يعيش أغلب الناس حياتهم الرقمية بافتراض أنهم قادرون على حذف منشوراتهم ورسائلهم وبياناتهم الشخصية من مواقع التواصل أو الانترنت متى اختاروا ذلك. لكن هذا الافتراض خاطئ تمامًا. 

هذه الفترة تجري محاكمات لأصحاب الشركات الكبرى بخصوص البيانات، لكن أخر ما عرفته في أحد هذه الجلسات هو ما قاله رئيس الأمن بتويتر أن شركات التواصل لا تمسح بيانات أي حساب حتى الحسابات المحذوفة وهذا لأنه قد يتتبع المعلومات في بعض الأوقات ولأن الحذف بعد الانتشار والتناقل من حسابات كثيرة أمر صعب بشكل عام. ورغم مدافعة تويتر ضد نفسه في هذه الاتهامات إلا أن المشكلة لا تزال قائمة. 

لا يخفى علينا أننا في أوقات كثيرة نشارك بياناتنا بدون تفكير ولكن تصور أننا يمكننا سحبها مجددًا من الانترنت تفكير طائش تمامًا. وهذا يظهر بشكل أكبر في الدول الراعية لهذه الشركات لأن تطبيق القانون والحكومات لديها موارد وإمكانية الوصول لتلك البيانات يمكنها على الأرجح إرجاعها من جديد في ظروف معينة.

كما توجد مباحث الانترنت في أغلب الدول العربية والتي لديها إمكانية الوصول للرسائل وحتى استعادة الرسائل في أغلب الأحيان. ولكننا لسنا مجرمين فلماذا يهمنا ذلك؟ 

المشكلة تكمن في أن هناك بيانات متواجدة على الإنترنت ووسائل التواصل منذ بداية انشائه وفي حال انتشار أي منشور ووصوله لعدد كبير من الناس فهذا يعني أنه لن يتم مسحه أبدًا فحتى لو تم مسحه من الحساب الرئيسي فهو ما يزال موجودًا عند من وصل إليهم وربما قام أحد بتصويره أو حفظه بأي شكل كان! 

هذا يعني أيضًا أن جريمة التشهير بالمعلومات الشخصية أو نشر معلومات مغلوطة عن أي شخص يجب أن تنال أكبر عقاب ممكن لأنها يتم نشرها في مكان لا يمكن مسحها منه من جديد باعتراف الشركات المعنية! 

ولكن بالتفكير في الأمر ففكرة أن معلوماتنا باقية بقاء الإنترنت تجعل من كل فعل نقوم به أكثر ثقلًا بكثير. ومن كل معلومة ننشرها سهمًا قد يعود منطلقًا لنا من جديد. ألم يسبق أن رأيتم من قبل شخصًا يحاول مسح معلومة ما لكن الأوان قد فات؟ أو أخر يهرب من ماضٍ توقف عنه لكن لم يمسحه تاريخ الإنترنت؟

يطرح هذا تساؤلات كبيرة، هل نحن بأمان على الإنترنت؟ ولماذا نشارك خصوصياتنا دون تفكير رغم علمنا أن مسحها للأبد أمر مستحيل؟ هل سبق ونشرتم شيئًا في مواقع التواصل ثم ندمتم على ذلك؟