مسلسل "The Good Doctor" هو من أفضل مسلسلات الدراما الطبية التي شاهدتها، كوني أحب هذا النوع من المسلسلات، ويتمحور حول حياة طبيب شاب عبقري مصاب بالتوحد. بالإضافة إلى الحبكة المميزة وغير المملة، أعجبت إلى درجة كبيرة بأداء الممثل فريدي هايمور الذي يجسد دور الطبيب الذي يعاني من التوحد، فلا يمكن أن يصدق المشاهد أنه مجرد ممثل وشخص طبيعي. 

ولشدة إتقانه الدور، تكون لكلماته وعبارته وقع آخر على مسامع المشاهد، فعبارة "عندما لا يكون للحقيقة نفع، ينبغي الكذب" تركت في نفسي وقعا آخر عندما قالها هو، وكان المقصود عدم إخبار مريض عن حقيقة مرضه المميت وعدم وجود أمل في الشفاء، بل إبقائه جاهلا لحقيقة مرضه. فما الذي قد يتغير إن علم أن أيامه أصبحت معدودة؟ فليقضي الكم الأكبر منها بشكل طبيعي بدلا من أن يكون إنسانا فاقدا للأمل ينتظر ساعة موته وتدهور حالته، فالوضع النفسي سيزيد من حدة مرضه ويسرع تدهور حالته.

فمن جهة، يمكننا اعتبار ذلك وجهة نظر صائبة، لأن الأيام في انتظار الموت تصبح ثقيلة جدا ولا تطاق، كما أن تأزم الوضع النفسي للمريض سيؤثر سلبا على عائلته. ولكن من جهة أخرى، أليس من حق الشخص معرفة مصيره الحقيقي؟ فلعله يود إصلاح شيء معين إن شعر باقتراب ساعة رحيله؟ أو لعله يود إخبار أمور معينة لأشخاص معينين أو تقديم بعض الاعتذارات؟ فلمعرفة أن الموت أصبح قريبا إيجابيات تمثل في أننا نستطيع الاستعداد له، قبل كل شيء، من جانب تبرأة الضمير والإصلاح.

ومسألة الكذب لأن الحقيقة قد لا تنفع تنطبق على جميع جوانب الحياة، سواء في العلاقات العاطفية أو الكثير من المواقف الحياتية الصغيرة، فيسميها البعض كذبة بيضاء. فلا ننكر أن الكذبة البيضاء تقينا مشاكل كثيرة أحيانا، ولكن السؤال يبقى:

هل الكذبات البيضاء تجعلنا نعتاد على الكذب بحيث نكذب كذبات أكبر؟ وهل أنتم مع قول الحقيقة دائما حتى وإن كانت جارحة أو غير نافعة؟ وهل الكذب على شخص حيال وضعه الصحي مبرر؟