كثيرا ما نجد أن طاقم معين من الممثلين عندما ينجح لهم عمل سويًا يقرر صناع الأعمال أن يجمعوهم مرة أخرى أو عدة مرات ظنًا أن الجمهور طالما أحبهم مرة وتعلق بهم فهو سيفضل مشاهدتهم مرة أخرى وهذا يضمن نجاح العمل، وهو صحيح نظريًا وعمليًا في كثير من الأوقات، ولكنه برأيي يحتاج لتوفر مختلف العوامل التي ساهمت في نجاح العمل أول مرة كجودة القصة والأحداث، رسم الشخصيات بطريقة جيدة وتطويرها على مدار الأحداث بشكل منطقي، لأن هذا ما خدم نجاح الممثلين بالدرجة الأولى في العمل الأول، ولكن مع إهمال هذه العناصر سيكون تكرار العمل مع نفس الطاقم بلا فائدة لأن الناس لن تتقبل حتى شخصياتهم الجديدة أو علاقتهم المختلفة ببعضهم البعض بعدما عرفوهم بشكل معين، فما رأيكم هل اختيار نفس طاقم العمل من الممثلين يخدم نجاح العمل وتقبله لدى الجمهور أم لا؟
تكرار عمل نفس طاقم الممثلين مع بعضهم في أعمال مختلفة يضعف من تقبل العمل عند الجمهور أم يقويه؟
فما رأيكم هل اختيار نفس طاقم العمل من الممثلين يخدم نجاح العمل وتقبله لدى الجمهور أم لا؟
لو لاحظنا مستوى جودة الأعمال في رمضان مثلًا في السنوات الأخيرة، سنجد أن إجابة السؤال واضحة: نعم تكرار طاقم الممثلين مع المخرج وحبكة تجارية وقصص لا قيمة لها، هي السبيل إلى تحقيق أعلى الإيرادات في رمضان، والأمثلة كثيرة جدًا، بل حتى من أعتبرتهم يومًا من أفضل المخرجين، على الأقل مقارنة بالحاضرين بقوة في ساحة الإنتاج، أيضًا ذهبوا لنفس الأساليب التجارية البحتة في الأفكار والقصص لنشر عدد أكبر من المسلسلات وغيرها، لذلك لو أنكِ أطلعتي فقط على بعض إعلانات مسلسلات رمضان هذا العام، ستجدِ أننا نسير على نفس الخطى دون أي تغيير حتى في أي عامل بسيط لمحاولة التفكير فقط في محتوى ذو قيمة.
أعتقد أن هذا الأسلوب ليس بجديد؛ فلقد إعتدنا عليه بالأعمال المسرحية خاصة، فنجد مثلا، فنانين كبار مثل محمد صبحي، وعادل إمام، قاموا بعمل العديد من المسرحيات، بمشاركة فريق تمثيلي شبه ثابت، لكن معظم تلك المسرحيات حقق نجاحا كبيرا، وهو ما لم يعطي مجال للإعتراض على الأمر!..
لكن مع ما نعايشه الآن من سطحية وإسفاف بمعظم الأعمال الدرامية، يجعلنا نستاء من تكرار البعض لنفس التجارب والأعمال الفاشلة!
ولكن أماني عوامل نجاح الأعمال المسرحية لمحمد صبحي وعادل إمام لا يعني بالضرورة أنها كانت على المستوى العميق من جودة المحتوى، لا أنكر أنها لا تقاس بالإسفاف الحالي، بل تعرض مشكلات اجتماعية وفلسفية إما بالفكاهة أحيانًا وإما باستعراضات قوية أيضًا، وهنا تحديد جودة المحتوى من عدمه خاضع لمعايير شخصية لكل مشاهد، فالبعض يكره مثلًا "مدرسة المشاغبين" في حين يراها الآخرون انعكاس واضح لحالة المجتمع وانحدار مستوى التعليم آنذاك، لذا معايير الحكم على أي عمل فني كثيرة جدًا.
أعتقد أن هذا يعود لتشابه أغلب الأعمال التي قدموها من حيث النوع والمحتوى وبالتالي الجمهور لم يشعر باختلافات كبيرة بل شبه الأمر بأجزاء تكميلية لعمل واحد، فعادل إمام مثلا كممثل هو لا يغير لا من طريقته ولا من أسلوبه ولا من انفعالاته في الأدوار الكوميدية تحديدا ومع ذلك لم يمل منه الناس ولم يقل قبوله عند الآخرين وبنفس الطريقة في القياس هو جمع معه فريق واستخدمه بنفس الطريقة لنفس الأغراض لأن الناس أحبوا المحتوى على هذا النحو. المعضلة الأكبر تنشأ عندما تختلف القصص والألوان والشخصيات إلي حد كبير في كل عمل فإن تكرار نفس الطاقم سيقلل من مصداقية العمل عند الجمهور لأنه بطريقة أو بأخرى الجمهور يتعامل مع الأعمال ويتفاعل معها كأنها حقيقة فإن علق معه شصيتين كانوا زوج وزوجة مثلا سيكون من الصعب عليه تقبلهما معا وهم أخوة أو أعداء أو لا علاقة بينهم.
إعادة استخدام نفس الطاقم ليست مجرد رغبة من صناع العمل في تكرار النجاح، بل هي استثمار مدروس في "كيمياء" الممثلين التي أثبتت فعاليتها. الجمهور لا يتعلق فقط بالقصة، بل بالعلاقة الديناميكية بين الشخصيات، وهذا ما يجعل إعادة جمع نفس الطاقم عامل جذب قوي.
صحيح أن الجمهور قد لا يتقبل رؤية نفس الممثلين في أدوار وعلاقات مختلفة، لكن عمليًا، هناك تجارب تثبت العكس. وكثير من الثنائيات في الدراما والسينما العالمية والعربية أعيد استخدامها مرارًا بنجاح (مثل ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت بعد Titanic، أو أحمد حلمي ومنى زكي في السينما المصرية).
كما أن التجربة الشخصية هنا تلعب دورًا، فأنا شخصيًا كنت أتحمس لرؤية نفس الممثلين في عمل جديد إذا كنت قد أحببتهم سابقًا، لكن بشرط أن يكون هناك اختلاف واضح في القصة وتقديمهم بشكل غير مكرر. أحيانًا، رؤية ممثلَين ناجحين في فيلم رومانسي ثم مشاهدتهما في فيلم آخر بشخصيات مختلفة تمامًا، يمنح إحساسًا بالتجديد بدلًا من الملل.
برأيي أن الكيمياء بين الممثلين تبنى من خلال قوة القصة والتحضير الجيد للشخصيات من خلال فهمها وإضافة بعد مميز لها وبتوجيه من إخراج متمرس ولجهد شخصي في الأداء التمثيلي لكل طرف من الأطراف بمعنى أن الكيمياء تنشأ من خلال مجموعة عناصر لازمة لنجاح أي عمل فني ولا تنشأ بشكل تلقائي وبالتالي هذه الكيمياء قد تختفي مع عدم توافر بعض أو كل هذه العناصر في الأعمال الجديدة لنفس طاقم العمل من الممثلين.
بالنسبة لي، نجاح أي عمل لا يعتمد فقط على تكرار نفس الممثلين، بل على الروح الجميلة والكيمياء بينهم. هناك بعض الفرق التمثيلية التي تجعل أي عمل ناجحًا، حتى لو كانت القصة مختلفة، لأن تفاعلهم معًا طبيعي وقوي. عندما يكون هناك انسجام حقيقي بين الممثلين، يشعر المشاهد أنهم ليسوا مجرد شخصيات تمثيلية، بل أشخاص حقيقيون، وهذا ما يجذب الجمهور كل مرة.
لهذا، لا أرى أن تكرار نفس الممثلين أمر سلبي في حد ذاته، بل يعتمد على مدى حفاظهم على هذه الكيمياء في كل تجربة جديدة. فهناك فرق بين التكرار الناجح الذي يُبنى على الانسجام الحقيقي، وبين الاستسهال الذي يجعل الأعمال تبدو مكررة بلا روح.
الفكرة يا سمر أن قوة نجاح العمل الأول الذي يجمعهم معا قد يكون أكبر وأهم سبب لفشل أعمالهم الأخرى معا لعدة أسباب منها عدم تقبل الشخصيات الجديدة فمثلا ممثل وممثلة أحبهم الناس عندما كانت تجمعهم قصة حب وتعلق المشاهدين بهم وبقصتهم وأحبوا الكيمياء التي بينهما ولكنهم الآن يمثلان معا دور أخ وأخته! وكذلك فكرة مقارنة العملين نفسها فعندما يحقق عمل بعينه نجاح كبير جدا يترقى لفكرة أن يكون معيار يقارن به بقية الأعمال الأخرى فنقول مثلا هذا العمل جيد ولكن ليس مثل العمل الفلاني وفي حالة تشابه نفس طاقم العمل هذا سيسلط الضوء أكثر على فكرة المقارنة هنا مما يظلم العمل نفسه لأنه في طبيعته مختلف وبالتالي لا تجوز المقارنة من الأساس.
أفهم وجهة نظركِ يا رنا، ولكن في رأيي أن الناس قد تكون مبسوطة مع تكرار ظهور نفس الشخصيات في قصص مختلفة. ذوقنا جميعاً ليس واحداً، فمما يعجبني قد لا يعجب غيري. نحن دائماً نبحث عن قصص جديدة ومتنوعة، وليس بالضرورة أن نرى نفس الشخصيات في قصة حب متكررة. كنت أتابع مسلسلاً تركياً كان فيه شخصان متزوجان، وفي مسلسل آخر نفس الشخصين كانا يلعبان دور الأخ والأخت، ورغم ذلك حقق المسلسلان مشاهدات عالية. هذا يدل على أن الناس قد تحب الشخصيات نفسها في سياقات مختلفة، وبالتالي التنوع في القصص يساهم في نجاح العمل ويزيد من متابعة الجمهور له مهما كانت الأدوار.
بالنسبة لي لا أتقبل ذلك إلا إذا تمكن الأبطال من إضافة شيء جديد وأداء مختلف في كل مرة يظهرون فيها مع نفس الطاقم، فتكرار نفس الوجوه قد يصبح مملًا إذا لم يتم تجديد الشخصيات أو تقديم أدوار متنوعة تعكس تطور الممثلين وقدراتهم، الجمهور يحب التنوع والإبداع، وإذا كانت الأدوار متشابهة أو لا تقدم جديدًا، قد يؤثر ذلك سلبًا على تقبل العمل، ولكن إذا كان هناك تجديد في الأداء والتركيبة الدرامية، فإن اختيار نفس الطاقم قد يكون مفيدًا ويسهم في نجاح العمل.
إذا كنتَ تعتقدين أن نجاح عمل فني يعتمد فقط على "تكرار طاقم الممثلين"، فأنت ببساطة لم تفهم شيئًا في صناعة الفن! فشل الأعمال التي تُكرر طاقم الممثلين لا يعود إلى "إرهاق الجمهور" كما تزعم، بل إلى غياب الإبداع وتكرار النمطية! إذا كانت القصة سيئة والإخراج ضعيفًا، فلن ينقذ العمل حتى لو جمعت كل نجوم هوليوود في فيلم واحد!
المشكلة من وجهة نظري أنه عندما يرتبط الممثل بوجود ممثل آخر معه في نفس الأعمال، فعندما ينفصلون، يشعر المشاهدون بأن هناك شيئًا ما ناقص في العمل أو غير متوفر حتى لو كان العمل جيدًا ويحكمون عليه بالفشل.
في السينما المصرية، على سبيل المثال، هناك الثلاثي المشهور "شيكو وفهمي وهشام" الذين أصبحوا مرادفًا للكوميديا في بعض الأعمال. عندما انتهت الثلاثية واختفى أحدهم من العمل أو انتهت مشاركتهم سويًا في مشروع ما، شعر الجمهور أن التركيبة فقدت حيويتها.
وهو ما يؤثر على الإيرادات، وهو ما يجعل المنتجين متخوفين من التغيير عمومًا.
أعتقد أنها في بعض الأحيان قد تحصر الممثلين داخل إطار محدد يصعب عليهم الخروج منه. عقل الجمهور الجمعي، الذي يرتبط بشدة بالصورة التي ارتسمت للممثلين في العمل السابق، قد يعيق تقبلهم لشخصيات جديدة أو علاقات مختلفة في الأعمال التالية. هذا التكرار يمكن أن يتحول إلى فخ فني، حيث يُعتبر نجاح العمل الأول نتيجة لمجموعة من العوامل المتكاملة مثل القصة الجيدة، وتطوير الشخصيات بشكل منطقي، لا مجرد وجود الممثلين المعروفين.
الأمر يعتمد على كيفية توظيف نفس الطاقم في العمل الجديد. عندما ينجح فريق ممثلين في عمل معين، فإن الجمهور يكوّن عنهم صورة ذهنية محددة، وإذا تكررت التجربة بنفس الأسلوب أو دون تطوير، فقد يفقد العمل الجديد عنصر المفاجأة ويصبح أقل جذبًا. لكن إذا تم تقديمهم في أدوار مختلفة أو ضمن قصة جديدة تمامًا، فقد يكون الأمر ممتعًا للمشاهدين، خاصة إذا كان بينهم تناغم قوي يجعل الأداء أكثر إقناعا.
هناك أمثلة كثيرة على طواقم تم تكرارها ونجحت، لكن السر كان في التجديد سواء في طبيعة الشخصيات أو نوعية العمل نفسه. المشكلة تظهر حين يتم استغلال نجاح معين بدون إضافة عناصر جديدة، مما يجعل المشاهد يشعر أنه يشاهد إعادة مكررة بفارق بسيط، وهو ما قد يؤدي إلى فتور التفاعل مع العمل. في النهاية، النجاح لا يكون فقط بوجود نفس الطاقم، بل بكيفية تقديمهم بشكل يضيف قيمة جديدة
طرحك يحمل قدرًا كبيرًا من الحكمة والوعي بطبيعة العلاقة بين الجمهور والأعمال الفنية.
صحيح أن اجتماع طاقم نجح سابقًا معًا قد يمنح العمل الجديد فرصة مبدئية للقبول، فالجمهور يرتبط بالممثلين الذين أحبهم ويتحمس لرؤيتهم مرة أخرى. ولكن كما تفضلت، النجاح الحقيقي لا يُبنى فقط على الوجوه المألوفة، بل يعتمد في جوهره على جودة النص، وحسن بناء الشخصيات، وتسلسل الأحداث بطريقة تجعل الجمهور يعيش التجربة كأنها جديدة رغم الألفة التي تجمعه بالممثلين.
حين تتوفر هذه العناصر، يصبح تكرار الطاقم عاملًا داعمًا للنجاح، لا عبئًا عليه. أما إن غابت، فقد يؤدي هذا التكرار إلى إحساس الجمهور بالملل أو الانفصال، خاصة إذا شعر أن الشخصيات الجديدة باهتة مقارنة بما عرفه وأحبه سابقًا.
أرى أن الأمر يحتاج إلى توازن دقيق بين استثمار المحبة التي يكنها الجمهور للممثلين، وبين احترام ذكائه بتقديم قصة تستحق اهتمامه من جديد.
شكرًا لك على هذه الفكرة العميقة التي تستحق التأمل والنقاش.
التعليقات