(الجزء الأول ) الساعة الرابعة فجراً، بعضي مازال نائماً ولكن صوت تلك القطة يناديني كطفلٕ ينادي امه لتطعمه أو لتغفو بجواره. نظرت من خلال شرفتي بعين واحدة بينما الأخرى غافلة،وكانت الليلة هي الليلة الأخيرة من الشهر ،فاذا الرياح والأمطار في ذروتها ربما هو شهر ميلاد السماء . كانت تقف في مرمى بصري شاخصة بصرها كأنها تدعوني للخروج وبما أن بعض بل الكثير من جسدي مازال نائماً استجبتُ لطلبها ظناً أنه حلمٌ لذا لا بأس من الفعل دون الكثير من التفكير
قربان
قدمتُ سعادتي قرباناً وتبرعتُ بمداخراتي من الساعات والأيام والسنين. لكن لم يكفِ قرباني البعد ليعفُ عنا . لم يكفِ لإحياء الشوق بعدما ذبل ، لم يكفِ لخلق الطريق بعدما فقد بدايته ونهايته ألا كيف يخلق الطريق في الفراغ؟ لم يكفِ سوى عيني فصارت تراك في كل ما تقع عليه، صرت تتمثل في سحابة تشكلت حديثاً ،نجمة أضاءت في ليلتي المعتمة ، طائرٍ جاب سمائي فشاركني وحدتي ،وردة أنبتت في الخريف، صرت تتمثل بين أسطري وكلماتي ،في الأحرف المنفصلة والنقاط المتفرقة.
طائر أبيض
طائر أبيض كان السحاب يغطي السماء والرياح تضرب النوافذ بين مفتقد لمنزله وبين مهرول إليه . حينها شعر بولادة ذلك الوحش بين ثناياه ،ليتملكه الفزع والجوع والنشوة ،فأخذ يبني القلاع والأسوار ويُقيد السلاسل، ولكنه كان يطعمه بين الحين والأخر في غفلة من الآخرين . وفي كل ليلة باردة تشبه ليلة ولادته كان صوته يدوي المكان فيشعر بوجوده الآخرون ولكنه يظل يماطل مقتنعًا أن الجميع جاهلٌ به .فإذا ضلوعه تنفرج وتتقوس مكونة جناحين من ريش شديد البياض لتتحطم السلاسل وتنقسم الأسوار
بيت القطة
الجزء الثاني: ظللتُ أنظر إلى البيت و أنظر إلى قدامي متسائلاً هل انخرطتُ في خيالي هذه المرة حتى فقدتُ القدرة على التحكم به؟ واذا فجأةً صوت موسيقى خافت يجذبني من أفكاري ، حينها قفزتُ داخل البيت ورائها مستسلمًا كعادتي لخيالي. لم أرى بابًا خارجيًا لا يوجد سوى ممر وضع على جانبيه بعض أزهار الزينة ،في البداية ظننتُ أنه منشأة حكومية قد أغلقت منذ زمن .بحثتُ عن تلك القطة ولكن دون فائدة .بعد بضع خطوات تملكني كعادته بغتةً، وكنتُ أظنُ أني
ورقة شجر
ورقة شجر معلق أنا .. بين الحياة والموت بين الظلام والنور بين الواقع والخيال بين الخطيئة والفضيلة بين الأنا و ما تفرضه وبين الجمع وما يريده . بين العقل وأنت معلق أنا ... في منتصف الطرق معلق أنا... كورقة شجر تأتي وتذهب مع الريح ترفض أن ترتخِ وتستلم لك في الصيف وما إن يأتِ الخريف حتى تكن أول الأوراق سقوطاً وضعفاً .
قالوا
قالوا قول سلام وسلم لكن لساني عنيد يخاف الكلام والغريب. قالوا ده وحيد والوحدة أمر غريب يصبح قلبه من بره زي فاس في أرض متعرفش المايه والخضرة ومن جوا ضعيف زي عجوز مستني موته . قالوا شايلوه سلاح يمكن يصبح زعيم لكن السلاح تقيل و خشن زي الشوك والقلب بردان مش قادر على هوا الليل قالوا علموه ده العلم نور كتب الكلام وشكل الحروف لكن مفهموش الكتاب . قالوا ده الخوف ملكه وملوش في العيشة سيبوه جنب الحيطة يمكن يبان
لياقة معطفي
غُطى الأثاث بالأرشف البيضاء تلونت السماء باللون البنفسجي رفعتُ كعادتي لياقة المعطف حتى تحجب بعض الأصوات. فالأصوات مزدحمة، بغيضة ،فوضوية يتصارع صوت تصادم جزيئات الهواء مع صوت السكون، صوت الأشجار مع تصاعد قطرات الماء ، صوت الأذان مع صوت الباعة ، صوت بكاء الصغير مع أصوات نميمة الكبار ،صوت تضارب الرياح مع صوت العصفور ، صوتي الداخلي مع جسدي. لا تنتهي الأصوات ولا تهدأ ولن تكف الكلمات والأحرف من التدفق من أفواه الناس ، ولياقة معطفي الأسود الطويل لا تقوى
بيت القطة
الجزء الثالث والأخير: وما أخذ يعزف أول جزء مني ،حتى تلاشى .فكان الجزء الذي يعزفه يمحى كأن لم يكن. كان كل رمز موسيقي أسمعه منفصلاً كأنه يجرب أصابع البيانو هل تعمل أم لا .حتى عزف أخر رمز فاختفت النوتة وعدتُ لجسدي القابع أمام باب الغرفة ينظر لذلك العازف الذي لم يطعم فضولي تاركًا إياه هائجاً ثائراً ..سألته من أي نوع أكون ؟كيف كانت المعزوفة ؟هل استطعت معرفة مفتاح قراءتي ؟هل في إمكانك أن تطلعني عليه ؟ولكن دون فائدة .. تذكرت
حارس القمر
كسر القمر ... وتناثرت أشلاءَه في بقاع الارض . أذيع الخبر بين الحراس و ساد الخلل بين الصفوف وأخذوا يبحثون عن حارس القمر مختلفون في أمره وكيف سينتهي مصيره . وأبناء القمر مفزوعون ،منقسمون بين من أعلن الحداد ومن يتنازع على أحقيته في الجزء الأكبر من أجزاءِ القمر . كُسِر القمر ..وساد واشتد ظلام الليل وتنسى أمر حارس القمر كلما اشتدت ظلمة الليل ،دون أن يعلم أحدٌ أن القمر قد كُسِر لوفاة حارسه .
أرشيف موحش
كانت تقف تحت القمر ليلقِ عليها ضوءه الأخير كانت تشعر بالوداع وساعدت نسمة الهواء التي هبت فجأة على خلق جو مناسباً لذلك الوداع الأخير. سار القمر دموياً والناس نيام، ينزف القمر ،وتصير المياه دماً ،والناس نيام. سيحل الصباح ولكن ستغيب الشمس حزناً على القمر . حل الصباح وتلاشت صورة القمر من مخزون ذاكرتها ،كما مُحت من ألبوم صور بصرها ، وكأنه لم يكن في أبهج صوّره أمس أمام عدسة عينيها. تشخص البصر على سطح الماء بعدما تبخرت الدماء كأن لم
تراقص ظل الشمعة (الجزء الأول)
يزول تدريجياً تراقص ظل لهب الشمعة على الحائط ليقوم بإلتقاط معطفه وقبعته كعادته كل يوم عندما تهب نسائم الهواء الباكرة ويهب معها، كل من هو مجبور على العمل في مثل هذا الوقت ،ومن لم ينم حتى الآن وكلاهما يملأ النوم أعينهم . يبث ذلك الوقت الراحة والاستقرار في نفسه، فالناس نيام لذلك لن يلتفتوا لوجوده وهذا قد أسقطه دون التفات أو إعتذار لسيطرة النوم عليه ، يشعر بألم الوقعة ليطمئن أنه لم يتحول لشبحٍ بعد. يقصد مكانه المعتاد الذي لا
حقيبة سفر
أحتضن رأسي بين كفوفي مرةً كحقيبة سفر مثقلةً بصور من الماضي،مشاعر متضاربة ،وبعض الأشياء الثمينة المتعلقة بذكريات نادرة ، ومرةً كقنبلة موقوته تنتظر أن أزيح يدي لتنفجر في الجميع،وكثيراً كحقيبة مسروقة ،مشوهة،تنتمي لشخص غريب أتجول حاملها باحثاً عن صاحبها خائفاً أن أتهم بالسرقة أم أني وهذا الشخص الغريب نتبادل إمتلاك هذا الجسد بالتناوب. وفي كل ليلة أقتلعها مع ملابسي لأضع أوزاري جانباً وأغتسل من عرقي وآثامي وأجلس أتجرع كأس أيامي تائباً مما أحمله كل صباح .