هُناك في الحياة وراثةٌ للأملاك وهُناك أيضاً أحياناً وبتجاوزاتٍ كثيرةٍ نرتكبها ونرضى عنها مراتٍ ونسخط مرّات توريثات للمناصب الإدراية ومحسوبياتٍ كثيرة، الأب يُريد الخير لابنه فيُعلّمه ويُسلّمهُ، أمّا في الأونة الأخيرة صرنا نسمعُ عن وراثات الموهبة! فما هذا المرضُ الذي ضربَ الفنّ العربيّ من أساسه وجذره، هل الفنُّ يُورّث؟ ثُمّ إن كان يُورّثُ مثل كلّ شيءٍ آخر، جيل يُسلّم جيل، هل الموهبة ذاتها، موهبة الإبكاء أو الإضحاك أو التشخيص تُورّث؟ هذا سؤالٌ يصعبُ علينا طرحه ناهيك عن الإجابة عليه في مجتمعٍ عربيٍّ يبدو أنّهُ غرِقَ في طوفان التوريث هذا فما عاد هُناك أيّ محلٍ أو مساحة أصلاً:

للمواهب الأصيلة الأكاديمية التي تعرف فعلاً ما الذي تفعله أمام الكاميرا أو على خشبة المسرح. 

فمن محمد إمام ابن الزعيم عادل إمام إلى دُنيا سمير غانم وصولاً إلى كريم محمود عبد العزيز وهيثم زكي ابن أحمد زكي وآخرون كثيرون دخلوا ويدخلون مناخ السينما ويحرزون نجاحاتٍ كاسحة ليس بسبب فقط مواهبهم وإنّما بسبب الأرضيّة التي خرجوا منها، فمن هو المخرج الذي سيرفض العمل مثلاً مع ابن عادل إمام؟ هذا أمر يجب أن نُدركه، بأنّهم لم يشقّوا طرقاً صعبةً لمواهبهم، يسأل سائل الآن: هل هُم عديمي الموهبة؟ لو كانوا عديمي الموهبة لسقطوا في امتحانهم الصعب وأقصد: شبّاك التذاكر. 

أقول لك التالي: ليس كُل شخص لطيف وظريف وصاحب كاريزما عالية هو بالضرورة مُمثل يتقن التمثيل ويتقن حرفته كما يجب أن يتقنها، نسأل عن العالمية يومياً، هل في العالمية مطارحٌ لهذا النوع من التوريث؟ من الصعب أو النادر أن نجده، لإنّ الاستديوهات هُناك في المنطقة الغربية لا تبعئ إلا بالدراما التي يجب أن تظهر أمام الناس، إنّها لعبة جماعية، لا يستخدمون الممثل فقط ويعتمدون عليه بالكليّة، هو خادم للنص وجودته ولهذا يحتاجُ دراسةً وخبرةً وموهبة وقوّة وكاريزما وخلطةً لا تتوفّر عند جميع أولاد الفنانين. 

هذه تتوفر بغالب الظنّ والتأكّد في ثنايا كليّة الفنون المسرحية، لهذا سوريا مثلاً ما زالت تُصدّر فنانين إلى اليوم بشكل عالي المستوى، لإنّ اعتمادها أقلّ على محسوبيات الآباء وقدرتهم على إيصال أبنائهم للنجومية عبر هذه الأدوار، أما مصر فهي مُتضررة كُلّ التضرر بسبب هذا الأمر حتى وإن بانَ ذلك نجاحاً. 

وأنت ما رأيك؟ هل تعتقد أنّ وراثة الفن، التمثيل أمر يجب أن يُترك لإنصاف الزمن أم يجب منع هذا الأمر إلّا بطريقة مؤتمتة مسبقاً واختبارات صارمة للنجاح عبر كليّة الفنون المسرحية التي مُهمّتها أن تُخرّج وتشرف على ذلك دائماً؟