هُناك معضلات أخلاقية كثيرة قد تواجهنا أثناء الحياة أو التفكير، فمثلاً قد فكّرت لو أنّك في مبنى يحترق ولديك فرصة إنقاذ طفل أو لوحة مخصصة للبيع لتُنقذ 20 طفل، من تُنقذ؟ وما هو تبريرك الأخلاقي للأمر؟
إذا كنت في مبنى يحترق، لديك فرصة إنقاذ طفل أو لوحة مخصصة للبيع لتُنقذ 20 طفل، من تُنقذ؟
بالطبع سأنقذ الطفل الذي في المبنى.
السبب؟
إنسانيتي. إنسانيتي لا تسمح أن أترك طفل أمام ناظري يحترق. في هذه الحالة الحرجة يسقط المنطق وتصبح العاطفة الإنسانية صاحبة القرار. طالما أن لوحة بإمكانها أن تنقذ 20 طفلا يمكن خلق واحدة أخرى مثلها ولكن الطفل الذي يحترق لا يمكن أن يخلق بديل له لأنه إنسان ولكل إنسان كيان لا يعوض. الصراحة لا أجرؤ على المقارنة لأنها عبيثة ... الإختيار بين إحتراق لوحة وإحتراق إنسان. لتسقط الأرقام هنا ولتحيا إنسانيتي.
لكن ما تختارينه حضرتك وبرأي الكثيرين هو بالضبط عكس المنطق، إنّما هي أمور مبنية على المشاعر البحتة، الفلسفة النفعية مثلاً التي تقوم عليها كُل البلدان الأوروبية التي نراها الأكثر تفاعلاً ورحمة في مسألة الحقوق الإنسانية تقوم على مبدأ إنقاذ الأكثرية دائماً، مهما كانت العواقب.
الأمر يستعرضه مثلاً مسلسل تشيرنوبل ببراعة، الذي تحدّث عن مفاعل تشيرنوبل الشهير، حيث اضطرت روسيا إلى التضيحة بثلاث شبّان، بفرقة كاملة لإطفاء عنفة في المفاعل وعرّضتهم لخطر الموت الأكيد حرقاً وتسمماً ومرضاً لإنقاذ الناس، وبنوا كل هذا بناءً على افتراضات غير أكيدة أيضاً، إذ أنّ المجموع والصالح العام يتفوّق بمعظم الفلسفات تقريباً على الصالح الفردي.
يمكنني تقديم بعض المعلومات والاعتبارات العامة التي قد تكون مفيدة في التفكير في هذه المعضلة الأخلاقية.
بالنسبة لي فيما يخص هذه المعضلة سألجأ الى المبدأ الأخلاقي للنفعية، والذي يؤكد على أعظم خير لأكبر عدد من الناس. و في هذا السيناريو، سأختار إنقاذ العشرين طفل على حساب طفل واحد.
لاتخاذ هذا القرار، قد يحتاج المرء إلى النظر في عدة عوامل بما في ذلك:
قيمة الحياة البشرية أكبر من أي قيمة اخرى: الحياة البشرية هي بطبيعتها أكبر قيمة من أي شيء آخر، حتى لو كان لهذا الشيء قيمة نقدية أو ثقافية كبيرة.
عدد الأشخاص المتأثرين: قد تشير النفعية إلى أن القرار يجب أن يستند إلى عدد الأشخاص المتأثرين، فإن إنقاذ 20 طفلاً سيؤدي إلى فائدة إجمالية أكبر من إنقاذ طفل واحد أو لوحة.
ما رأيك صديقي؟
هذا ما قلته في التعليق السابق تماماً! ولكن هُناك بعض البشر يقولون بأنّ الأمر قد يجعل من الشخص الذي قام باختيار هذا الأمر مجرماً بكل تأكيد حتى ولو اختار الصائب بالمنطق، فكيف ترى الموضوع حضرتك من وجهة نظر كهذه؟ هل فعلاً قد تقيّم نفسك لو اضطررت لهذا الأمر كمجرم فعل الأمر الصحيح؟ أم تعتقد أنّك بريء من أي ملامة حقيقية اتجاهك؟
في البداية كنت سأُجيب بإنقاذ اللوحة لأنها من المفترض أنها سوف تساعد عدد أكبر من الأطفال، ولكن بعد التفكير لبرهة هل فعلًا اللوحة سوف تنقذ الأطفال؟ غير مؤكد وقد تتلف اللوحة بعدة أشكال أخرى غير الحريق وبالتالي سأكون أنقذت لا أحد، وأيضًا غير أخلاقي ترك طفلة ليحترق جلده تمامًا وهو لا حول ولا قوة له ولا يستطيع إنقاذ نفسه، لذلك سأقوم بغنقاذ الطفل.
أما بالنسبة للوحة يمكن إنشاء حفل خيري بعد ذلك لجمع ثمن اللوحة ثانيًا وإنقاذ باقي الأطفال، ومثل هذه الاحتفالات يكون فيها عدد كبير لأنها عمل إنساني. برأيي هذا أفضل خيار لأنه ينقذ الجميع.
ولكن بعد التفكير لبرهة هل فعلًا اللوحة سوف تنقذ الأطفال؟ غير مؤكد
لكن هُناك احتمالية كبيرة أن يكون هذا مؤكداً أيضاً، هل برأيك مُجرّد أنّنا نحن من قد يتخذ القرار ونقوم بذلك فإننا سنقوم بإنقاذ الطفل؟ (وفي حال كان هُناك شخص آخر سيقوم بالمهمة سنطلب منه إنقاذ اللوحة؟) ما أؤشّر إليه، هل هذا القرار مبني على منطق حقيقي هدفه اختيار الجواب الأقرب للصواب أم أنّ الأمر متعلق بمشاعرنا أكثر؟
يمكن اعتبار هذا السؤال بسيطًا، لكنه يحمل الكثير من المعاني والأبعاد الأخلاقية والاجتماعية. فهو يجعلنا نتساءل عن القيم التي نحتفظ بها في حياتنا وهل نضع قيم الفردية والذات أمام القيم الجماعية والإنسانية؟ هل نتخذ القرار الذي يجيب عن حاجة شخص واحد أم نتخذ القرار الذي يفيد الجميع؟
بالرغم من أن هذا السؤال يعتمد على افتراض واحد فقط، إلا أنه يثير العديد من الأسئلة الأخرى التي قد تكون أكثر صعوبة وتعقيدًا. فماذا لو كان الخيار بين إنقاذ طفل وإنقاذ عائلة كاملة؟ أو بين إنقاذ قطة وإنقاذ كلب؟ هل يمكن للعقل الإنساني تحديد الحل الأمثل في مثل هذه الحالات؟
الأمر يتعلق بتفضيلات الفرد وقيمه الشخصية، فقد يفضل بعض الأفراد إنقاذ الأطفال، بينما يفضل آخرون إنقاذ اللوحة الفنية، وهنا يتدخل العوامل الأخلاقية والاجتماعية والثقافية والدينية. لكن الأهم من ذلك هو توقع واستعداد الفرد للتصرف في حالات الطوارئ واتخاذ القرار المناسب في ظل الظروف الصعبة، وفي النهاية يبقى الهدف الأساسي هو إنقاذ الأرواح والمحافظة على الحياة.
الأمر يتعلق بتفضيلات الفرد وقيمه الشخصية
لا أعتقد أنّ الأمر يسير على هذا النحو فعلاً، هل حقاً قد تكون هُناك تفضيلات فردية في الحياة لإنقاذ شخص على حساب مجموع؟ هل هذا يُعد منطقياً؟ (برأيي لا يغدو هذا منطقياً إلا في حال كان هذا الواحد شخص من أهلنا) ما أشعر به هو أنّ الأمر يصعب علينا في هذا الموضوع ويحيّرنا فقط الجزئية التي تقول: أنت المسؤول، قرر.
المبدأ الأكثر شيوعا هو إنقاذ الجمع الأكبر وهو العشرون طفلا.... لكن لو فكرنا ببعض المنطقة ستجد أن العقل يقول ننقذ الطفل حاليا ثم بعدها نفكر في بديل للوحة المحترقة يقوم لنفس العمل ... يمكن توفير المال من أي سبيل لإنقاذ الأطفال العشرين بعد إنقاذ ذلك الذي كان في الحريق؛ لكن لن يمكن للمال الذي سنوفره إنقاذ الطفل الذي احترق لو أننا عكسنا الاختيار
لأقرّب لحضرتك المسألة وألغي مسألة الاحتمالات وقدرتك على إنقاذ الطرفين
ماذا لو كانت ذات القضيّة مستعرضة على الشكل التالي: سيارة تمشي على طريق سريع واجهت خمس أشخاص أمامها في منتصف الشارع يلعبون ويبدو أنّهم سكارى، بينما هناك على الرصيف طفل وأمّه ينتظرون في موقف الباص، هل ستدهسين الطفل وأمه المتقيّدين بالأماكن الصحيحة للوقوف أم الـ 5 السكارى الذين يفترشون الطريق السريع باستهتار شديد؟
لو وضعتُ في هذا الموقف، لن أتردد في اختيار إنقاذ الطفل، لأن الحالة استعجالية ولا تتحمل أي تأخير ولو لبضع دقائق، وستزهق روحه حرقا في الحال. وبعد ذلك نفكر في كيفية جمع التبرعات لأنقاذ العشرين طفلا.
لو فرضاً فعلتِ هذا بالفعل بالحياة الواقعية، ومن ثمّ عجزتِ فعلاً أنت والمجتمع على إيجاد بديل للوحة، ألا تعتقدين أو تصنّفين نفسك مسؤولة عن موت الـ 20 طفل مقابل واحد؟
لو اخترت ترك الطفل وأخذ اللوحة التي بثمنها ستنفذ ٢٠ طفل فأنت قاتل ( شاركت في قتل طفل ) (الشاهد قريب الفاعل)
لأن نفسأ اطعتها لتترك طفل يموت أمامك بل وجلست تفكر قليلاً هل تنفذه أم تأخذ اللوحة لن تجعلك تتبرع بقيمة اللوحة
وستجعلك تلك النفس ترى أنك أحق بثمنها أو تأخذ النصف على الأقل
أتساءل كيف ستقبلك زوجتك أو حتى كيف سيراك بَنُوكَ ( أبناءك) بعد أن يعرفوا أنك تركت نفساً تموت بتلك السهولة والأسوء كان طفلا؟
ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء
طبعا يجب انقاذ الطفل ...
مبنى يحترق يعني خسارات بعشرات الملايين ولوحة لن تقدم او تؤخر ...
مبدء التضحية بالقليل لصالح الاكثر ... اجده مبدء يستغله بعض السياسيين والعسكريين لتبرير تصرفاتهم ...
اخيرا بالنسبة لكل شخص اختار انقاذ اللوحة ... هل سوف يكون جوابك نفسه اذا علمت ان الطفل الوحيد هو إبنك ؟؟؟
مبدء التضحية بالقليل لصالح الاكثر ... اجده مبدء يستغله بعض السياسيين والعسكريين لتبرير تصرفاتهم ...
ماذا لو أضفنا للمثال السابق معطيات جديدة؟ أن يكون طفل حضرتك هو من الـ 20 الباقين وأنت تعلمين حقّ العلم بأنّ لا سبيل تقريباً لتعويض اللوحة، بأنّ نسبة تعويضها أقل من 5% في مجتمع يعدم أي إمكانية للمساعدة، هل ستغامرين بطفلك و19 معه، تغامرين بموتهم مقابل إنقاذ طفل واحد بشكل مُحتّم؟
في بلاد الشام نقول هذا كعك ( مذكر - لا اعرف سبب الخلط ؟)
القرار الفوري بمعضلتك هو بين ( ما يمكن استبداله بما لا يمكنا استبداله ) ... ( حياة مقابل مال )
بغض النظر عن استخدامات المال لاحقا ... فخياري انقاذ الطفل طبعا...
ثانيا. نحن نعيش فقط بالحاضر ... لا بالماضي ولا المستقبل . فتصرفي الان سيكون بموجب الحدث الأني ( موت طفل ). اما لعبة الاحتمالات ٥% فهل انا الشخص الوحيد اللذي يستطيع انقاذ الطفل. ربما يوجد عشر رجاء اطفاء عندهم فرصة كبيرة لانقاذ الطفل عندها اختار اللوحة .
قصةحقيقية ( كعادتي لتوضيح فكرتي ).
كنت في ميترو اوتوماتيكي بدون سائق. وفي ظل الازدحام وانشغال الناس. لحظة فتح الباب علقت يد طفل ( ١٠ اعوام ). كنت الشخص الوحيد اللذي لاحظ ذالك واعلم ان الباب سوف يغلق خلال بضع ثواني. وربما تتمزق بضع اصابيع من الولد...
استخدمت جسمي بالكامل لاعاقة الباب وبدأت بشد الطفل لاحرر اصابيعه ...
طبعا تصرفي غير قانوني!!! ... اعاقة مواصلات عامة واحتكاك جسدي بطفل رغم معارضة والدته ووو
المهم كان تفكيري منحصر بانقاذ يد الطفل اولا.
وقتها اخرجت يد الطفل ثم اغلق الباب بيننا انا بقيت بالخارج وهو بالميترو اللذي بدء يتحرك... ابتسمت له .
كانت ابتسامتي عريضة وبخاصة ان امه كانت تبربر غاضبة بلغة يابانية لا افهمها ...
بالفطره سيكون انقاذ ما يمكن انقاذه فى الوقت الحالى وهو انقاذ الطفل اما اللوحه فهى اداه فقط يمكن ايجاد الف بديل لها فمن صنعها سيصنع غيرها
تلقائيًا سيقوم بإنقاذ الطفل الذي أمامه وسيترك عملية إنقاذ الآخرين للخطوة التالية. فأنت لا تملك وقت
لكنّ حضرتك تملكين كلّ الوقت للإجابة عن السؤال ومع ذلك تختارين إنقاذ الطفلة، ألا يجعل هذا حضرتك ميّالة إلى أنّ الأسباب الكامنة وراء هذا الفعل مثلاً ليس لها علاقة نهائياً بالوقت أو الأخلاق، إنّما بأننا بهذا الخيار نُبرأ أنفسنا من وقوعنا في احتمالية أن نكون نحن السبب المباشر لمقتل الطفل؟ وأما ال20 فالسبب هو احتراق لوحتهم. أي باختصار المسألة لها علاقة بالمسؤولية بشكل مباشر؟
التعليقات