تتغير الحياة من يومنا بصورة دائمة، فدوام الحال من المحال كما تعلمون. ولكن هذه التغيرات والتقلبات تضعنا أمام شعور غريب تجاه المستقبل، وكأننا نخشى كل حدث مجهول ونتوتر بشأن ما يخبئه لنا المستقبل. ومن ثم يتحول هذا الشعور إلى حزن استباقي للأحداث السيئة المتوقعة، فهل تشعرون بأن الحزن الاستباقي يؤثر على حياتكم، وكيف تتخلصون من هذا الحزن؟
الحزن الاستباقي.. هل تتوقعون البلاء قبل حدوثه؟
مايحدث معي أحيانا هو تسلسل الأحداث السيئة وراء بعضها البعض، فعندما أكون في حالة نفسية سيئة فغالبا تأتي الخطوة الموالية بكارثة تجعل تلك الحالة النفسية تتأكد .. وهكذا دواليك.
فهل تشعرون بأن الحزن الاستباقي يؤثر على حياتكم، وكيف تتخلصون من هذا الحزن؟
قيل أن المشاكل لا تأتي فرادى، لذا كلما كان الشخص في حالة نفسية جيدة تأتي الأحداث مطاوعة له، أو على الأقل يرضى بما هو آت، وكلما كان مزاج سيء تجدين كل الأحداث تتآلب عليه وكأنه مستهدف من الأقدار.
الحل الوحيد أن نحاول السيطرة على أفكارنا بحيث لا ننجرف نحو تيار اليأس والسلبية.
أتيت إليك من المستقبل الذي لا يحمل سوى بشائر الخير ! حين كنت في فترة المراهقة أو حتى في أوائل العشرينات كنت أفكر بهذه الطريقة؛ وكأنني أتلهف للحزن و أبحث عنه. أصبح القلق من المستقبل هو أمر طبيعي بالنسبة لي؛ لكن ذلك كان مرهق للغاية!
لكني أصبحت أفكر بطريقة عكسية وهي أن هذا اليوم الذي أعيشه الآن كان مستقبلاً بالنسبة لي في الماضي وكنت أخشاه واليوم أنا مطمئنة بحمد الله فلماذا إذا القلق؟ طالما أن الأمور ليست بأيدينا فلا بد أن نبحث عن مخرج من السلبية حتى وإن كان بالتحايل على أنفسنا.
نحن نخاف المستقبل كونه مجهول ونتعامل معه كما نتعامل مع الأشياء الغامضة بالنسبة لنا من خلال الحذر؛ ولكن حين يصبح هذا الحذر خوفًا ورهابًا مبالغاً فيه فإن هذا يتحول لمرض.، ولا بد من عدم التهاون في علاجه..
من المخاوف التي أرقتني كثيرًا في ذلك الوقت : أن أصاب بمرض ما، كما لو أصبت بالزهايمر! كنت أحزن على نفسي من ذلك لكني تجاوزتها من خلال التفكير العكسي بأنني لو أصبت بذلك فسأكون غير مدركة أصلاً ولن أشعر بأنني لست بخير و لن أكون عبئًا على أحد لأن عائلتي تحبني و أنا مهمة عندهم فهذا سيجعلهم يحافظون على شعوري حتى آخر لحظة في عمري
هذه الطريقة في التفكير كان يوصي بها الكثير من مدربي التنمية البشرية والاخصائيين النفسيين مثل الدكتور أحمد عمارة و الدكتور إبراهيم الفقي و إيما تانوفيتش عالمة النفس..
وفي إطار آخر نحن حين نحزن نجذب لأنفسنا طاقات الحزن من كل حدب وصوب، فلماذا لا نستخدم طاقات الجذب من أجل استجلاب الافراح والمسرات بدلا من ذلك ومن ظن بالله خيراً ما خيب الله ظنه أبدًا
يقول علي بن أبي طالب : كل متوقع آت، فتوقع ما تتمنى.
لكن دعيني أسألك لو قدم لك كتاب حياتك المستقبلية هل ستفضلين قراءته أم تركه للمفاجآت ؟
لكن دعيني أسألك لو قدم لك كتاب حياتك المستقبلية هل ستفضلين قراءته أم تركه للمفاجآت ؟
أفضل ألا أقراءه، فلن أحب معرفة مستقبلي وإلا فأين الحماس والطموح، ومتى سأشعر بالفرح والحزن؟ كل شيء سيكون متاحًا أمام ناظري وسيتحول الحاضر والمستقبل إلى ماضي لم أعشه. الحياة ليست وردية وبها من المصاعب الكثير، ولكني أفضل المرور بها وتجاوزها دون معرفة مسبقة بما ستؤول إليه الأيام.
يمكنني القول أن عامل المفاجأة والمستقبل المبهم هو ما يدفع جميع البشر إلى العمل، ولو اختفى هذا العامل لما عمرت الأرض منذ بدايتها، فسبحان الله على خلق الغيبيات ووضعنا في حياة للعمل والعبادة والإتقان دون بحث وراء معرفة المستقبل.
كانك تتحدثين عما كنت أفعله من سنوات وكان شعورا كارثيا حيث كنت استبق الأحداث وأقوم بالحزن عليها مسبقا وعند وقوعها يكون الحزن مضاعفا، وعندما علمت أن "كل ما تفكر به تحصل عليه"، أخذت القرار بالتفكير بطريقة إيجابية وكان هذا من الصعب حيث أن عقلي ونفسي كانوا مظلمين والوصول إلى النور كان شاقا ولكن بعد التدريب على التفكير بإيجابية ودفع الأفكار والمشاعر السلبية وتقليص تضخيم الأمور، أصبحت صحتي النفسية أفضل لذلك انصح للتخلص من هذا الحزن اتباع الخطوات التالية:
* عند ظهور الفكرة السلبية في المستقبل، قم على الفور بالتفكير بطريقة إيجابية وتذكر أن كل ما تفكر فيه ستحصل عليه.
* دون كل ما هو إيجابي وجيد في حياتك حتى تتذكر دائما أن القادم أفضل.
* استعن بالله دائما وابدا واستعذ من الشيطان حينما تسيطر عليك أفكارا سلبية لأنه يكره أن تكون بخير وبصحة نفسية سليمة
اتمنى ان أكون قد أفدتك ولو بشيء بسيط
فهل تشعرون بأن الحزن الاستباقي يؤثر على حياتكم،
بالتأكيد سيؤثر، ولكن لا يمكن لحزننا الاستباقي أن يخفف من هول الفاجعة عندما تحدث، فمثلا من يشعر بأنه سيفقد وظيفته، قد ينتابه الحزن الاستباقي، ولكن عند فقدان الوظيفة ووالفترة التي ستأتي بعد فقدان الوظيفة ستكون أكثر إرهاقًا.
قس على ذلك حزننا الاستباقي على شخص يحتضر و علاقة زواج ستنتهي بالانفصال وغيره. ثمة دراسة سويدية أُجريت على 1000 أمرأة كانوا أزواجهن في حالة احتضار، بالرغم من أنهن كان في مرحلة حزن استباقي، إلا أن الأمر كان أكثر ارهاقًا بعد فقدان أزواجهم.
كيف تتخلصون من هذا الحزن؟
ولماذا نتخلص منه شيماء أن كان هوله أخف حدة من الحزن الذي سيأتي بعد الفقدان والخسارة، السؤال هنا، كيف سنتعامل معه،
- برأيي أنه يجب أن نؤمن بأن الحزن الاستباقي هو أمر طبيعي الكل قد يمر به.
- طلب الدعم من الأقارب أو الأصدقاء أو أي شخص تخمل الثقة تجاهه.
- استخدام تقنية 1، 2، 3، 4، 5 ، فهنا يمكنك أن تتعرف على 5 أشياء يمكنك رؤيتها، و4 يمكنك لمسها، و3 يمكنك سماعها ، و2 يمكنك شمهما وواحد يمكنك تذوقه.
- حاول أن تضع نصب تفكيرك في ماذا ستفعله خلال هذه الفترة، فمثلا يمكنك التعاطف مع نفسك والبحث عن وظيفة أخرى، في حال فقدان وظيفة. أما إن كان هناك أحد قريب منك يحتضر، يمكنك التعاطف معه ودعمه ومساندته معنويًا وماديًا.
- وآخيرًا إن شعرت بأن الأمر زاد عن حده، يمكنك اللجوء إلى مختص نفسي.
ولماذا نتخلص منه شيماء أن كان هوله أخف حدة من الحزن الذي سيأتي بعد الفقدان والخسارة
نظرتك للحزن الاستباقي نظرة إيجابية يا هدى، وهذا ما دفعني للتفكير في إيجابيات هذا النوع من الحزن وأهمها هو تمهيد الطريق لأحزان أكبر وأصعب. فنحزن على المريض في أواخر أيامه ولكن بذلك نمهد لعقلنا فكرة تقبل موته ورغم شدة الحزن عليه، إلا أنها ربما تكون أقل من الحزن على متوفى لم يكن مريضًا ومات بصورة مفاجئة، فأخذ الحزن الطبيعي مكانة كبيرة في قلوب أقاربه الذيم لم يمهدوا لأنفسهم احتمال فقدانه عما قريب.
استخدام تقنية 1، 2، 3، 4، 5 ، فهنا يمكنك أن تتعرف على 5 أشياء يمكنك رؤيتها، و4 يمكنك لمسها، و3 يمكنك سماعها ، و2 يمكنك شمهما وواحد يمكنك تذوقه.
لم أفهم الخطوات المقصودة من هذه التقنية يا هدى.
النفس بطبيعتها تخاف من كل ما هو مجهول، تخاف من المستقبل، وتخاف من الغيب، وتخاف من الأماكن التي لا تعرفها خصوصا لو كانت مقفرة او مهجورة.
لكن يجب على الإنسان ألا يتوقع البلاء قبل حدزثه، تفاءلوا بالخير تجدوه، وبعض القدر يجري على الألسنة.
نعم يحتاج الإنسان لاتخاذ التدابير، لكنها تكون بصفة عامة، لا تقديرا للبلاء.
الحزن الاستباقي او الحزن التوقعي، اصعب من الحزن التقليدي. بل ان الحزن التقليدي لا يمكن ان يشكل تأثيرا كبيرا امام الحزن الاستباقي.
الحزن الاستباقي يرتبط بالتنبؤ والذي قد يعزو الى تجارب او علم او غير ذلك من المعطيات، فمثلا هناك انواع من امراض السرطان يقول العلم عنها ان المصاب بها ستكون حياته كارثية او قد لا يطيل عمره لسنوات او حتى لشهور، هنا يقع الشخص نفسه والمحيط به في الحزن الاستباقي. ولربما التساؤل: هل وقوع الحزن الاستباقي سيكون مخففا للحزن نفسه ام لا؟
في مجال آخر فان الحزن التوقعي او الاستباقي يصيب الاشخاص العاطفيين والاقل قدرة على المواجهة او احتمال الالم. لهذا فهم يقعون فريسة للاوهام والامراض العضوية والنفسية ولذا في بعض الامراض نجد ان العبارة المالوفة هي (المهم ان تكون النفسية مقبولة) اي ان الخلل يكمن في الحزن نفسه الذي سيفاقم الحالة وسوف يضعف الاستجابة للعلاج.
علينا علينا نكون اكثر احتمالا وتحملا وصبرا مع الرضى لنتمكن من مواجهة الاحزان والا نضع المستقبل رهينة لها.
أرى الأمر من زاوية أخرى يا مازن، فالتعامل مع الحزن الاستبقاي بالنسبة للكثير من الأشخاص لا يكون مقنعًا أو ذا جذور واقعية على الإطلاق، وإنما يكون مجرّد نوع من مشكلة أخرى لا يدركها الشخص.
لدي بعض الأصدقاء من هذه النوعية من الشخصيات، حيث أنهم يفترضون الأسوأ دائمًا حتى وإن كانت الأمور لا توحي بذلك على الإطلاق، وهذه النوعية من الأشخاص لا ينتج عن طريقتها في التعامل إلى إبعاد كل الأشخاص من حولها في النهاية، لأنهم أمام هذه الدرجة من التشاؤم يصبحون أشخاصًا متطلّبين للطمأنينة أكثر من اللازم، وبالتالي فأنا أرى أن مشكلتهم ليست في مفهوم الحزن نفسه، وإنما في مفهومهم عن الحياة وعن علاقاتم بها بشكل عام.
التعليقات