لا اعلم هل يتفق معي الكثيرين أم لا، ولكني أكثر الأشخاص التي أمقتها هي من تدعي المعرفة بكل شيء وأجد صعوبة في التعامل معهم، سواء كان هذا في حياتي التعليمية أو الاجتماعية أو حتى العملية!
السؤال الذي يراودني هنا، كيف تتعاملون مع مثل هؤلاء الأشخاص؟
أعتقد أنه أخذك لهذا الموضوع على محمل الجد و استعصاء مواجهة هاته الشريحة من الناس عليك, هو ما جعلهم بهذه القوة و الثقة في فرض نفسهم على الأخرين.. هؤلاء بالنسبة لي نكرة. عندما تترك في أنفسهم هذا الإنطباع سيعودون إلى رشدهم.
السؤال الذي يراودني هنا، كيف تتعاملون مع مثل هؤلاء الأشخاص؟
موضوع ممتاز، شخصيا أعاني من أشكال هؤلاء الأشخاص في حياتي، خاصة الجامعية، الشّيء الملاحظ فيهم هو تكبّرهم الذي تفضحه كلماتهم، وهذا أمر جلل، فعوض أن نطلب من الله سبحانه وتعالى أن يزيدنا علما، وأن يباركنا فيه، لقوله تعالى:"وقل ربِّ زدني علما"، عوض ذلك ترينهم يتباهَون بمعرفتهم لبضعة أشياء، وهي في الحقيقة لا تساوي شيئا أمام المعرفة الحقيقية الحقّة.
أمّا عن مواجهتهم! فلا أدري لماذا نواجههم من الأساس، وما الهدف من ذلك؟ ومالذي سنجنيه من التّعامل معهم! الحلّ بسيط وهو أن نتعامل معهم بما يظهرونه معنا، نحن لسنا مطالبين بتغيير عقليتهم وذهنيتهم في المقابل يمكننا نصحهم وإرشادهم بالتي هي أحسن فإن تقبّلوا النّصيحة بها ونعمت، وإن رفضوها فلا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها، وإن أصرّوا على تكبٍّرهم وغرورهم فالدّنيا كفيلة بفضحهم وتبيان حقيقتهم تجاهلهم كفيل بذلك أيضا.
مدّعي المعرفة لا يهتم اساساً بتأييد المعرفة ذاتها أم نقدها، كل ما يهتم به هو ان لا يسرق احداً تاج - أبو العرّيف - الوهمي الذي نصّبه لنفسه. ومن كان هذا حاله فلا يُعبأ به، فموافقته ام معارضته دائماً ام احياناً لا تؤدي إلى نتيجة. وبما ان الحال كذلك؛ فالأيسر إذن ان يُسايرَ اتّقاءً لشرّه حتى يأذن اللهُ في أمره.
فالأيسر إذن ان يُسايرَ اتّقاءً لشرّه حتى يأذن اللهُ في أمره.
ولكن هذا سيوهمه أكثر بالمعرفة وسيقع بشكل أكبر تحت تأثير دانينغ-كروجر ووهم التفوق وبالتالي سيزداد غروره!
سؤال مهم.
عالج المعرفة بالمعرفة. يختصر هذا القول جميع النصائح التي يمكن إتباعها لمواجهة هكذا فئة من البشر. بحسب نظرية المعرفة لفوكو فإن "المعرفة هي القوة". لذلك يمكن التعامل مع هؤلاء الأشخاص بعدة طرق:
بالفعل و هي من الخيلاء و التكبر، و هي صفة مقيتة فمن بالفعل عالم تمام العلم مع أن العلم كله بيد الله تعالى، إلا أن من زاد علمًا زاد تواضعًا.
أتذكر في مكان عملي في الصيدلية رجل يعمل معنا دائمًا ما يدعي العلم في حين أنه مساعد صيدلي و ليس صيدليا، و دائما ما يعلو صوته ب " اسألوا أهل العلم!" مشيرًا بذلك لنفسه. أليس هذا من الكبر كذلك؟
لكن في الواقع كونه شخص لطيف و عفوي لا يمح له هذه الخطيئة. و يجب علينا التعامل مع هؤلاء الأشخاص بكل روية و إحسان. و لا يجب علينا الكره سوى في الأذية المضرة، و أنت حر ما لم تضر.
و اللطف دائما ما يغلب الكبر، و ادع هذا الشخص للتعاون مما سيجعل هذه الصفة تتلاشى شيئا فشيئا.
و يجب علينا التعامل مع هؤلاء الأشخاص بكل روية و إحسان. و لا يجب علينا الكره سوى في الأذية المضرة، و أنت حر ما لم تضر.
بالتأكيد أن لن أحمل الكره تجاههم، ولكن لابد من وضع حد لهم، لهذا اريد أساليب معينة يمكنني اتباعها في تعاملي معه كوني حاولت أن اضع حدود بيني وبينهم ولكن فشلت لان هؤلاء الأشخاص قد يكون قريبين منا بشكل كبير.
في إطار العديد من مجتمعات المثقفين والمهتمين بالأدب والفن، أدركت أن عملية الادعاء لا تتصل على الإطلاق بنوع الممارسة نفسه، وإنما بنوع رغبة الفرد في الانتماء لجماعة بعينها، لها اهتمامات وممارسات يرى فيها هذا الفرد إما الخلاص من مجتمعه القديم، أو الوصول إلى صورة يجدها مثالية من نفسه.
في هذا الصدد، أجد دائما أن الشغف الحقيقي هو العامل الأساسي في عكس هذه العملية، حيث أنه يحمينا من الرغبة في الادعاء ويدفعنا دائما إلى الأمام دون العناية بآراء الآخرين.
من جهة أخرى، لا أرى حلولا وسطى مع هذه الفئة للأسف. وأجد أن اعتزال الفرد لهذه المجتمعات قدر الإمكان، دون عنف أو تراخي، هو الفرصة الحقيقية أمامه لتجنب هذه الأجواء والتعافي من أثرها عليه.
أذكرتني أخي بقول أبي نواس وهو يذم أحد رجال الدين الجهلاء المتعصبين:
قل لمن يدعي في العلم معرفةً حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء!
لا تحظر العفو إن كنت امرأً فطناً فإن حظركه بالدين إزراء
فلا تهتم أخي بمن يدعي العلم والمعرفة في كل شيئ؛ فمن يفعل ذلك يعاني من مركب نقص شديد وقد تكون آثاره النفسية تمتد إلى فترة الطفولة. وأنا تعرضت وما زلت أتعرض لمثل ما تتعرض له في كافة مشارب الحياة ولكني أصبحت لا أجادل ولا أقوى على الجدال الكثير الذي يهد الحيل ويقطع النفس. فإذا جادلني أحدهم في مسلمة من الأمور وخالفها ولم يأبه بحجاجي له، قلت له باسماً: أنت صح...أنت على صواب! هكذا بكل بساطة.
مهلا مهلا حتى لا يتختلط الحابل بالنابل هنا أو على الأقل دعني أنحي جانبا من الأمر والاعتبار ها هنا هكذا:
نحن بعصر الانفجار المعرفي وهو لا يزال متفجرا يتسارع في تفجيره يبدو بعيدا عن الهدوء والخمود قريبا. ومن خصائص أو تداعيات هذا العصر أنك تقابل الناس فتجدهم ملمين بكثير كثير من المعارف ولو بقدر ودرجات متفاوتة وهذا غير الشره المعرفي الذي لا ينضب ولا محل لنضوبه بصحوبية أو مصاحبة أجهزة ووسائل وأدوات هذا العصر العجيب.
ولكن هنالك من يعرف نفسه ب "أبو العريف" وهو غير ملم بالمعرفة ابدًا، هنا ماذا سنفعل؟ كيف نتعامل معه؟
لست مجبرا على التعامل مع أي حد في مجال المعرفة.
المشكلة ستأتي لما يختلط الأمر علي فلا أدري تماما كلام الذي أمامه عن علم ودراية أم ادعاء كاذب وكلام غير دقيق. وإذا شككت فأراجع وراءه. وإذا تبين لي أنه من منهم ارجع وأبين خطأ وربما جرمه في حق نفسه وغيره إن كان الأمر مهما قد يتسبب في مشكلات للآخرين.
أفضل تصرف مع أبي العريف هذا أن تعرّفه ومن حوله أنه "ابن للجهل والادعاء الكاذب".
ليس عيبا في وجود شخص يدعي معرفة شئ ولكن بعد نقاشنا يعترف بأنه استفاد واكتسب معلومات جديرة بالاهتمام، ولكن العيب فأولئك الذين يدعون المعرفة ولا يتقبلون النقد بتاتا، يكتبون في كل شئ كأنهم هم المصدر الأول للمعلومة، يحللون انطلاقا من قراءاتهم القليلة التي لا تتعدى صفحات متناثرة هنا وهناك، ينتقدون من لهم باع في المجال الذي نشب الشيب أعمارهم.
شخصيا، هؤلاء الأشخاص استمع إليهم ولكن لا أجادلهم في ادعائهم للمعرفة، وإذا خاطبك الجاهل قولوا سلاما لهم وتركهم يدعون معرفتهم لهم، فالإنسان حتى ولو اطلع على بعض المعارف لابد أن يعترف بأن يجهل لبعض من الأشياء، فمن سبقونا و من هم متخصصين هم أدرى بالمجال.
وقد لا أرى أجمل من هذه المقولة لشافعي:"كلما ازددت علماً ، كلما ازدادت مساحة معرفتي بجهلي"
لماذ افترضت انهم مدعون .. هناك اشخاص مطلعون ويقرأون بكافة المجالات فتجدهم أينما حدثت معهم لديهم الخبرة في طرح آرائهم .. ستسألني لما أنحاز هكذا .. لأني لست دراسة بمجال الطب شيء لكن مطلعة جداً جداً فأي حديث طبي تجدني أضع تعليقي الخاص بالموضوع وليس فقط لأدعي العلم بالأمر ولكني لأني مطلعة ...
ولكن إذا كنت تقصد من يضع رأي خاطئ ظناً منه أنه يعلم بكل شي فنصيحتي الوحيدة " ابتعد عن هذه الفئة" لأن جدالهم سيلحق الأذى بغيرفائدة فلا داعي لأن نستنفذ طاقتنا معهم .
التعليقات