أثناء اجتماعاتنا العائلية نسمع كلام من قبيل "أنتم جيل الشباب الجديد لا تتحملوا أي شيء وتريدون كل شيء على طبق من فضة" فهل حقًا هناك فرق بين جيل الثمانينيات والتسعينيات وما بعدهما وبين الجيل الأقدم من ذلك.. هل الأجيال الشابة لا تتحمل مصاعب الحياة مثل الأجيال السابقة؟
هل الأجيال الشابة لا تتحمل مصاعب الحياة مثل الأجيال السابقة؟
لن أتحدث بشكل معمم، لأن هذا الامر يحتاج لإحصائيات، ولكن سأتحدث عن تجربتي بالمحيط حولي خاصةً أن هناك جيل كامل بعائلتي في الفئة العمرية من 15-21 كذكور وإناث وبمراحل تعليمية مختلفة.
ما ألاحظه أن الفتيات أكثر جدية ومسئولية عن الشباب، حتى على المستوى الفكري، رغم أن منهم أخوة تربوا بنفس الظروف الأسرية.
حس المسئولية لدى الشباب متفاوت بشكل كبير، تجد شخص مسئول جدا، وشخص لا يدرك معنى المسئولية تماما.
أما عن قدرة التحمل، أو العمل بوظائف شاقة مثلا، فأجد نفورا كبيرا من الكل، والجميع يريد كسب المال لكن مع الراحة، والأغرب يريد وظيفة مريحة دون أن يبذل ما في وسعه لكي يكون مؤهلا لهذه الوظيفة.
وربما كل ما ذكرته متواجد بكل الأجيال ولكن بنسب متفاوتة جدا، لكن ما لفت نظري طريقة تفكيرهم المادية بالعلاقات، وتهميشهم لعلاقات أساسية كنا بعمرهم نقدرها كثيرا وتعد من الدرجة الأولى.
أما عن قدرة التحمل، أو العمل بوظائف شاقة مثلا، فأجد نفورا كبيرا من الكل، والجميع يريد كسب المال لكن مع الراحة، والأغرب يريد وظيفة مريحة دون أن يبذل ما في وسعه لكي يكون مؤهلا لهذه الوظيفة.
لا أوافقك في هذه، فهذه رغبة البشر منذ الأزل، ليست خاصة بجيل معين عن غيره، الكل يريد الراحة و الرخاء مع كسب المال و الثراء، و الكل يعلم أن هذا مستحيل ّ!
لكن ما لفت نظري طريقة تفكيرهم المادية بالعلاقات، وتهميشهم لعلاقات أساسية كنا بعمرهم نقدرها كثيرا وتعد من الدرجة الأولى.
نعم أتفق معك في هذه النقطة، فمن الناحية الإجتماعية و العاطفية توجد الكثير من الفروقات بين هذا الجيل و الجيل الذي يسبقه، يكفي أننا نرى هواتفنا و نجالسها أكثر من والدينا، هذا غير السفر والدراسة في الخارج والإستقلال بالمعيشة الذي يقطع عنك كل صِلاتك وعلاقاتك، و أصبح الأطفال اليوم لا يتحلّقون حول الجدّ ليروي لهم القصص الشعبية الطريفة، بل يستعيضون عن ذلك باللعب على البلايستيشن أو سماع أغنية بيبي شارك 100 مرة !
أعتقد أن هذه وجهة نظر مجحفة جداً و بعيدة عن الواقعية، فلا يمكن الحكم على جيل كامل بالصلاح أو الفساد أو الكسل أو الكفاءة، و حتى المقارنات ما بين الأجيال عبارة عن مقارنات خالية من المنطق، فعندما تقارن الزمن الآن بما فيه من تسهيلات و تطور تكنولوجي كبير و الجيل الذي يسبقه الذي كان التطور فيه محدوداً و الفرص فيه أقل فبالتأكيد ستتكون لديك نظرة أن هذا الجيل كسول، و لكن ليس بالضرورة أن هذا صحيح، فمن جيل الألفين نجد شباباً لم يتجاوزو الثامنة عشر من عمرهم يمتلكون مشاريع خاصة و أجر شخصي يمكّنهم من الإستقلال عن والديهم، و بالتأكيد لم يحققوا كل ذلك و هم نائمون و يحلمون، ذلك لأن فرص هذا الجيل ربما أكثر من الجيل السابق، و يوجد من يستغلها من أبناء هذا الجيل و يحمل المسؤولية، من جهة أخرى يوجد أولئك الذين يقضون شبابهم في الرقص على تيك توك !
أعتقد أن التعميم لغة الجاهل، لا يمكن القول أن جيل بأكمله لا يتحمل المسؤولية، بالإضافة إلى حقيقة أنهم كانوا يسمعون نفس التعليقات من آبائهم أو أجدادهم بأن جيلهم كان أفضل، ولذلك فهم ينقلون ما قيل لهم.
وبرأيي أن الأشخاص الذين يتبنون هذه الفكرة هم فقط غير قادرين على التأقلم مع الجيل الحالي وغير قادرين على مواكبته، فيفضلون الوقوف على مقربة منه والحكم عليه عوضًا عن الانخراط فيه، وعلى الجهة المقابلة أعرف كثيرًا من الأشخاص الذين يرون أن جيلنا أكثر ثقافة ووعي، ومنهم أمي التي تخبرني دائمًا أن هذا الجيل منفتح على الأفكار ومدرك لحقوقه أكثر بكثير من جيلهم.
جميل أنهم يقولون لكِ طبق من فضة يا شيماء.. والدتي تقول طبق من ذهب أو تريدون كلّ شئ على الجاهز!!
حسناً لا يمكننا لومهم.. زمنهم كانت المرأة تشارك زوجها الزراعة والدراسة والفلاحة والرعي.. وكانت الفتاة تتزوج صغيرة وتسكن في بيت العائلة لتقوم بزوجها وأهل زوجها وأبنائها..
جدتي مثلاً تزوجت في التاسعة وبقيت في بيت زوجها حتى نضجت وخلال تلك الفترة كانت تتحمل مسئوليات القيام بأمور العائلة من والديّ الزوج وأخوته وأخواته.. التاسعة تعني طفلة في زمننا هذا من الطبيعي أن نشتري لها دمية في عيد ميلادها، وليس أن نزوجها ونتركها في بيت زوجها حتى تصل سن النضوج وتصبح زوجة على أرض الواقع.
والدتي تزوجت وهي في الرابعة عشرة.. تقول بأنها حين كانت حامل بي كانت تنهض مستنفرة من فراشها بظن أن ما يتحرك تحتها هو فأر، ببساطة لم تكن تعلم أن هنالك جنين في رحمها يتحرك!!
مثل هؤلاء يعتقدون أن جيلنا جيل الأطباق الذهبية والسهولة لأنهم لا يعلمون أن ما كان يحدث في جيلهم هو السخرة والظلم.. ببساطة هم لم يعيشوا حياتهم بشكلها الصحيح، ذلك النمط الذي عاشوه افترضوه مسئولية وهو ببساطة إضاعة لحقوقهم وسلب لها.
هل الأجيال الشابة لا تتحمل مصاعب الحياة مثل الأجيال السابقة؟
نعم ولا.
هيا نأخذها من الناحية الجسدية (اللياقة والقوة البدنية): كانوا أقوى ونشاطهم أكبر بكثير من الوقت الحالي، بل وألاحظ ذلك حتى في فئة كبار السن الحاليين. وحتى إن عدنا لعصور أسبق من ذلك وقبل وجود مواسير مياه ووصولها للمنازل، كان من الطبيعي أن يذهب أي شخص لأقرب مصدر للمياه الجوفية حاملًا معه مجموعة من الجرادل للحصول على مياه، وقد يكون هذا المصدر أبعد بعدة كيلومترات. لا أحد الآن لديه نفس اللياقة، بل ونلاحظ أن أغلب المهن كانت تعتمد على الجسد، الآن الآلات حلّت مكان الجسد، فانخفضت لياقتنا مقارنة بالعصور الأسبق؛ فمصدر الدخل وبالتالي عيش حياة جيدة أصبح يعتمد بشكل أكبر على العقل بدلًا من الجسد، وإن كان في العصر الحالي مهن تعتمد على الجسد والحركة فسريعًا ما ستزول في الأعوام القادمة.
لذا، بدنيًا أصبحنا أسوأ، ولكن هذا لأن العامل البدني لم يعد الأكثر أهمية.
لنأخذها من ناحية ثانية وهي تحمُّل المسؤولية: لا امتلك رأيًا واضحًا حول ذلك وأظن الأمر لم يختلف. منذ زمن كان أيضًا هناك فئة تتحمل المسؤولية أكثر من الأخرى، وكذلك في العصر الحالي.
لذا، اجمالًا أرى أن الأجيال السابقة تتفوق في الناحية البدنية فقط وربما الاجتماعية، ولكن من الناحية الفكرية فالأجيال الحالية تتفوق. نحن الآن في عصر نحتاج فيه للعقل أكثر من أي وقت مضى، وهذا لا يعني عدم الاهتمام بالناحية البدنية. لذا، فكرة "جيل كسول" صحيحة نسبيًا إن كان المقصود هو الكسل البدني، إذ أصبحنا بحاجة أقل لحركة الجسد وأكثر حاجة لحركة العقل لأجل كسب العيش.
لعل تعليقي تطرق لأمور أخرى بخلاف تحمل المسؤولية، ولكن ارتأيت إيضاح وجهة نظري تجاه تلك العبارات المنتشرة.
لننظر نظرة بسيطة عن حياة الأجيال السابقة، هل حقاً كانت حياتهم معقدة بالنسبة إليهم؟!
من الممكن، ولكن بالمقارنة بحياتنا والتغيرات العملاقة في التفكير وسوق العمل والوظائف والإنترنت، الآباء أو دعنا نقول أقاربنا الكبار لا يدركون فرق الجوهري في حياتنا وحياتهم السابقة القليل فقط يدرك التغير الحادث.
لذا إلتباس بين رؤيتهم للجيل الحالي متكاسلين عن شئ معين في نظرهم هم وشئ آخر يجعل الجيل الحالي في قمة النشاط لفعله!!
هي الإهتمامات يا شيماء، إختلاف الإهتمامات يجعلهم يقولوا هذا.
بالتأكيد رياض، حتى انه لا مجال للمقارنة ببن جيل الماضي وهذا الجيل، ليس من ناحية الاهتمامات فقط كما ذكرت، وانما حتى الظروف السائدة بين الماضي والحاضر ليس نفس الشئ، حياتهم التي تبدو لهم صعبة، سيأتي جيل بعدنا ويعتبر ان حياتنا هي الاصعب وهكذا...كلما جاء جيل ياتي بنظرة مخالفة عن ما سبق، حتى بالنسبة لشخص عام بعد عام تتغير نظرته وتتوسع للامور فما بالك ..نظرته لعصر بالكامل...
هل الأجيال الشابة لا تتحمل مصاعب الحياة مثل الأجيال السابقة؟
لا يمكننا التعميم لكن من المؤكد أن في كلامهم وجهة نظر، فهو جاء بعد الملاحظة وليس من عبث .
مع أنه كل الأجيال تختلف عن بعضها باختلاف الظروف الحياتية، وهذا العصر الذي أصبحت فيه الحياة المادية سهلة من حيث الوسائل.
ولو أخذنا على سبيل المثال الطبخ، فإنك تجدين أمهاتنا كن يطبخن بأيديهن كل شيء لكن اليوم لكل شيء آلة مساعدة.
لذلك لا نلومهم فيما يقولون، وفيما يخص العلاقات وحتى الفكر والاخلاق، جيلنا ومابعده يشهد تراجعا بسبب الظروف التي نمر بها.
بالنسبة للفرق نعم هنالك فرق كما أن هنالك فرق بين جيل ال50 وال ال 70 ...
لما يدركه العائلة والأجيال السابقة هو أن الحياة تتغير وتتطور بسرعة خصوصا بعد الـ 2000 ملادية ويبقى لدى الكبار بعض الطباع يظنون أنها هي الصحية أو أن هذه هي طرق كسب العيش وغير وهذا التضارب بين الأجيال يخلق دائما صراع في غرفة المعيشة لكنه وجهة نظر خاطئة من الوالدين أو الأكبر سنا حول عصر لا يدركونه بالطريقة الصحيحة وهذا لا يعني أنهم الوحيدين على خطأ، فمن الجيل الجديد وأي جيل سابق هنالك فئة منهم لايصلحون لشيء للأسف
التعليقات