برأيكم هل تغني القصص الملهمة عن الأصدقاء لتخطي الأوقات الصعبة؟

أعتقد أنّ ما يحصل عند مشاهدة مسلسل يعكس معانتنا وما نمر فيه أنّنا نشعر بأنّنا لسنا وحدنا بما نعيشه. بل على العكس هناك من يشاركنا ذلك. هذا النّوع من الاتصال أشعر به عند الاتّصال بكتاب. أشعر كأنّما شخصية الرواية أو الكتاب تعاني من نفس ما أعانيه.. نوع من الإسقاط.. إلّا أنّه ليس عبثي بحيث يضعنا أمام حلول ومقترحات حول المشاكل المشتركة والمتشابهة, أدرس الشخصيّة وسلوكها وتصرّفها إزاء المشكلة ثم أفكّر قد يكون الحل أمامي نفس الحل أمام تلك الشخصية. ومن هذا المنطلق هناك ما يسمّوه العلاج بالفن بحيث ينطلق من قدرة الفن في التأثير علينا وبناء شخصية أفضل ويدخل ضمن الفن النتاج القصصي والسينمائي وغيره.

بالفعل سماح ،القصص والروايات والمسلسلات والأفلام، والكتب الجادة التي تصدر عن مؤلفين أكفاء بصفة عامة، تساعدنا على الثبات والحفاظ على توازننا الداخلي أكثرمن الأصدقاء، إذ ينتجها أصحابها استجابة لظروف ذاتية وموضوعية، تروم التنبيه إلى معضلة فردية أو اجتماعية، وكيفية معالجتها وإيجاد حل مناسب لها، ومن ثم تلهمنا وتحفزنا وتقوي إيماننا بأن لكل مشكلة حلا. والكتب كذلك تطور طريقة تفكيرنا، وتوسع آفاق رؤيتنا، وهي من أهم مصادر ثقافتنا ونمو وعينا، وإلا ستكون مضيعة للوقت لا غير.

بالطبع القصص المُلهمة تساعدنا في في تخطي أحزاننا وتعطينا الأمل،

الإنسان يحتاج إلى حافز أو إلى شيء يحرك مشاعره الداخلية .. وهذا متوفر بشدة في المسلسلات والأفلام خصوصا الهادف منها، والذي يحمل رسالة معينة.

نحن نحب الأفلام والروايات والمسلسلات والكتب لأن أبطالها يفعلون ما نعجز نحن عن فعله في أرض الواقع.

ولذلك نستلهم من قصصهم أشياء كثيرة.

ضيت أياما متتالية في متابعة مسلسل manifest، أتممت أجزاؤه الأربعة في غضون أيام

في أيام الثانوية، يمكنني القول بأن المسلسلات أثرت في نفسيتي كثيرا، ولكن بعد أن أدمنت على قراءة الروايات بدأت نفسيتي تتحسن مع كل رواية.

وبحسب دراسة حديثة، فإن القراءة النشطة للكتب الملهمة يمكن أن تحسن الصحة العقلية وتساعد في التغلب على المشاعر السلبية والأوقات العصيبة. ولكن السؤال هو: هل يمكن للقصص الملهمة أن تحل محل الأصدقاء؟ الإجابة هي أن لا يمكن، فالأصدقاء يحملون الدعم العاطفي والمعنوي الذي لا يمكن للقصص الملهمة أن تقدمه. ومع ذلك يمكن استخدام القصص الملهمة كأداة إضافية للحصول على الدعم اللازم لتخطي الأوقات الصعبة.

لست مع فكرة إسترجاع الأنفاس والآمال عن طريق مشاهدة المسلسلات والأفلام، لكن بما أنها أفادتك في بعض ما كنت تعانين منه، فهذا أمر جيد، لا أرى بأن مشاهدة مسلسل ما سبيل لزيادة الإيمان سواء بأنفسنا أو بديننا، شخصيا؛ أحب مشاهدة المسلسل أو السلسلة من دون ربطها بحياتي الشخصية، أشاهد للإستمتاع فقط وتمضية وقت جميل، قد أحاول فهم وتحليل مجريات الفلم وغيرها من الأمور، لكني لا أربطه بحياتي في أي شيء أخاف أن يصبح تعلقا أو أن تتأثر حياتي بتلك المشاهد إن لم تكن بالإيجاب فستكون بالسلب.

• هل حقا قد تساعد القصص الملهمة في تخطي أحزاننا، والغفران لأنفسنا؟

الجواب دون إسهاب هو: نعم، يا سماح. تجربتك واحدة من التجارب التي تدعم جواب الإيجاب الذي بدأت به. "لقد كان في قصصهم عبرة."، "فاقصص القصص لعلهم يتفكّرون" ... حقا سِيَرُ الآخرين وحَيَوَاتُهم دروسٌ لنا وعِبرٌ، ولهذا جاء فعل الكلام الآمرُ باعتماد الأسلوب القصصي في بناء وعي الإنسان وعودته إلى دفء الإيمان.

رحلة الطائرة 828! من أجمل المسلسلات فعلاً، قبل شهر أو أكثر ربما كنت أنتظر حلقاته الأخيرة وتابعته كلّه، بالفعل، أشعر بشعور شبيه لما تقولينه حضرتك، ولكن هذا الأمر ليس بجديد، ما وظيفة الكتب أصلاً والروايات؟ هذه أهم وظيفة أصلاً لهم، أن يقولوا لنا بأنّ هناك إنساناً قبلك فكّر بما تفكّر به ووجد حلّاً يمكنك الإطلاع عليه، هذا بالنسبة للكتب، وبالنسبة للروايات بأنّ هناك بشر عاشوا أموراً صعبة جداً واجتازوها باستخدام تارةً في عمل ما الحب وتارةً الأمل وفي أعمال أخرى الذكاء وفي أخرى الحكمة والصبر، وفي أخرى وأخرى الإصرار وتحمّل الآلام واستمرارية السعي، هذه وظيفة القصص، في أنّها تُسهّل علينا ما يصعب علينا، لا أجد وظيفة أرقى للروايات والأفلام والمسلسلات من هذه الأمور.

"لا بأس، أنت تستحقي المغفرة، ابدأي من جديد،

كلّما كان المسلسل أو العمل إجمالاً أفضل كلّما ازددت إيماناً باستحقاقك أو على الأقل بإيمانك بأهمية وجودك، بالنسبة لي هذه المشاعر أمور لا تخلقها السينما ولا يخلقها التلفزيون، بل يُخرجها منّا، هي كامنة فينا، مشاعر كامنة فينا تُخرجها هذه الأعمال.