ما العامل الأكثر تأثير في تشكيل شخصياتنا وتكوين هويتنا كبشرد هل هي التربية التي نتلقاها من الأهل والمحيط الاجتماعي أم برأيكم التجارب الشخصية التي نخوضها على مدار حياتنا؟ ولماذا؟
أيهم مؤثر أكثر على شخصياتنا، التربية أم التجارب الشخصية، ولماذا؟
رغم أن الجميع سيرى أن التربية هي الأقل تأثيراً ولكن أنا أرى عكس ذلك، فالتربية أشبه بأن تعطي تعليمات معينة لبرنامج، أما الخبرات والتجارب وكأنها المدخلات الخارجية التي يضطر للتعامل معها وبالتأكيد سيتعامل ويحكم وفق ما خزن من مدخلات.
وتخيل معي طفل رباه والده على أن الكذب حرام وخطأ وعيب، ولكن الخبرات والتجارب علمته أن الكذب أحياناً يكون أسرع طريق للنجاة، هنا ربما يكذب وهذا ما تفعله الأغلبية، ولكن سيظل الصدق أصله ومعياره، فحتى وهو يكذب ويكذب ويتفنن في ذلك بداخله يعلم أن الكذب حرام وخطأ كما تعلم من والده عندما كان طفل.
التأثير الذي يشكل هذا الحكم والمعيار برأيي هو أقوى من تأثير التغيير لأننا نتغير بفعل تجارب الحياة ولكن لا نتعرى من أثر وقيم التربية إلي أن نموت
أخاف من تبنّي خيارك رغم مافيه من واقعية، وخوفي نابع من أن تبنّي هذا الخيار برأيي يعيدني لمشكلتي مع فرويد مرّة، وهي أن إعطاء وزن زائد كبير للتربية يعني أننا سنكون في الكبر أشبه بمسيّرين لا مخيّرين ونعيش وفقاً لأهواء ما تربّينا عليه بمعظم تصرفاتنا وهذا الأمر يرعبني للصراحة لأنه ينزع عني التحكم ويردّه لمواقف حياتية سابقة وقديمة.
ولكن التأثير يظهر في النتيجة يا اسلام وليس في الشعور فقط وإلا يكون التأثير ضعيف، فأنت ذكرت في حالة مثالك أن الرابح في نهاية هو اختيار الإنسان للكذب تكيفا مع ما تعلمه من بيئته، وتأثير تربية الأهل بقى شعوريا فقط كمؤنب للضمير فقط وليس مانع للفعل، ومن هنا يتضح ما هو الأكثر تأثيرا.
التجارب الحياتيه أوقع جدا ,فهى عملية أكثر , تخيل معى طالب درس التجارة بالكليه وحقق فيها أعلى الدرجات , هل يعرف أمور البيع والشراء والتفاوض والاخذ والترك ومتى انسحب ومتى اشارك وكل هذه الامور , مثله مثل من جربها عمليا وخسر بسببها وكسب عندما انتبه لها .
لكن التربيه من البيئه المحيطه هى الاساس الذى ينطلق به الانسان أولا الى الحياة العملية . لذلك أرى أن التربية والتجارب كلاهما لا ينفصل عن الاخر.
لكن برأيك كيف يتم الربط بين الانثنين ؟
تخيل معى طالب درس التجارة بالكليه وحقق فيها أعلى الدرجات , هل يعرف أمور البيع والشراء والتفاوض والاخذ والترك ومتى انسحب ومتى اشارك وكل هذه الامور , مثله مثل من جربها عمليا وخسر بسببها وكسب عندما انتبه لها .
ولكن يا أستاذ محمد هو سيكون أكثر نجاحا وإبداعا وتطورا عندما يبدأ شيئا في شيء في الاصطدام مع الحياة العملية الواقعية، بحيث يوازن بين الأمرين، بين ما تعلمه إياه التجارب العملية إجبارا، وبين ما اكتسبه من علم ومهارات في جامعته، الاثنان مكملان لبعضهما البعض ولا غنى عن أحدهما، كذلك في الحياة بشكل عام نحن نحتاج لأن نوازن بين كل ما نتعلمه أيا كان مصدره، بحيث نأخذ منه ما يناسبنا فقط.
برأيي التربية التي نتلقاها من الأهل والمحيط الاجتماعي هي الأساس في تشكيل شخصياتنا وتكوين هويتنا كبشر، فالسنوات الأولى من حياتنا تعد مرحلة التأسيس التي تزرع فينا القيم والمعتقدات وتساعد على تكوين أنماط تفكيرنا وسلوكياتنا، بشكل عام الأهل والمجتمع المحيط يضعون القواعد الأولى التي نتبعها عند اتخاذ قراراتنا، وهي التي تشكل رؤيتنا للعالم وتحدد معاييرنا الأخلاقية، وبالطبع هذه الأسس تبقى معنا بعمق على مدار الحياة ومهما واجهنا من تجارب شخصية، لأن التجارب في كثير من الأحيان تتكيف مع ما غرسته أو صنعته البيئة المحيطة منذ الطفولة.
وبالطبع هذه الأسس تبقى معنا بعمق على مدار الحياة
ألا تجدين أن تبنّي هذا التوجّه بالحياة يعني الكثير من التعاسة؟ على اعتبار أن الإنسان في هذه الفرضية يصبح مسيّر أكثر من مخيّر؟ يعني يصبح هو ما قرره أهله، لا هو ما يقرر بنفسه وما يعيش هو، يصبح محكوماً بشكلٍ كامل بتلك المعلومات التي رسّخوها الأهل!
هناك الكثير من الأشخاص الذين تمكنوا بالفعل من تغيير ذاتهم وعمل تحول إيجابي شامل لحياتهم رغم نشأتهم في بيئة فاسدة وتلقيهم لتربية غير مناسبة، ولكن هم قلة قليلة لأن هذا الأمر على وجه الخصوص يحتاج إلى شخص لديه قوة إرادة وثقة في ذاته، وبالرغم من ذلك أيضًا ستظل في أعماقه بعض آثار بيئته الأصلية التي ستظل معه حتى نهاية حياته، ولكنها بالرغم من هذا لن تؤثر سلبًا على نجاحه إذا أراد ذلك وكان لديه شغف حقيقي ورغبة في الوصول لأهدافه!
التربية، من وجهة نظري فهي تشكل معظم الأشياء التي ترافقنا حتى القبر ، القيم، المبادئ، الأخلاق، والعادات والتقاليد جميعها نأخذها من تربية اهلنا والمحيط الاجتماعي، هذه الاشياء هي التي تشكل شخصيتنا وتكون هويتنا،
اما التجارب الشخصية رغم اهميتها فهي تأتي بعد تكوين شخصيتنا وترسيخ قيمنا ومبادئنا واخلاقنا .
ألا يقلقك هذا الجواب؟ أذكر أن إجابة مماثلة أجابها سيغموند فرويد عالم النفس الشهير، حيث صرّح بأن للتربية أساس في كل سلوكياتنا، هذا جعل المجتمع العلمي يثور عليه، لإن الفكرة صادمة، بأن يكون الانسان كله هو وليد ونتاجات خيارات أله بالطريقة والسلوكيات التي تصرّفوا فيها معه!
لا تقلقني، ربما تحبطني، الواحد منا يسعى نحو التغيير في نفسه عبر سنوات طويلة والمحصلة النهائية ضعيفة في معظم الاوقات، السبب الرئيسي هو التربية والمجتمع الذي نشأت فيه، صراعات تقوم بين دول وينحاز لها البشر لاسباب لم يختارها اي منهم، طوال التاريخ
انت مولود في قبيلة او مدينة ما او دولة ما ف تفرض عليك حروب لم تختارها !
مولود في عائلة عليها ثأر
مولود لأب مسلم فتخوض حروب ضد أعداء الاسلام
مولود لاب مسيحي او الي كان يتغير موقعك في المعركة.
انت لم تختر والديك، دينك، بلدك ولكن حياتك كلها تنحسر في هذا العالم.
التمارب ان تغيير شيئا من واقعك او ماضيك او حتى مستقبلك بقدر ما ستغيره التربية والمجتمع والعائلة التي نشأت بها.
المنزل (تربية الأهل)، البيئة، المدرسة، هذه هي العوامل التي تشكل تربية الإنسان، والتجارب الشخصية لكل شخص داخل هذه المراحل هو الذي يبني كيانه المستقبلي.
لذا أرى أنه لا يمكن الفصل بين تربية الأهل والتجارب الشخصية، لأنها مراحل أو محطات تكمل بعضها، واختفاء أحدها يُحدث فجوة كبيرة في حياة الإنسان.
لكن بالتأكيد هذه العوامل تختلف فيما بينها في درجة تأثيرها على الإنسان. برأيك أيها أكثر تأثيرًا؟
ولكن في بعض الأحيان تكون الأسس التي تربينا عليها خاطئة أو ناقصة أو لم تعد تنفع في زمننا هذا، ألا ترى أن الإنسان يجب أن يكون منفتحا أكثر على مراجعة ما تمت برمجته عليه منذ أن كان طفلا فيترك نفسه أكثر للحياة الخارجية ويبتعد قليلا عن التأثر بأهله ليرى إذا كان هذا يناسبه بالفعل أم لا؟
التعليقات