~ما شدّني إلى هذا الفيلم منذ اللحظة الأولى هو قربه من عالمي الداخلي؛ أنا التي أحب تدوين اليوميات، والهرب إلى الروايات حين يخفت الحب أو يغيب. وجدت في البطلة ظلّي: امرأة ترمّم هشاشتها بالكتابة، وتداوي نقص الحياة بصفحات الكتب.

~وزاد انجذابي له ذلك الإيقاع الكلاسيكي في طريقة السرد، وتلك الألوان الباهتة التي تعيدك فجأة إلى زمن التسعينات. شيء في خامة الصورة وصوتها يجعلك تشعرين أنك تشاهدين فيلمًا خرج من ذاكرة قديمة، لا من شاشة حديثة. إحساس يشبه رائحة بيتٍ قديم؛ لا تعرفين لماذا تحبينه، لكن يدهشك حضوره

~لكن الشخصية التي أشعلت أعصابي وتعاطفي في آن واحد كانت نانسي—الصديقة السيئة التي اعتادت أن تنال كل ما ترغب به، والتي تحوّل الرفض إلى حرب شخصية. حين أحبّت حبيب جميلة صديقتها بدلًا منها، قررت أن علاقة جميلة يجب أن تُدمَّر مهما كلّف الأمر، لأن وجود جميلة صار في نظرها "خصمًا" وليس صديقة.ورغم نفوري منها، رأيت فجوة الألم خلف سلوكها:

فتاة تحمل وصمة زواج والدها العرفي، تبحث عن مكان لها في قلب رجل يصدّها، وتخوض كل معاركها لتثبت أنها "ابنته" حقًا. هذا الصراع منحها قسوة، لكنه منحها أيضًا هشاشة لا تُرى.

ورغم كل تخبطها وعلاقاتها العابرة، بقيت ممسكة بحدّ معيّن، لم تسمح لرجل أن يقترب منها… لكنها سمحت لصديقتها أن تتعثر بما تجنبتْه، وكأنها تنقل الجرح بدل أن تعالجه.

أما جميلة، فهي النموذج المؤلم للمراهقة الساذجة التي يجرّها الكلام الحلو والمشاعر السريعة نحو حافة الخطر. كانت تملك صداقات عديدة، لكن صوتًا واحدًا—صوت نانسي—كان كافيًا ليقودها إلى التهلكة. تذكير آخر بأن أكثر من يدمّرنا غالبًا هم من نمنحهم شرعية التأثير على حياتنا

~الحكمة التي يخلفها الفيلم واضحة بقدر ما هي قاسية:

المنزل الذي يخلو من الحب، يصنع أبناءً يبحثون عنه في الخارج مهما كان الثمن.

حين يكون الجو الأسري متوترًا، أو الأب بعيدًا، أو العاطفة شحيحة، تتحول أي لمسة اهتمام إلى طوق نجاة—even لو كان الطوق مُثقلًا بالرصاص.

وربما كانت مأساة جميلة أكبر مثال على ذلك. رغم وقوعها في خطأ جسيم، كان رؤوف يحبها بصدق، وظلّ متمسكًا بها. لكن ما خسِرَته لم يكن بسيطًا: سمعتها، جسدها، أمانها، طفل لم يأتِ، وثقة مكسورة. وحين طلب منها الزواج، كان كل شيء متأخرًا—لم تعد هي نفسها.

الصدمة تغيّرنا إلى حدّ لا نعود نعرف فيه وجوهنا القديمة.

ألمها صار أثقل من قدرتها على استقبال حب جديد، حتى لو كان صادقًا. 

~هذا الفيلم أعاد تشكيل نظرتي للحب المندفع. ليس كل ما نقرأه في الروايات يصلح للعيش خارح الصفحات، وليس كل حب وُلد بشغف يستطيع أن يعيش بعمرٍ طويل. جميلة أحبّت بكل رومانسية مراهقتها، لكن قلبها انقلب عليها، ورغبتها تلاشت رغم استمرار حب رؤوف لها.القلوب تتقلب، ولا سلطة لنا عليها

~ولو منحوني فرصة كتابة نهاية أخرى للفيلم؟

كنت سأختار نهاية أكثر عدلًا وقوة:

 اولا:محاسبة نانسي ومن شاركها في الجريمة، فبعض الأخطاء لا يجب أن تمر بلا عقاب.

ثانيا: أكتب نهاية تليق بجميلة: تقبل الزواج، تبدأ حياة جديدة، تستعيد نفسها بدل أن تبقى عالقة في ندم لا يرحم.