أغلبنا حين نسهر في الليل بسبب الالم أو أرق لسبب ما، فإننا نميل لاستذكار أحزاننا ونغرق فيها، وحتى في النهار نذهب للأمر ذاته، هل نفعل ذلك لأن الحزن يثير عواطفنا بشكل أكبر وأعمق أم هناك أسباب أخرى؟
لماذا نميل إلى الحزن أكثر؟
ربما لأنها طبيعة الدنيا؟ لو راجعنا أيامنا لرأينا أنه مقابل كل حدث سعيد يحدث لنا يعادله 5 احداث حزينة.
أعتقد أن الحزن شعور له أثر أعمق في النفس البشرية، من السعادة حيث أن طبيعتهم تختلف فالسعادة لحظية، ومشاعر السعادة الغامرة نادرة جدًا بينما الحزن فيمكن له أن يخيم على المرء لوقت طويل جدًا، كما أننا نميل للتعلم من الأحزان لا من اللحظات السعيدة
يميل الانسان في غالب الامر لعاطفته السلبية والحزينة التي يبدو انها تلتصق بقوة في الذاكرة وبالتالي تاخذ مساحة كبيرة من الذكريات التي قد تعود في اي لحظة بفعل مؤثرات مختلفة تتزامن مع حدث استجد او مع مراجعة مع النفس او من خلال استرجاع الفرد لذكرياته واحيانا يقع تحت سطوة النقد والمراجعة الذاتية.
الليل يجب ان يكون سكن للانسان ففيه تهدأ حركة الطبيعة ويجب ان يهدأ الدماغ وهذه وظيفة بيولوجية والمس بها بصورة متكررة او دائمة قد تؤثر على الشخص وقد تصيبه بالامراض. فكثير من الدراسات الحديثية تشير الى اصابة الانسان بالامراض المزمنة مثل الضغط والسكري والارق بسبب تغير الواقع البيولوجي للانسان ولهذا نجد ان من اعتادوا السهر على حساب راحتهم سوف يكونوا اكثر استفزازا واقل انتاجا في النهار.
وهناك شخص عاطفي وشخص واقعي وشخص متفهم وشخص مرن وشخص جامد لا مكان للعاطفة لديه واعتقد ان الحزن يتمكن من هؤلاء الاشخاص العاطفيين وهم الاكثر تعرضا للصدمات والامراض العضوية.
اما في النهار فان الانسان يمكنه ان يضع برنامجه لكي لا يكون تحت الضغط والا يعمل على التسرع في التعامل مع الامور بل يجب التحلي بالصبر والمرونة والقدرة على تجزئة الاشياء الكبيرة .. والاحزان تذهب او تذوب او تخف كلما تعاملنا معها بالصبر والرضا.
أشار الأدب في العديد من المواضع إلى ما يدعى باسم ميلانكوليا، وهو اسم متداول لظاهرة مشابهة، يعتمد فيها المصاب بها على الدوام على تضخيم جزنه، والميل إليه عن غير عمد مما يؤدي به في النهاية إلى رغبة ظاهرة في التشبّث بتجربة الحزن وجلد الذات.
انطلاقًا من هنا، نرى العديد من التطبيقات الواقعية والمتخيلة لمثل هذه الشخصيات، ولعل شخصيات ديستويفسكي كانت من أبرز الشخصيات التي وضعت الخطوط العريضة أمام الأدب مستقبلًا لمثل هذه الحالات الفردية والجماعية.
أما بالنسبة لأحد الأسباب التي أرى أنها معضلة تواجه العديد من الأشخاص، فهو الميل الدائم إلى الحزن مقترنًا بالنضج، أي ان العديد من الأشخاص يرون أن النضج يعتمد على كم شعورنا بالحزن، وبالتالي يرغبون في تعميق تجربتهم الإنسانية من خلال الاستسلام للمزيد من مشاعر التشاؤم والحزن.
هذا السؤال يطول الحديث فيه، وإن كنت تحدثت عن مثل هذه التساؤلات في مساهمة سابقة سأرفقها لك تالياً :
برأيي، إن الوقت المفضل لعمل الذاكرة وما تجلبه معها من عواطف متلاحقة هو الليل، فتجدنا نتعاطف ونتأثر مع مختلف الذكريات التي نستحضرها، فإن كانت سعيدة احتضننا الشوق إلى عودتها وإن كانت حزينة حاصرنا الشجن من كل جانب .
وطبعاً للذكريات التعيسة النصيب الأكبر لما فيها من تأثير كبير علينا يرسخها في الذاكرة ويعيد تشغيلها مجدداً في عقولنا، إن ما يرتبط بالذكريات السيئة من ألم وتأثير نفسي وجسدي يجعلها صعبة النسيان وبالأخص أنها تساهم بشكل كبير في تغييرنا أو تغيير شيء ما في حياتنا .
لأن أولاً علماء النفس أكتشفوا بأن أغلب تفكير الإنسان يكون تفكير سلبى، وحينما نتكلم عن الليل فهو الوقت المفضل للعقل لأنه وقت الهدوء والراحة بعد يوم طويل وشاق، ولا ننسى بأن الإنسان عاطفى بطبعه فتغلبه المشاعر الفياضة خصوصاً فى تذكر المواقف المؤلمة والتى تحمل فى طياتها الكثير من المشاعر الحزينة التي تمتلكه، وثانياً بسبب أنه من ضمن أهم قواعد عمل العقل الباطن وهو تضخيم الأفكار ومضاعفتها بمعنى أن الإنسان كلما ازداد تفكيره فى شيء ما فالعقل يزيد من التفكير فى تلك الأمور ويضاعفها بشكل كبير، وبالتالى زيادة مشاعر الحزن عند الإنسان، وفكرة المضاعفة خلقها الله عز وجل فينا من أجل التفكر فى مشكلة ما وإيجاد حلها بسرعة شديدة من خلال مضاعفة الفكرة، ولكن للأسف نجد أنفسنا نستخدمها بشكل تلقائى عند التفكير فى الذكريات الأليمة، ولحل تلك المشكلة هى بإيقاف التفكير من خلال الخروج من الغرفة أو الخروج خارج المنزل والإنشغال فى شيء أخر، وأيضاً يمكن استبدال هذا التفكير من خلال التفكير فى مواقف سعيدة مع الأهل والأصدقاء أو أفكار إيجابية، ومن أجل تطبيق هذه الفكرة بشكل عملى أنصح بأستخدام قاعدة الخمس ثوانى كما فى الكتاب للكاتبة ميل روبنز.
هل نفعل ذلك لأن الحزن يثير عواطفنا بشكل أكبر وأعمق أم هناك أسباب أخرى؟
الخبر السيء هو أن الحزن للأسف مثير ومحفز أكثر للعقل وبالتالي يميل العقل لاستحضاره بشكل متكرر أكثر من مواقف الفرح والسرور
الخبر الجيد هو أنه يمكن معالجة هذا الأمر عن طريق التمرين .. تمرين الدماغ على استحضار المواقف الايجابية وصرف المواقف السلبية فمثلا كلما تبادر لذهنك ذكرى حزينة يجب التصرف بوعي وصرف هذه الفكرة واستبدالها بفكرة ايجابية سريعا .. مع الوقت يصبح الدماغ أكثر قدرة على استحضار الايجابي وصرف السلبي تلقائيا
بالنسبة لي لا أميل لاستذكار أحزاني كلما أصابني الأرق، بل كلما أصابني الضغط؛ فالضغظ خلال يومي أو الفترة الصعبة التي أمر بها تجعلني أميل للحزن والبكاء، ثم ما إن تفرغ الشحنة السلبية من داخلي، أجدني ارتحت ونسيت الموضوع بالتدريج.
فالحزن والبكاء بالنسبة لي يعتبر طريقة لتفريغ الضغط، وبرأيي إذا كان الحزن أو البكاء يشعرك براحة وتحسن فلا داع للتعامل مع الأمر على أنه شيء سلبي.
فالحزن والبكاء بالنسبة لي يعتبر طريقة لتفريغ الضغط، وبرأيي إذا كان الحزن أو البكاء يشعرك براحة وتحسن فلا داع للتعامل مع الأمر على أنه شيء سلبي.
هذا ما يحدث معي، في كل ظرف متعب أجدني بحاجة للبكاء فاستذكار المواقف المحزنة تحفزّنا على البكاء وبالبكاء نرتاح
يسعدني أن أجد شخصا يشبهني في صفة أو عادة ما،
هل هناك طرق أخرى للتخلص من الضغوط أو للوصول لتلك الدرجة من الراحة التي ننالها بعد البكاء؟ لعلني أتعلم منك طرقا جديدة لها نفس مفعول البكاء.
شخصيا ينفع معي أيضا ممارسة الرياضة، إذ أنها تشعرني بالخفة والراحة، ماذا عنك؟
شخصيا ينفع معي أيضا ممارسة الرياضة، إذ أنها تشعرني بالخفة والراحة، ماذا عنك؟
الرياضة هناك نوعين، أحيانا أجد نفسي بحاجة للقفز وممارسة كارديو هييت وأحيانا أميل للسكون فأمارس تمارين استطالة وبيلاتس.
وأحيانًا أكتب كل شيء في عقلي وأفرغه على الورق دون العودة إليه.
وأحيانا أقوم بتسجيل فيديو لنفسي وأحكي لنفسي كأنني أحدث شخصًا آخر، ولابأس إن بكيت
وأخيرًا، أشاهد فلما أو أنمي مؤثر وأبكي مع أحد الشخصيات وينتهي الفلم وأنا على خير ما يرام.
لست من محبي جلد الذات والبكاء على الماضي وتذكر المواقف السيئة والسلبية فكل ذلك يشعرني بالاحباط وعدم الرضا ولكني افضل ان اتعامل مع اي مشكلة على انها فرصة للتعلم والتطوير من نفسي. اما الماضي فخير وسيلة هي هدية الخالق عز وجل لنا نحن البشر وهي نعمة النسيان فلست من محبي تذكر المواقف السيئة والاشخاص السلبيين ولهذا لا امضي الوقت في التفكير بهم ولكني احب التفكير الايجابي والتطوير المستمر و ايضا احب ان استمتع بوقتي وكيف استفيد منه على اكمل وجه.
سأناقش الأمر من جهة نفسية تعرفت عليها من خلال طبيبي النفسي ...
بشكل عام إن الذكريات التي تُهاجمنا من حين لآخر، سواء بشكل قوي أو ضعيف، باستمرار أو بشكل متقطع تكون هي اللحظات التي لم يُسمح لنا بعيشها كاملة، أو لم نتجاوزها بشكل صحي وسليم، إما تعمدنا إلى تجاهلها لأنها تؤلمنا بشدة، أو دُفعنا رغمًا عنا إلى تجاوزها دون شفاء كامل منها بحجج مختلفة ...
أما عن الحل فيكمن في أن يسمح الإنسان لنفسه بأن يعيش حزنه وألمه، أو غضبه بشكل كامل، أن يعبر عنه بالطريقة التي تناسبه، أن يفعل كل ما يساعده على تفريغ كافة الشعور وإخراجه من مكمنه في نفوسنا ...
حينها فقط لربما سنشعر بالتعافي وبأنها مجرد ذكرى عابرة لا تؤثر فينا بعد الآن
التعليقات