على هذه الحقائق
وماذا حدث بعدها، هل أنهيت علاقتك بهذا الصديق ؟
المسامحة من شيم الرجال، ولكن أحيانا الابتعاد بدون التعبير عن الأذى، قد يكون أذاه أخطر على نفسية الشخص، فبرأيك كيف يمكننا الابتعاذ بدون أن نتأذى نفسيا من هذا الموقف؟
مثال الاخوات عندما تغضب الاخت من اختها فأنها تجرحها بكلامها وتتكلم عنها بشكل سيئ هذا لا يعني انها لا تحبها ،فمن يحبك اكثر من اختك
ولذلك لا تدعي غضب صديقتك ينهي ما كان بينكم
عشر سنوات ليست بالمدة القصيرة
عشرة سنوات لا يجب ان تنهيها لحظة غضب
وفي الوقت نفسه هو صديقه المقرب وعشرة سنين ولكن هل هذا يعني أن الأمر سينسى بسهولة؟ كيف ستكون ردت فعلك حينها، وما القرار الذي سوف تتخذه هل تسامحه ام تعتبره قال ما كان يخفيه بداخله ؟
دائمًا ما يخفيه الإنسان هو ما يخرجه في لحظة الغضب لأنه حينها لا يستطيع السيطرة على نفسه أو مشاعره، لذلك لن يكون الأمر سهلاً للمسامحة بل سأقوم بالتفكير كثيرًا في كل الكلمات التي تفوه بها وأنظر كيف يراني بعينيه ! .. فأحيانًا في لحظات الغضب قد يخرج بعض الكلمات الخاصة بالملامة على بعض المواقف والتي من الممكن أن أشعر حينها بالحزن لأنني لم أرى ذلك قبل أن يتحدث عنه وهنالك بعض الكلمات التي لا يمكن المسامحة عليها وهي الخاصة بالندم على صداقتنا لأي سبب من الأسباب حينها لن أتمكن حتى من اعتباره صديق لذلك لا أعتقد أن الأمر يتعلق بالمسامحة فمن الممكن أن أسامحه على ما تفوه به ولكن ستتغير مكانته بكل تأكيد.
على العكس، من ناحيتي، أصدقائي المقربين دائماً ما كانوا أفضل الأشخاص بالنسبة لي. حتى عندما يغضبون، أعتقد أن الكلمات التي تُقال في لحظة الغضب لا تعبر بالضرورة عن مشاعرهم الحقيقية. فأنا أدرك أن الغضب يمكن أن يجعلنا نقول أشياء نندم عليها لاحقًا.
في هذه الحالة، إذا عاد صديقي المقرب معتذراً وأكد أنه لم يكن يقصد ما قاله، فأنا مستعد لتصويب الموقف والتسامح. فالعلاقة التي بنيتها معه على مر السنين تستحق أن تتغلب على لحظات الخلاف والغضب.
أفهم أن الغضب يمكن أن يجعلنا نفقد توازننا ونتصرف بطريقة لا تعبر عننا حقيقةً. لذا، سأتخذ قراراً بالتسامح وعدم اعتبار الأمور التي قيلت في لحظة الغضب، لأنني أدرك أن هذا ليس تمثيلاً دقيقاً للعلاقة القائمة بيننا.
المعني من حديثي السابق لا ينفي أبدًا حقيقة أنهم الأشخاص المقربة والمفضلة لدي دائمًا حتى عند الغضب ولكن هنالك بعض الكلمات الحقيقة التي تخرج في مثل هذا الوقت وتجرح قلبك بطريقة لن يتمكن الشفاء .. على سبيل المثال ماذا إن تحدث على أنه "نادم تمامًا على صداقتكم في كل هذه المدة وأنك شخص استغلالي لا يريد معرفتك مرة آخرى " هل هذا أمر عادي بالنسبة لك ؟ هل مكانة هذا الشخص ستتغير حينئذ أم لأ ؟
بالنسبة لي عندما يتعلق الأمر بأولئك الذين قاموا في السابق بمساعدتي وكانوا دائمًا موجودين لدعمي، يصبح لدي انفتاح أكبر للتجاوب مع ما يقولونه حتى في لحظات الغضب. فقد سبق وأن أثبتوا حبهم لي من خلال تقديم المساعدة عندما احتجتها، وهذا يجعلني أكثر استعدادًا لفهم ظروفهم وتقبل تعابيرهم حتى إن كانت في لحظات غضب.
أما بالنسبة للأشخاص الذين ليسوا من الأصدقاء المقربين، فإن تصرفاتهم وكلماتهم قد تؤثر عليّ بشكل مختلف. قد يكون لدي تفاعل مختلف معهم نظرًا لعدم وجود تاريخ من التفاعل الإيجابي والدعم. في مثل هذه الحالات، قد يكون لدي ردود فعل محتملة تتراوح بين التفكير والاستيعاب أو حتى تقييم العلاقة نفسها ومكانتها في حياتي.
وهذا يجعلني أكثر استعدادًا لفهم ظروفهم وتقبل تعابيرهم حتى إن كانت في لحظات غضب.
ما المبرر الذي قد يجبر أحدًا على قول ذلك؟ .. لا يمكنك أن تضع الأمر حتى طاولة الظروف فهذا غير ممكن فمهما كان الضغط والفضب ليس هنالك ما يمحو ما قاله .. أنا أوافقك الرأي أن يكون لدينا انفتاح في التعامل مع الأمر ولكنه ليس دائمًا، فأحيانًا نصبح غير قادرين على تقبل الإهانة حتى ولو كانت من الصديق المقرب.
على أي حال، يجب أن ندرك أن التفكير والتصرفات تختلف من شخص لآخر وتعتمد على الخلفيات الشخصية والتجارب المختلفة. قد يكون لدينا تفاعلات مختلفة تجاه نفس الكلمات بناءً على تلك العوامل. ومهمتنا في هذه الحالات هي تقديم الدعم وفهم الجوانب المختلفة للقضية دون الإساءة إلى مشاعر أو علاقات الأشخاص المعنيين.
ولكن هذا ليس سؤالي أبدًا أخي شهاب .. لقد تحدثت أنه يمكن للظروف أن تثير مشكلة كهذه لذلك ردي وما هي الظروف بصورة محددة وليس بشكل عام بناء على تجربتك.
وبكل تأكيد أنا مدرك تمامًا اختلاف تفاعلتنا وردود أفعالنا على تصرفات الآخرين ولذلك في بداية حديثي تناولت مختلف المشاعر والكلمات التي يمكن أن تتسبب في أذى بالنسبة لي ولم يكن الموضوع في المطلق.
في الحقيقة القضية غاية في الحساسية والدقة، أن نتجرع من صديق قريب عزيز جرعة إهانة، ونتلقى منه كيلا من الكلام السيء، هذا لعمري موقف صعب، غير أنه ليس أمرا مستحيلا أو غاية في الغرابة المتناهية، ما دمنا نتعامل مع إنسان يخطئ ويصيب.. طبعا المطلوب بحسب التجربة عدم التسرع والعفو والتغاضي، ومراقبة الحالة .. حالة هذا الصديق الجديدة هل ستتطور أم ستتراجع وتختفي؟
قبل عدة سنوات شاهدت فيلما للمثلة رازموند بايك، نسيت اسم الفيلم حقيقة، تتحدث قصة الفيلم عن شاب يقوم يقوم بأذية فتاة بطريقة ما، فتغفر له ويلومها والدها لأنها فعلت ذلك، فتقول:
كرهي له سيؤذيني أنا فقط.
انا مع فكرة التسامح والمغفرة، فالكره شعور، ويجب على الإنسان التخلص من أي شعور يعيق عملية تطوره,
لا أتفق مع فكرة زميلي محمود أن الكلام وقت الغضب هو كلام صادق يعبر عن مشاعر مخزنة ومكبوته، والدليل هنا من تحذير أخصائي علم النفس من اتخاذ قرارات وقت الغضب، لأنها قرارت انفعالية متسرعة، تجلب الكثير من الندم، ومن هنا نستنتج أن الكلام وقت الغضب هو كلام انفعالي دون تفكير متزن، فلو لم يكن كذلك، لقال الخبراء: رجاء اتخذ قراراتك وقت الغضب فأنت تكون في أصدق حالاتك، الأمر غير منطقي بحسب التشبيه!
ردت فعلك حينها، وما القرار الذي سوف تتخذه هل تسامحه ام تعتبره قال ما كان يخفيه بداخله ؟
لقد تأثرت بالفلسفة الرواقية، لذا فأنا أرى الأمور دائما من منظور منطقي بعيد عن الانفعالات الإنسانية والعاطفية، أتعرض للعديد من هذه المواقف بشكل يومي، لكن ردة فعلي تكون عادية جداً، يستغرب الآخرون من تقبلي وعدم حديثي بضرر من شخص معين، لكن أجيب دائما بإجابتي المعتادة:
"هذه هي طبيعة الإنسان، ولم أتوقع منه أكثر من ذلك"
التعليقات