الليل ملهم الشعراء والأدباء، وهو الوقت الأنسب لشحذ العواطف والاستغراق فيها، لعلّ حبيّ لليل هو ما أكسبني حب الكتابة والأدب، فالليل والأدب خليلان، ومحدثتكم خفاش لا يظهر إلا ليلاً ويغيب في الصباح وقت العصافير المجدّة والثرثارة .
على ذكر الثرثرة إليكم نظريتي الخاصة والتي تنص على أن النهار وقت للثرثرة وعمل عضلة اللسان، أما الليل هو موعد مع الصمت الطويل ولا تسمع فيه سوى صوت الكلمات الأثيري على الورق أو الشاشة، ما رأيكم في النظرية ؟
دعكم من نظرياتي الآن لنتجه مباشرة إلى الشعراء أنفسهم لنستجوبهم حول علاقتهم بالليل ولنستعرض بعض الأبيات التي سطروها لنا في هذا الصدد، وسأبدأ بالشاعرة مرهفة الإحساس نازك الملائكة والتي تقول :
هبط الليل وما زال مكاني
عند شطّ النهر في الصمت العميق
تكتب لنا هنا بعد ان اعتنقت الصمت ليلاً والشرود، وتهافتت عليها الذكريات من كل صوب ثم تكمل قائلة :
ليس إلا الحزن يمشي في كياني
وأنا في ظلمة الليل الصديق
مع تسرب الحزن إلى كيانها إلا أنها لم تتردد في وصف الليل بالصديق، وهو دليل آخر على ارتباط الليل بالصمت والذكريات والحزن، هذه الرباعية التي يتشاركها أغلب الأدباء، ولكن في رأيكم لماذا يرتبط الليل بعاطفة الحزن ؟
أما بهاء الدين الزهير فيخاطب الليل بلهجة عتاب في أبياته التالية :
يا ليل مالك آخر يرجى ولا للشوق آخر
يا ليل طل يا شوق دم إني على الحالين صابر
لي فيك أجر مجاهد إن صح أن الليل كافر
طرفي وطرف النجم فيك كلاهما ساه وساهر
ناعتاً الليل بالكافر الذي يوجب الجهاد عليه يصف زهير سطوة الليل عليه، وعنفوان مشاعر الشوق التي تشتد بطول الليل المتلكئ في حركته، وهنا تنضم عاطفة أخرى إلى مجموع العواطف التي تنشط ليلاً، ألا وهي عاطفة الشوق، ومن منا لا يشتاق ليلاً ؟ هل توافقونني الرأي ؟
وفي نهاية المساهمة، برأيكم لماذا يحب الشعراء والادباء الليل؟ وأنت ككاتب هل تفضل الكتابة ليلاً ؟