هل يمكن أن تتحول الصداقة إلى ورطة لا تنتهي؟ (من فيلم: The Banshees of Inisherin)

كم من صديق قد يؤثر وجوده سلبًا علينا، أو يدفعنا للتخلي عن بعض أهدافنا ومطامحنا في الحياة، بينما لا يقبل بفكرة إنهاء الصداقة، بل وقد يعتبرها ضربًا من الخيانة والغدر!

بعمري ما اقتنعت أن الصداقة تعني الالتصاق ببعضنا البعض في كل الاهتمامات وطرق التفكير. يمكن أن نظل أصدقاء حتى مع تغير الشخصية واختلاف الاهتمامات. هذا إذا كنا نريد الحفاظ على صداقتنا فعلًا. يمكن أن نجد نقطة مشتركة بيننا لنتقابل ونعطي الوقت لصداقتنا على كل حال.

في البداية، أود أن أشير إلى مسألة في الفيلم: أعتقد أن الخطأ في الفيلم يقع على عاتق "كولم"، الذي قطع علاقته بصديقه الوحيد دون أن يوضح السبب، فطوال الفيلم كان "بادريك" يحاول معرفة سبب هذا القرار، وهذا النوع من التصرفات الذي يتكرر مؤخراً في العلاقات بشكل عام، يكون مؤذياً للصحة النفسية للطرف الآخر لأنه يتركه في حالة من التساؤلات والشكوكية التي قد تؤدي إلى انهياره، كما حدث مع "بادريك" تدريجياً

أما بخصوص سؤالك، فلا أرى أن المجتمع من الممكن أن يكون سبباً لقطع علاقاتي مع أي شخص، ولكن عدم الاحترام والخداع يمكن أن يكونا سببين قويين يجعلانني أقطع علاقة الصداقة، أما الثرثرة الكثيرة فهي ليست سبباً كافياً لقطع العلاقة، فمن الأفضل التحدث مع الطرف الآخر وإخباره برأيي بصراحة مثل أنني لا أستمتع بالثرثرة وأراها مضيعة للوقت، ومن ثم يمكننا تقليل الحديث دون أن نقطع العلاقة نهائياً

لا يجب أن يتخلى صديق عن صديقه دون نقاش أو مبرر واضح، وشخصيًا لا يمكنني التخلي عن علاقة صداقة طويلة مهما كانت الظروف إلا إذا أراد الطرف الآخر ذلك.

كان لدي صديقة أعرفها منذ فترة دراسة الثانوية العامة أي منذ سنوات عديدة، وفجأة وبدون أي سابق إنذار تخلت عني دون مبررات، كل ما في الأمر أنني انشغلت في العمل ولم أتحدث إليها يوميًا كعادتنا، في البداية وضحت لها الأمر وكنا نتحدث في أيام الإجازات ولكنها للأسف لم تستوعب أن الصداقة تتطلب تقدير الظروف، ورفضت التحدث معي بحجة أنني لم أعد أهتم بالحديث معها وأنها هي من يبادر دائمًا، في الحقيقة كنت أريد التمسك أكثر كعادتي ولكنني شعرت أن العلاقة ثقيلة وكأنها حمل يرهقني، وذلك على عكس ما يجب أن يحدث بين الأصدقاء وهو التفاهم والاحترام والتقدير وتيسير الأمور، دائمًا ما أحب الصداقات التي أهرب من قسوة الحياة إليها ولا أشعر أنها عبء، لذلك لم أستطيع إضافة المزيد من الأعباء إلى حياتي.

لقد عانيت من مثل هذه المشكلة، وقد تمكنت من حلها، وذلك بعد أن تواصلت مع صديقي أكثر من مرة؛ ليدرك قيمة ما أحاول فعله بالنسبة لي، وكانت محاولتي ستقودنا إلى طريقين أما أن يقتنع ويتوقف عن إضاعة وقتي أو يساعدني كما يجب أن يفعل الأصدقاء وهذا ما كنت آمل به، وأما أن أبعده من طريقي وأستمر نحو هدفي، وقد شعر بما أشعر به وقرر مساعدتي فلم أخسر هدفي أو صديقي، وأعتقد أن من يفضلون التخلي بسهولة سيصلون في نهاية المطاف إلى نقطة مظلمة يكابدون بها عناء الوحدة، فما فائدة النجاح لو لم نجد من يصفق لنا ؟!