عندما يُذكر التحرش، يتبادر إلى أذهاننا مشهد واضح: طرف ضعيف تم انتهاك خصوصيته، وطرف مُدان يستحق العقاب. وهذا أمر لا خلاف عليه من ناحية قانونية أو أخلاقية. لكن يوجد هناك وجه آخر لهذه الظاهرة يمكن النظر إليه من زاوية مختلفة ربما تبرر هذا الفعل.

يُدرج بعض المتخصصين السلوكيات الجنسية القهرية ضمن ما يُعرف باضطرابات السيطرة على الدافع (Impulse Control Disorders) أو اضطرابات البارافيليا في الحالات الأكثر تعقيدًا. هنا يظهر سؤال جدلي قد يسعى إلى تبرئة أو فهم أعمق: هل كل من يمارس سلوكًا تحرشيًا مدفوعٌ فقط بنية الإيذاء؟ أم أن بعضهم قد يكون أسيرًا لاضطراب نفسي لم يخضع للعلاج؟

هذا يعني أن المرض ممكن أن يُسقط المسؤولية، بل إنه يضيف بعدًا جديدًا في التعامل مع الجريمة: العقوبة وحدها قد تردع، لكنها لا تعالج. وفي حالات متكررة، يصبح التكرار دليلاً على وجود خلل لم يتم التعامل معه جذريًا، لا في الضبط المجتمعي فقط، بل في بنية الشخص نفسه.

ربما لا نملك إجابات قاطعة، لكننا بحاجة إلى طرح الأسئلة الصعبة التي تنقلنا من منطق الانتقام إلى منطق الفهم، لا لنلتمس الأعذار، بل لنمنع التكرار.

لو كنت مكان القاضي، كيف ستحكم على هذا المتحرش أو بمعنى أصح "المريض"؟