منذ فترة كنتُ مارّةً بالسوق وإذا بي أسمعُ صوت أحدى الباعة ِ يقول "احصل على قطعتك الآن قبل نفاذ المخزون من السوق." لم يعد يهمّني ما يبيعه التاجر ولا فكرة أنني كنتُ على عجلة في أمري إذ صار جلّ همّي أن أحصل على قطعةٍ من هذا المنتج النادر الذي لن أجد منه بعد اليوم.

وعلى هذا الأساس يعمل بعض المسوّقون على تسريع الطلب من خلال غرس فكرة الندرة. وقد تم استقاء هذا المبدأ من علم النّفس الذي يفسر ظاهرة الإقبال الشديدة على المنتوجات التي يعتقد العملاء أنها ستنفذ من فكرة أن الفرد يرغب أكثر بالشيء الذي لا يستطيع الحصول إلا على القليل منه. فعدم إتاحة السلعة أمام أعين المستهلكين يرفع من قيمتها وهذا بعينه ما يسمى ب"وهم الندرة" أي الحالة التي يتوهم فيها الفرد أن منتج ما على وشك النفاذ من السوق وتكون الندرة مزيفة وغير حقيقية. ما يحتاجه هذا النوع من الاستراتيجيات توظيف مهارات الإقناع في الحملات الإعلانية أو الإعلانات بشكل كبير. وتحتل شركة آبل الصدارة في هذا النوع من الاستراتيجيات حيث في كل إصدار جديد لها نرى طوابير لا متناهية من الجماهير الساعية للحصول على أحدث هاتف أو آيباد. ولدى البحث في سبب ذلك نعرف أن العبارات التي تستخدمها الشركة في إعلاناتها التسويقية تشجع العملاء ليس على الشراء فقط بل على ترك كل أعمالهم للحصول على منتج آبل الأحدث فورًا مثل " الكمية محدودة" أو " الأولوية تسبق الحضور".

وهنا راوردني سؤالين : " هل هذا النوع من الاستراتيجيات يأخذ بعين الاعتبار البعد الأخلاقي أم أن الكذب في مجال التسويق " كذبة بيضاء لا أكثر"؟ وهل نجاح هذه الاستراتيجية يشمل جميع أنواع العملاء بدون اختلاف؟